تستخدم مختبرات الأبحاث وشركات صناعة الأدوية مجموعة من التقنيات المختلفة في محاولتها لتسريع إيجاد لقاح للفيروس (AP)
تابعنا

تسعى مختبرات الأبحاث وشركات صناعة الأدوية حول العالم، للتوصل بسرعة إلى لقاحات وعلاجات لفيروس كورونا المستجد، باستخدام مجموعة من التقنيات المختلفة.

وقال بنجامين نيومان عالم الفيروسات في جامعة "إيه آند إم" في تكساس، إن فرص تحصين البشر ضد هذا الوباء ليست أكيدة، إذ لم يتم التوصل حتى الآن إلى أي لقاح فعال تماماً لأي فيروس من عائلة كورونا.

وأوضح نيومان: "ستُجرى تجارب كثيرة، وتُرتكب أخطاء كثيرة، لكن لدينا الكثير من الخيارات"، حسب ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

تشجيعٌ من الحكومات

من جانيها أعلنت روسيا، الثلاثاء، أنها بدأت اختبار لقاح على الحيوانات ضد فيروس كورونا، وتأمل بالتوصل إلى نماذج أولى واعدة في يونيو/حزيران المقبل.

من جهته، حضّ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، العلماءَ وشركات الأدوية على تسريع العملية، لكن الخبراء يقولون إن قيوداً أساسية قد لا تترك هامشاً كبيراً للتحرك.

وكتب هربرت هولدن ثورب، رئيس تحرير مجلة ساينس العلمية، رداً على دعوات الرئيس الأمريكي قائلاً: "يجب أن يكون للّقاح أساس علمي. يجب أن يكون قابلاً للتصنيع. يجب أن يكون آمناً. قد يستغرق هذا الأمر عاماً ونصف العام، أو أكثر من ذلك بكثير".

وأضاف: "المسؤولون في قطاع صناعة الأدوية يملكون كل المحفزات للتوصل إلى لقاح بسرعة، فهم سيبيعونه في النهاية، لكنهم يعرفون أيضاً أنه لا يمكنهم خرق قوانين الطبيعة لإنتاجه"، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتمول الولايات المتحدة العديد من شركات صناعة الأدوية، من خلال وزارة الصحة والمعاهد الوطنية للصحة.

بدوره، يساعد الائتلاف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة، وهي منظمة دولية مقرها أوسلو، على تمويل عدد من الشركات، ومعظمها من الشركاء الأصغر حجماً، الذين يفتقرون للقدرة على الإنتاج بكميات ضخمة، وقد وفر حتى الآن حوالي 24 مليون دولار أمريكي لهذا الغرض.

لقاحٌ قديم وواعد؟

من بين كل الأدوية المرتبطة بالفيروس الذي يسبب وباء "كوفيد-19"، قد يكون لقاح ريمديزيفير من صنع شركة غيلياد للعلوم الأمريكية، هو الأقرب ليطرح في الأسواق.

ولا يُعدّ هذا اللقاح جديداً، بل طُوّر سابقاً لمحاربة فيروسات أخرى، بما في ذلك إيبولا (ثبت أنه غير فعال)، ولم تتم الموافقة عليه بعد لأي وباء، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وأظهر هذا اللقاح نتائج مبكرة واعدة في معالجة بعض مرضى فيروس كورونا المستجد في الصين، وفقاً للأطباء، والشركة تمضي قدماً في التجارب السريرية النهائية في آسيا (المعروفة بـ"المرحلة 3")، كما استخدم لمعالجة مريض أمريكي واحد على الأقل حتى الآن، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال أنطوني فاوسي من "المعاهد الوطنية للصحة"، وأحد كبار العلماء الحكوميين الذين يشرفون على الاستجابة لفيروس كورونا، إنه قد يكون متاحاً في "الأشهر القليلة المقبلة".

وأوضح المسؤول في منظمة الصحة العالمية، بروس أيلوارد، خلال مؤتمر صحافي عقد مؤخراً في الصين، أن "ثمة عقاراً واحداً فقط، نعتقد أنه قد يكون له فعالية حقيقية وهو ريمديزيفير".

ويطرأ تغيير على ريمديزيفير داخل جسم الإنسان، ليصبح مشابهاً لواحدة من أربع كتل للحمض النووي تسمى "نوكليوتيدات"، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

في هذا الصدد، قال نيومان إنه عندما تنسخ الفيروسات نفسها، تقوم بذلك "بسرعة وبشكل عشوائي"، ما يعني أنها قد تدمج هذا اللقاح في بنيتها، علماً أن الخلايا البشرية التي تكون أكثر سرعة، لا ترتكب الخطأ نفسه، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وإذا اندمج الفيروس مع اللقاح، فإن الدواء يضيف تحولات يمكن أن تقضي على الفيروس.

ثمة عقار واحد فقط نعتقد أنه قد يكون له فعالية حقيقية، وهو ريمديزيفير

بروس أيلوارد - مسؤول في منظمة الصحة العالمية

لقاح باستخدام مُجين الفيروس؟

خلال أسابيع من كشف باحثين صينيين عن مُجين الفيروس (جينوم) للعامة، تمكن فريق من "جامعة تكساس في أوستن" من إنشاء نموذج طبق الأصل لبروتينته الخبيثة، وهي الجزء الذي يتشبث بالخلايا البشرية ويلحق الضرر بها، وتصويرها باستخدام مجهر إلكتروني مُبرد.

ويشكل هذا النموذج، الآن، أساساً محتملاً للقاح، لأنه قد يثير استجابة مناعية في جسم الإنسان دون التسبب في ضرر، وهي الطريقة الكلاسيكية لتطوير اللقاحات على أساس مبادئ تعود إلى لقاح الجدري منذ عام 1796.

وتعمل "المعاهد الوطنية للصحة" مع شركة موديرنا الأمريكية، وهي شركة جديدة نسبياً أُطلقت عام 2010، لصنع لقاح باستخدام المعلومات الوراثية للبروتينة لزراعتها داخل أنسجة العضلات البشرية بدلاً من حقنها فيها.

وتخزن هذه المعلومات في مادة عابرة وسيطة تسمى "آر إن إيه مسنجر"، تنقل الشيفرة الوراثية من الحمض النووي إلى الخلايا، وقد بدأت تجربة اللقاح البشرية الأولى في 16 مارس/آذار بعد أن أثبت فعاليته لدى الفئران.

وإذا سارت الأمور على ما يرام، قد يكون اللقاح متاحاً في السوق في غضون عام ونصف العام تقريباً، وجاهزاً في حال استمرار تفشي فيروس كورونا حتى موسم الإنفلونزا المقبل، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

تجربة لقاح واقٍ قبل التعرض للفيروس

طوّرت شركة ريجينيرون الأمريكية، العام الماضي، دواءً يُحقن في الأوردة، أظهر زيادة كبيرة في معدلات البقاء على قيد الحياة بين المصابين بفيروس إيبولا، باستخدام ما يعرف باسم "مضادات حيوية وحيدة النسيلة"، وللقيام بذلك، قام العلماء بتعديل الفئران وراثياً لمنحها أجهزة مناعة مشابهة للإنسان.

وقال كريستوس كيراتسوس، نائب رئيس الأبحاث في الشركة، إنه جرى تعريض الفئران لفيروسات، أو لأشكال مخففة منها، لإنتاج مضادات حيوية بشرية، حسب ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

وعُزلت هذه المضادات الحيوية، وفُحصت للعثور على أكثرها فعالية لتزرع في المختبرات وتُنقّى وتُعطى للإنسان عن طريق الوريد.

وقال كيراتسوس: "إذا سار كل شيء كما هو مخطط له، يجب أن نعرف ما هي أفضل المضادات الحيوية خلال الأسابيع القليلة المقبلة"، مع بدء التجارب البشرية بحلول الصيف.

ويمكن أن يعمل الدواء كعلاج ولقاح إذا ما أُعطي للأشخاص قبل تعرضهم للفيروس، رغم أن تأثيره سيكون مؤقتاً.

وفي المدى المنظور، تحاول الشركة أيضاً استخدام أدوية خاصة بها لأغراض أخرى باستخدام منصة تُسمى "كيفزارا"، والتي تمت الموافقة عليها لمعالجة التهاب المفاصل، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ويمكن أن يساعد هذا الأمر في مكافحة التهاب الرئة الحاد الناتج عن الإصابة بوباء "كوفيد-19". بمعنى آخر، قد يحارب أحد الأعراض بدلاً من محاربة الفيروس.

محاولات شركة سانوفي

تتعاون شركة الأدوية الفرنسية سانوفي مع حكومة الولايات المتحدة، لاستخدام ما يُسمى "منصة الحمض النووي المؤتلف" لإنتاج لقاح محتمل.

وتتيح هذه الطريقة أخذ الحمض النووي للفيروس ودمجه مع الحمض النووي لفيروس غير ضار، ما يُحدث وَهْماً قد يثير استجابة مناعية، ويمكن بعد ذلك زيادة المضادات التي يُنتجها.

وتُعدّ هذه التكنولوجيا أساساً للقاح الأنفلونزا الذي طورته "سانوفي"، ويُعتقد أن موقعها جيد في هذا السباق بسبب لقاح فيروس "سارس" الذي ابتكرته ووفر حماية جزئية لدى الحيوانات.

وأفاد ديفيد لوي، رئيس قسم تطوير اللقاحات في الشركة، بأن "سانوفي" تتوقع أن يُتوصّل إلى لقاح محتمل جاهز للاختبار المخبري في غضون ستة أشهر، وللاختبارات السريرية في غضون عام ونصف العام.

يجب أن يكون للّقاح أساس علمي. يجب أن يكون قابلاً للتصنيع. يجب أن يكون آمناً. قد يستغرق هذا الأمر عاماً ونصف العام، أو أكثر من ذلك بكثير

هربرت هولدن ثورب - رئيس تحرير مجلة ساينس العلمية

شركة إينوفيو ولقاح الحمض النووي الريبي

عملت شركة الأدوية الأمريكية إينوفيو، منذ تأسيسها في الثمانينيات على لقاحات الحمض النووي؛ التي تعمل بطريقة مماثلة للقاحات الحمض النووي الريبي (آر إن إيه)، لكنها تعمل في حلقة سابقة من السلسلة.

على سبيل المقارنة، يمكن اعتبار الحمض النووي ككتاب مرجعي في مكتبة، في حين أن الحمض النووي الريبي يشبه نسخة من صفحة من هذا الكتاب تحتوي على تعليمات للقيام بمهمة ما.

وقال جيه جوزيف كيم، رئيس الشركة ومديرها التنفيذي، في بيان: "نخطط لبدء التجارب السريرية البشرية في الولايات المتحدة في أبريل/نيسان، وبعد ذلك بوقت قصير في الصين وكوريا الجنوبية، حيث يؤثر تفشي الفيروس على نسبة كبيرة من الأشخاص".

وأضاف: "نخطط لتقديم مليون جرعة بنهاية العام، بالموارد والقدرات الحالية التي نملكها"، حسب ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

جهود أخرى لافتة

تعاونت شركة الأدوية البريطانية "غلاكسو سميث كلاين" مع شركة صينية للتكنولوجيا الحيوية لتقديم تقنية علاج مساعدة.

يتم إضافة علاج مساعد إلى بعض اللقاحات لتعزيز الاستجابة المناعية، وبالتالي توفير مناعة أقوى ولمدة أطول ضد الالتهابات مما يقدمه اللقاح وحده.

مثل "موديرنا"، تعمل "كيور فاك" مع "جامعة كوينزلاند" على لقاح للحمض النووي الريبي، وقد التقى الرئيس التنفيذي للشركة، دانيال مينيتشيلا، مع مسؤولين في البيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر، وأعلن أن الشركة تتوقع أن تنتج نموذج لقاح في غضون بضعة أشهر.

وتبحث شركة الأدوية الأمريكية "جونسون أند جونسون" استخدام بعض الأدوية الموجودة لديها لغير غرضها الأساسي، لمعالجة أعراض المرضى المصابين بفيروس كورونا.

وعزلت شركة "فير" للتكنولوجيا الحيوية ومقرها في كاليفورنيا المضادات الحيوية من الناجين من فيروس "سارس"، وتتطلع إلى معرفة ما إذا كان بإمكانها استخدامها لمعالجة فيروس كورونا المستجد.

يمكن أن يعمل الدواء المقترح من قبل كعلاج ولقاح إذا ما أُعطي للأشخاص قبل تعرضهم للفيروس، رغم أن تأثيره سيكون مؤقتاً (AP)
تمول الولايات المتحدة العديد من شركات صناعة الأدوية، من خلال وزارة الصحة والمعاهد الوطنية للصحة (DPA)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً