المجلس الانتقالي الجنوبي رفض تسليم السواحل للحكومة (Reuters)
تابعنا

بينما يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن الذي تدعمه الإمارات لفرض سيطرته على المناطق الجنوبية التي أعلن مؤخراً عن إدارتها ذاتياً، في خطوة تهدف إلى تقسيم البلاد، يظهر خلاف واضح ينذر بأزمة بين المجلس ومن يدعمه من جهة، والسعودية التي تقود تحالفاً في البلاد منذ خمسة سنوات.

وأثار بيان أصدره "التحالف" بقيادة السعودية ينتقد فيه "المجلس الانتقالي" ردود فعل غاضبة من كلا الطرفين تجاه الآخر، واتهامات متبادلة.

وقال "التحالف" في بيان أصدره الأحد، إن الانتقالي الجنوبي "لم يتجاوب معه بشأن استمرار عمل خفر السواحل اليمنية".

وأضاف أن "المجلس الانتقالي الجنوبي يمنع قوات خفر السواحل من أداء مهامها العملياتية، ما يجعل التهديدات البحرية بخليج عدن قائمة".

هذه الاتهامات جاءت بعد ساعات من إعلان البحرية البريطانية تعرُّض سفينة تجارية تابعة لبلادها لهجوم من قبل "قراصنة" قبالة السواحل الجنوبية للبلاد.

ورد الانتقال الجنوبي على اتهامات التحالف بالقول: "لن نسلم سواحلنا لأمراء الجماعات الإرهابية في الحكومة".

ونقلت وكالة الأناضول عن خبراء في الشأن الليبي قولهم إن هذا الاتهام من قبل "التحالف" هو الأول من نوعه ضد الانتقالي الجنوبي الذي درج على وصف نفسه بالشريك الاستراتيجي للتحالف العربي في اليمن.

ويضيف الخبراء، أن ذلك الوصف يأتي في إطار سعي المجلس لكسب موقف التحالف الذي يتحكم بالملف اليمني منذ مارس/آذار 2015، إلى صفه في معركته لفرض مشروع "تقسيم اليمن" والعودة بالبلاد إلى ماقبل 22 مايو/أيار 1999 (لحظة إعلان الوحدة اليمنية).

لكن الأخطر في هذه الاتهامات حسب هؤلاء، ما يحمله من مضامين ودلالات سياسية تجاه "نظرة التحالف" وتحديداً السعودية، إلى الانتقالي الجنوبي الذي يسيطر على جزء من الشريط البحري الجنوبي لليمن.

ويقول الخبراء إن هذه السيطرة تواجه الآن اتهامات "ضمنية" من الحلفاء، بتحوُّلها إلى مصدر تهديد لخطوط الملاحة وسفن النقل والتجارة الدولية.

وجه آخر للاحتقان

ويقول مختصون إن بيان التحالف يكشف كذلك عن وجه آخر لاحتقان آخذ في التصاعد عقب إعلان المجلس الانتقالي حكماً ذاتياً في 26 أبريل/نيسان الماضي، الأمر الذي عدته السعودية تجاوزاً صريحاً لاتفاق سياسي رعته بين المجلس والحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وحظي بدعم من المجتمع الدولي.

ووقعت الحكومة اليمينية و"الانتقالي" اتفاقاً بالرياض في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تضمّن 29 بنداً لمعالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في الجنوب.

وجاء توقيع الاتفاقية عقب قتال شرس بين الطرفين في أغسطس/آب الماضي، انتهى بطرد الحكومة التي اتهمت الإمارات بتدبير انقلاب ثانٍ عليها بعد انقلاب الحوثيين، وهو ما نفته أبو ظبي.

خلافات حول السواحل

ورداً على بيان التحالف، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي نيته عدم تسليم السواحل للحكومة التي وصفها بـ"الإرهابية".

وقال نائب رئيس المجلس هاني بن بريك في تغريدة عبر تويتر: "ليبدأ التحالف أولاً بالضغط على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لتنفيذ اتفاق الرياض الذي ينص على تغيير الحكومة وتكوين حكومة شراكة مع المجلس الانتقالي.

أما سالم العولقي المتحدث السابق باسم المجلس الانتقالي، فحمّل التحالف المسؤولية عن "أعمال القرصنة والتهريب، والتهديد الذي تتعرض له خطوط الملاحة".

وغرد العولقي عبر تويتر قائلاً: "التحالف بقيادة السعودية يسيطر على سواحل البلاد من باب المندب (غرب) إلى محافظة المهرة (شرق).. أنصح بالبحث عن شماعة أخرى لتعليق هذا الفشل عليها".

كما اعتبر أحمد الصالح (قيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي) في تغريدة، اتهامات التحالف بأنها "محاولة لتبرير 6 سنوات من الفشل والتخبط والفساد".

بداية التحول؟

يرى خبراء أن هذا التحول في الموقف السعودي إزاء المجلس الانتقالي الجنوبي أنعش آمال الحكومة (اليمنية)، التي تعيش وضعاً سياسياً حرجاً بعد خسارتها عدن التي اتخذت منها عاصمة ثانية (مؤقتة) لها مطلع 2015، عقب استيلاء المسلحين الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء.

وحسب هؤلاء، فإن الحكومة تطمح أن تمثل هذه الخطوة بداية لتحول أكبر، وأكثر وضوحاً وصرامة في الموقف السعودي تجاه ممارسات الانتقالي.

وأوضحوا أن تلك الممارسات تتمثل في إصرار المجلس على تجاهل دعوات إنهاء الخطوات الأحادية التي اتخذها، واستمراره في اتخاذ المزيد من الإجراءات والقرارات لتعزيز مشروع الإدارة الذاتية التي أعلنها أواخر أبريل/نيسان الماضي.

واعتبر مستشار وزير الإعلام اليمني مختار الرحبي في تغريدة، أن "مشروع الانتقالي (جنوب) والحوثيين (شمال) واحد من حيث خطورته على اليمن والأمن القومي العربي والخليجي".

وأضاف الرحبي: "هم مجرد أدوات في يد طهران وأبو ظبي، سيأتي اليوم الذي يعرف فيه الأشقاء بالسعودية والعالم ذلك".

فيما عد مسؤول حكومي آخر في تصريح للأناضول فضّل عدم ذكر اسمه، الاتهامات الموجهة إلى الانتقالي، انعكاساً لما وصفه بـ"الغضب السعودي المتنامي تجاه تمرُّد المجلس، ورفضه الانصياع لطلب المملكة بالتراجع عن الإدارة الذاتية، والتزام مقتضيات اتفاق الرياض الموقّع مع الحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي".

وحول ما إذا كان البيان الأخير قد جرى بالتنسيق بين طرفي التحالف الرئيسيين (السعودية والإمارات)، نفى المسؤول علمه بالأمر، لكنه عاد ورجح عدم معرفة الإمارات بالبيان قبل صدوره.

كما اتهم المسؤول ذاته الإمارات "بالإيعاز إلى قادة المجلس الانتقالي الجنوبي بمهاجمة التحالف على خلفية البيان".

وختم حديثه بالقول: "معظم قيادات الانتقالي الجنوبي يوجدون في أبو ظبي، بما فيهم أولئك الذين تصدروا الهجوم على بيان التحالف"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المسؤولين في السعودية "يدركون ذلك جيداً".

مخالفة اتفاق الرياض

وفي أول رد فعل لها على إعلان المجلس الانتقالي الحكم الذاتي في المناطق الجنوبية، أعلنت المملكة العربية السعودية، ضرورة إلغاء أي خطوة تخالف اتفاق الرياض الموقَّع بين الحكومة اليمنية، والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

جاء ذلك في بيان لمجلس الوزراء السعودي نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

وحسب الوكالة، "شدد مجلس الوزراء في اجتماع برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، على ما ورد في بيان تحالف دعم الشرعية الأحد، بضرورة عودة الأوضاع في عدن وبعض المحافظات الجنوبية إلى ما قبل إعلان حالة الطوارئ من جانب المجلس الانتقالي".

كما أكد ”إلغاء أي خطوة تخالف اتفاق الرياض الذي حظي بترحيب دولي واسع، ودعم مباشر من الأمم المتحدة، والتعجيل بتنفيذه".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً