قيس سعيد يلتقي راشد الغنوشي ويوسف الشاهد من أجل تقريب وجهات النظر حول حكومة إلياس الفخفاخ (رئاسة الجمهورية التونسية)
تابعنا

بعد ماراثون طويل من المشاورات التي قادها رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، التي شهدت تقلبات عديدة برزت ذروتها السبت الماضي، عندما قررت حركة النهضة الانسحاب من المشاورات وعدم التصويت للحكومة، قررت رئاسة الجمهورية الدخول على الخط من أجل إنقاذ البلاد من انتخابات جديدة.

الرئيس التونسي قيس سعيّد، وبعد لقاءه الفخفاخ، دعا رئيس البرلمان راشد الغنوشي ورئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد، ليؤكد لهما أن العودة إلى الشعب بـ"إجراء انتخابات برلمانية" هو الحل الدستوري في حال عدم حصول الحكومة برئاسة المكلف إلياس الفخفاخ على ثقة البرلمان.

وشدد سعيّد على وضوح نص الدستور التونسي في ظل أزمة تشكيل الحكومة، قائلاً: "إن الفصل 89 هو الذي يجب أن يطبَّق في ما يتعلق بتكوين الحكومة"، ما يعني أنه لا يمكن للبرلمان سحب الثقة عن حكومة تصريف الأعمال برئاسة الشاهد، ويترتب على عدم منح الثقة لحكومة الفخفاخ حل البرلمان والعودة إلى الانتخابات.

هذا اللقاء الذي بدا وكأنه محاولة من الرئيس لتحميل الأحزاب مسؤوليتها ولعب دور الوساطة بين الفخفاخ وحركة النهضة، فتح الباب لبداية مشاورات جديدة أعلنها الاتحاد العام التونسي للشغل.

تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه بالسيد راشد الغنوشي والسيد يوسف الشاهد.

Posted by ‎Présidence Tunisie رئاسة الجمهورية التونسية‎ on Monday, 17 February 2020

العودة إلى النقطة صفر

فيما تتحدث مواقع محلية تونسية عن لقاء خاص سيجمع نبيل القروي رئيس حزب "قلب تونس" ورئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، وسيناقَش خلاله حسب تلك المواقع انضمام "قلب تونس" إلى الحكومة والحقائب الوزارية التي سيحظى بها.

وأكد القيادي في حركة النهضة العجمي الوريمي لإذاعة موزاييك المحلية، أن الحركة ستعقد مساء الثلاثاء، جلسة جديدة لمجلس الشورى لبحث آخر المستجدات واتخاذ قرار نهائي بشأن حكومة إلياس الفخفاخ.

وأضاف الوريمي أن مجلس الشورى سيتخذ موقفاً نهائياً بعد دراسة نتائج هذه المشاورات، وعلى ضوئها ستعلن الحركة موقفها بشأن المشاركة في الحكومة والتصويت لها أو عدمهما.

هذه الخطوة التي تأتي بعد يومين من قرار مجلس الشورى عدم مشاركته في الحكومة، جاءت على إثر تأكيد أمين عام "اتحاد الشغل" نور الدين الطبوبي أن "الساعات المقبلة ستشهد انفراجاً في الأزمة السياسية، مثمّناً تدخُّل المنظمتين الوطنيتين (اتحاد الشغل ورجال الأعمال) لتقريب وجهات النظر وخفض منسوب التوتر".

وحسب إذاعة موزاييك، فإن تصريح الطبوبي بانفراج في الساعات المقبلة يدل على وجود تقدم على هذا الصعيد، إذ يبدو أن اجتماعه بالقروي الاثنين، قد يكون توصل إلى إقناع الأخير بصيغة يجري فيها تجاوز هذا الإشكال، مع أن القروي أكد بوضوح أنه سيسهّل عملية تأليف الحكومة إذا ما دُعي حزبه رسمياً وفي العلن إلى المشاورات.

وفي سياق الأنباء عن قرب حصول انفراجة، أعلن مصدر مقرب من مفاوضات تشكيل الحكومة التونسية، أن رئيس الوزراء المكلف إلياس الفخفاخ عرض الثلاثاء، على حركة النهضة تعديلاً في التشكيلة الحكومية المعلَنة قبل أيام.

وفي تصريح لوكالة الأناضول، قال المصدر مفضلاً عدم كشف هويته: "الفخفاخ قدّم عرضاً جديداً لحركة النهضة بخصوص تركيبة الحكومة"، من دون تفاصيل أكثر عن فحوى العرض. وأضاف المصدر أن "مفاوضات تجري اليوم بين الفخفاخ وممثلين عن حركة النهضة، للتوصل إلى اتفاق يسمح بتجاوز الأزمة الحاصلة في تشكيل الحكومة".

معركة الدستور 

بين ثنايا المعركة السياسية، فرض الجدل الدستوري نفسه بقوة بسبب تأويلات مختلفة لفصول الدستور، إذ إن الرئيس قيس سعيد متمسك بحقه في التحكم بتشكيل الحكومة طبقاً للفصل 89 من الدستور، موجهاً بدوره نقداً مبطناً إلى حركة النهضة بسبب إعلانها عن رفض منح الثقة لحكومة الفخفاخ مع اقتراب انتهاء المهلة الدستورية.

كان ذلك رداً على تلويح رئيس كتلة حركة النهضة نور الدين البحيري بإمكانية رفض منح الثقة لحكومة الفخفاخ ولجوء حزبه لتفعيل الفصل 97 من الدستور وسحب الثقة من حكومة تصريف الأعمال برئاسة يوسف الشاهد لاستعادة زمام المبادرة.

وعلى الرغم من اعتبار سعيّد، أستاذ القانون الدستوري، أن أي تأويل خارج الفصل 89 يعتبر تعسفاً عن الدستور، يقول البحيري إن حزبه لم يخرج عن روح الدستور وإن مكتبه التنفيذي يدرس كل الخيارات بما فيها تفعيل الفصل 97 من الدستور لسحب الثقة من حكومة الشاهد وتكليف رئيس حكومة جديد تفادياً للفراغ الحكومي.

واعتبر البحيري حزبه يتحرك في كنف احترام الدستور وبصدد التشاور مع خبراء القانون الدستوري حول إمكانية تفعيل الفصل 97، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يجنب البقاء في فراغ حكومي كما يجنب حل البرلمان وإعادة الانتخابات التشريعية، في حال عدم منح الثقة لحكومة الفخفاخ.

وبين هذا الجدل الذي طغى على مشاورات تشكيل الحكومة، يبدو أن الطبقة السياسية ستكون في مأمن من هذه التأويلات، بعد عودة الروح في حكومة الفخفاح.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً