الولايات المتحدة تلوح بفرض عقوبات على حفتر بعد تراجعه عن فتح مواني النفط تحت تأثير الروس (Reuters)
تابعنا

لوحت الولايات المتحدة مجدداً بفرض عقوبات على الجنرال الانقلابي الليبي حفتر بعد تراجعه عن فتح مواني النفط تحت تأثير نفوذ مرتزقة فاغنر الروس.

فرغم الضغوط الأمريكية المتزايدة لفتح المواني وتهديد السفارة الأمريكية لدى طرابلس بفرض عقوبات على من يعرقلون جهود استئناف تصدير النفط، تلاعب حفتر بواشنطن باستخفاف وتحدٍ.

جاء ذلك في مقال لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قالت فيه إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تحقق في الروابط العميقة بين ‫حفتر والمرتزقة الروس، رغم أن تسليط الجيش الأمريكي الضوء على نشاط فاغنر في ليبيا ليس جديداً، فقد سبق أن اعتبر مسؤول عسكري أمريكي أن فاغنر "أخطر من داعش".

ومع أن ليبيا لا تقع ضمن دائرة أولويات الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة مع اقتراب موعد انتخاباتها الرئاسية، إلا أن ازدياد النفوذ الروسي في ليبيا خاصة بمنطقة الهلال النفطي، وحتى في حوض مرزق النفطي في أقصى جنوب غرب البلاد، هو أكثر ما يقلق واشنطن.

تحقيق أمريكي حول "روابط عميقة" بين حفتر وفاغنر

أشارت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إلى أن البنتاغون سيركز في تحقيقه على "الروابط العميقة مع حفتر"، بمعنى أن وزارة الدفاع الأمريكية تبحث عن أدلة قوية تمكنها من تبرير فرض عقوبات على الجنرال الانقلابي الليبي لعلاقته بشركة أمنية تقع تحت طائلة العقوبات الأمريكية.

واستندت الصحيفة إلى مسؤولين أمريكيين قالوا: إن "واشنطن هددت حفتر بالعقوبات بسبب رفضه إعادة فتح صادرات النفط، وهو قرار اتخذ تحت التأثير (أو النفوذ) الروسي"، مشيرة إلى أنه في السابق كانت التهديدات الأمريكية فضفاضة، لكن هذه المرة تم ذكر حفتر بالاسم، ولو بشكل غير رسمي، ما يعني أن واشنطن رفعت سقف ضغوطها على الجنرال الانقلابي قليلاً.

وبحسب مسؤول أمريكي قالت الصحيفة إن وزارة الخارجية الأمريكية أوصلت التهديد بفرض العقوبات إلى حفتر لأنه "كان يتصرف بسخافة وتصلب" مع موضوع فتح النفط، وأنه تلاعب بواشنطن باستخفاف وتحدٍ عندما سمح في البداية بإعادة فتح المواني (النفطية) لكنه غيّر رأيه عندما انتقلت قوات مجموعة فاغنر إلى (ميناء) السدرة (600 كلم شرق طرابلس)".

الكونغرس يتحرك لإقرار عقوبات على حفتر وداعميه

ليس ازدياد النفوذ الروسي فقط ما يقلق واشنطن في ليبيا، بل إن علاقات حفتر بالنظام السوري وبالحكومة الفنزويلية لا تبعث على ارتياح الإدارة الأمريكية التي تفرض عقوبات عليهما، الأمر الذي دفع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي إلى اعتماد تعديلات على مشروع قانون "دعم الاستقرار في ليبيا".

وفي حالة إقرار التعديلات الجديدة على مستوى الكونغرس بغرفتيه والبيت الأبيض، فإن مليشيات حفتر ستكون تحت طائلة هذه العقوبات، بما فيها الجماعات التي تدعمها على غرار شركة فاغنر الروسية.

هذا ما دفع صحيفة "ليزا فيسي مايا" الروسية إلى استنتاج، بحسب إحدى مقالاتها، أن واشنطن بدأت تتخلى عن الحياد في ليبيا، بعد تهديدها بفرض عقوبات على حفتر.

وبحسب وول ستريت جورنال لا تبدو الجهود الأمريكية فعالة حتى الآن، مقارنة بالنفوذ الصامت لمرتزقة فاغنر، الذين ينتشرون من مدينة سرت شمالاً إلى حقل الشرارة النفطي بالجنوب الغر بي مروراً بقاعدة الجفرة الجوية (وسط)، حيث تتهم واشنطن ضمناً شركة فاغنر الروسية بعرقلة خططها لاستئناف تصدير النفط الليبي.

وما تردد عن مقترح أمريكي لجعل الهلال النفطي منطقة منزوعة السلاح تحت إشراف أوروبي، يصطدم بالواقع على الأرض، فمليشيات حفتر ومرتزقة فاغنر يحفرون الخنادق ويضعون سواتر ترابية غرب سرت، بحسب صور أظهرتها مواقع وحسابات موالية للحكومة الشرعية.

ما يعني أن مليشيات حفتر تستعد لمعركة طويلة، وليس في حسبانها الانسحاب من سرت والجفرة سلمياً، مثلما تسعى إليه جهود أممية ودولية لنزع فتيل حرب دموية اقتربت من عقدها الأول.

بالمقابل يواصل الجيش الليبي حشد أعداد كبيرة من قواته منذ نحو سبعة أسابيع، استعداداً لحسم المعارك عسكرياً في حال فشلت الجهود الدولية في إيجاد حل سلمي يجنب البلاد مزيداً من الدمار.

عقوبات أمريكية لردع حفتر

رغم تراجع الدور الليبي في الأزمة الليبية فإن الولايات المتحدة الأمريكية تملك ورقة ضغط قوية ضد حفتر، الذي عاش بها أكثر من 20 سنة، فضلاً عن أنه يحمل جنسيتها.

حيث أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه وفقاً لسجلات الممتلكات الأمريكية، فإن حفتر يمتلك مزرعة بقيمة 185 ألف دولار، ومسكناً بقيمة 364 ألف دولار في ولاية فيرجينيا، ممَّا يجعله عرضة للعقوبات الأمريكية.

لكن هذه الأرقام أقل بكثير ممَّا نشرته صحيفة نيويورك تايمز، التي تحدثت في يونيو/حزيران الماضي أن محكمة فرجينيا قبلت رفع قضية لعائلتين ليبيتين ضد حفتر بسبب امتلاكه عقارات في المدينة، اشتراها ما بين عامي 2014 و2017 بقيمة 8 ملايين دولار.

وأياً كانت قيمة ممتلكات حفتر في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن مجرد فرض عقوبات عليه يعني أنه أصبح منبوذاً دولياً، حتى من الدولة التي يحمل جنسيتها، وكان في يوم من الأيام محسوباً على أجهزتها الأمنية، وفق وكالة الأناضول.

كما أن واشنطن سبق أن فرضت عقوبات على رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، وجمدت حساباته المالية في 2016، بسبب عرقلته الاتفاق السياسي، لكن دون أن يكون لذلك كبير أثر على زحزحة موقفه من حكومة الوفاق.

لكن ليس واضحاً ما حجم تأثير العقوبات على حفتر، سواء فُعّلت أو لم تُفعّل، على تليين موقف تجاه الحلول السياسية؟ وهل سيكون تجميد ممتلكاته كافياً لردعه؟

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً