منظمات حقوقية تطالب بحظر بيع الأسلحة إلى السعودية بسبب حرب اليمن (Getty Images)
تابعنا

نحو 4 سنوات من الدمار والمعارك، كانت كافية لتحوّل الموقف الدولي من الحرب التي دشنتها السعودية في اليمن، بطلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي بدعوى استعادة الشرعية، عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وتحرّكهم إلى العاصمة المؤقتة في الجنوب عدن.

ففي منتصف ليل الأربعاء-الخميس 26 مارس/آذار 2015 أطلقت السعودية عملية عسكرية ضخمة في اليمن بمشاركة 100 طائرة و150 ألف جندي، شاركتها الإمارات بـ30 طائرة مقاتلة وعدد من دول الخليج والدول العربية، فيما أُطلق عليه اسم "التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن".

تراجع غربي

فور انطلاق عمليات التحالف بقيادة السعودية في اليمن، برزت مواقف الولايات المتحدة وبريطانيا المؤيدة للعمليات العسكرية، معلنة تقديمها الدعم الاستخباراتي واللوجستي للحرب.

جون كيري وزير الخارجية الأمريكي السابق صرح، في مارس/آذار 2015 أن بلاده تدعم التحالف الذي تقوده السعودية من خلال مشاركة المعلومات الاستخباراتية والإسناد اللوجستي، إلى جانب المساعدة في عمليات التحديد والاستهداف.

والمتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إدوين سموأل، قال في حينها إن بلاده "تدعم التدخل العسكري السعودي في اليمن بعد أن طلب الرئيس هادي الدعم، عبر كل الوسائل والتدابير لحماية اليمن وردع الهجوم الحوثي".

لكن وبعد سنوات الحرب الأربعة، التي خلّفت آلاف القتلى والمصابين ودفعت اليمن إلى حافة المجاعة وأوصلتها إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، تحوّلت المواقف وبدأت كثير من الدول تعيد حساباتها وتدرس مشاركتها في هذه الحرب "العبثية" كما وصفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

الكونغرس الأمريكي وافق في 4 نيسان/أبريل الماضي بمجلسيه، على مشروع قرار بإنهاء الدعم العسكري الأميركي للتحالف بقيادة السعودية، وهو ما عدّه مراقبون تحدياً واضحاً وصفعة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، على الرغم من استعمال الأخير حق النقض لإيقاف المشروع.

في المملكة المتحدة تزايدت الدعاوى القضائية، من قبل منظمات إنسانية، ضد استمرار تصدير بريطانيا الأسلحة إلى السعودية. وأوضحت منظمة العفو الدولية أن هذه الدعاوى تأتي للطعن في مشروعية قرار حكومة المملكة المتحدة إصدار تراخيص لتصدير الأسلحة إلى السعودية.

الاتحاد الأوروبي كان له موقف متقدم منذ انطلاق العمليات العسكرية، إذ أكد مراراً أن "الحل السياسي الشامل" هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب.

كما صادق البرلمان الأوروبي، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على فرض حظر على صادرات الأسلحة المورّدة إلى السعودية بسبب استمرار حربها في اليمن، بعد مشروع قرار قدمه عدد من أعضائه.

"بحري ينبع" والتدخل الفرنسي

تَوجّه سفينة الشحن السعودية "بحري ينبع" إلى الموانئ الفرنسية للتزود بحمولة أسلحة فرنسية متطورة كانت في انتظارها، وما تسببت به من حملة احتجاجات واسعة في فرنسا، فتح الباب مجدداً حول الدور الفرنسي في حرب اليمن.

وغادرت السفينة السعودية ميناء مدينة لوهافر شمال غرب فرنسا، خاوية الوفاض، إثر حملة حقوقية وسياسية واسعة للضغط على الحكومة الفرنسية بهدف وقف بيع الأسلحة لكل من السعودية والإمارات لاتهامهما من قِبل عدة منظمات حقوقية فرنسية بارتكاب جرائم حرب في اليمن.

"بحري ينبع" أبحرت إلى ميناء سانتاندير الإسباني، وغادرته يوم الإثنين، متجهة إلى جنوة بإيطاليا، في طريق عودتها إلى ميناء جدة. لكنها أثارت زوبعة من الانتقادات لدعم فرنسا العسكري للمملكة، وصفقات السلاح بين البلدين.

الموقع الاستقصائي الفرنسي "ديسكلوز" كشف قضية سفينة الشحن السعودية، قبل الإعلان عنها رسمياً من قبل وزيرة الجيوش الفرنسية، وذكر الموقع أن السفينة كان يفترض أن تتسلم "ثمانية مدافع من نوع كايزار" يمكن استخدامها في الحرب التي تخوضها المملكة في اليمن.

وتفيد مذكرة لإدارة الاستخبارات العسكرية نشرها "ديسكلوز" في منتصف أبريل/نيسان الماضي، أن 48 بطارية كايزار من إنتاج المجموعة الفرنسية "نيكستر"، تدعم القوات الموالية الحكومية اليمنية التي تساندها القوات المسلحة السعودية في اليمن.

وتبيّن خريطة لمديرية الاستخبارات العسكرية بعنوان "شعب تحت تهديد القنابل" أن "436 ألفاً و370 شخصاً في اليمن قد يتعرضون لضربات مدفعية محتملة" بعضها من مدافع فرنسية الصنع.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، كانت الدبابات الفرنسية في قلب معركة الحديدة، التي أوقعت 55 قتيلاً مدنياً حسب منظمة "أكليد" غير الحكومية الأميركية، نقلاً عن "ديسكلوز" التي طابقت المذكرة الاستخبارية مع صور ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية وتسجيلات مصورة.

المال أولاً

لكن، وعلى الرغم من الضغط المتواصل من منظمات حقوقية ودول عدة، لفرض حظر على بيع الأسلحة إلى المملكة بسبب الحرب في اليمن، فإن مليارات صفقات الأسلحة مع السعودية، حالت دون تنفيذ الحظر.

دونالد ترمب كررها في خطاباته، وأعلنها صراحة "يشترون الكثير منا، اشتروا بقيمة 450 مليار دولار، لدينا أشخاص يريدون مقاطعة السعودية! هم اشتروا منا بقيمة 450 مليار دولار، وأنا لا أريد خسارتهم وخسارة أموالهم، وعسكرياً نحن ندعم استقرارهم".

الرئيس الأمريكي تحدث، الخميس، وللمرة الثانية خلال 10 أيام، عن الحماية التي توفرها الولايات المتحدة للسعودية. وقال ترمب خلال كلمة أمام تجمع لأنصاره في ولاية فلوريدا إن دولاً مثل السعودية غنية جداً، وليس لديها شيء سوى المال، "فأعتقد أن بإمكانهم دفع المال مقابل الدفاع عنهم".

وقال ترمب "هناك الكثير من الدول التي ندافع عنها، وليس من العدل أن يدفعوا ثمناً قليلاً، ولكنهم سيدفعون، فهم يشترون كمية كبيرة من المعدات مقابل 450 مليار دولار، من بلادنا".

السعودية أطلقت عملية عاصفة الحزم في اليمن بمشاركة 100 طائرة (Reuters)
الحرب في اليمن تسببت في أسوء أزمة إنسانية في العالم (Reuters)
السفينة السعودية غادرت ميناء مدينة لوهافر شمال غرب فرنسا خاوية الوفاض إثر حملة حقوقية وسياسية واسعة  (Reuters)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً