محللون يشككون في جدوى طرح صفقة القرن والغاية منها  (Reuters)
تابعنا

على الرغم من تلبية صفقة القرن الأمريكية المزعومة لرغبات اليمين الإسرائيلي، إذ من شأنها أن تمنح إسرائيل أكثر مما تمنت قيادتها سابقاً، إلا أن الصفقة وجدت في تل أبيب مَن يشكك بجدواها وماهيتها وطريقة عرضها، ففي الوقت الذي يرى فيه عدد من المحللين والقياديين السياسيين بأن تنفيذها يبدو مستحيلاً بسبب رفض الفلسطينيين، يرى البعض الآخر أن الصفقة لم تكن سوى محاولة من ترمب للتدخل في الانتخابات الإسرائيلية بشكل فج، ومساع لإنقاذ نتنياهو الذي تحيطه تهم الفساد وإساءة الائتمان من كل جانب.

بعد دقائق فقط من نشر تفاصيل الصفقة خلال مؤتمر صحفي مشترك لنتنياهو وترمب في البيت الأبيض، عبّرت أغلبية الأحزاب الإسرائيلية عن رضاها بما اتفق عليه، وأبرزها تحالف أزرق-أبيض الذي وجد زعيمه بيني غانتس نفسه مضطراً لتلبية دعوة ترمب والذهاب للبيت الأبيض للقائه قبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر، فيما قال الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين إن الصفقة من شأنها أن تضع أساساً لعملية سلام مستقبلية، وفيما رحّب بها وزير الدفاع نفتالي بينت على استحياء، وقال إنه "يرفض أي مساع لإقامة دولة فلسطينية".

كتب ألون بن رئيس تحرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية، مقالاً جاء تحت عنوان "صفقة القرن تحقق كافة آمال نتنياهو السياسية وطموحاتها، ولكنها قد لا تنجح في إنقاذه سياسياً"، يقول فيه إن"تفاصيل هذه الخطة وردت في كتاب (مكان تحت الشمس) ألّفه نتنياهو قبل نحو خمسة وعشرين عاماً، وذلك رداً على إبرام اتفاقية أوسلو، إذ شن فيه حملة تحريض واسعة على اليسار ودول العالم التي أظهرت إسرائيل كدولة محتلة".

ويقول بن في مقاله إن" ترمب وقّع على هذه الصفقة كي تساعده في استمالة اليهود الأرثوذكس في الولايات المتحدة واليمينيين اليهود في الانتخابات القادمة التي باتت وشيكة، ولعله وقّع عليها أيضاً لدعم نتنياهو الذي عاد إلى إسرائيل وهو يحمل إنجازاً معقولاً، وحقق أحلامه بعد ساعات قليلة من تقديم ملف اتهامه للمحكمة المركزية في القدس".

ويضيف "رغم كل ذلك، يبدو أن نتنياهو يقترب من إنهاء حياته السياسية كرئيس للوزراء في إسرائيل، ذلك أن التاريخ يثبت أن من قبله لم يستطيعوا البقاء رغم كل محاولاتهم، والدراما التي افتعلها في البيت الأبيض والتي أظهرت أن نتنياهو يتفوق على الذين سبقوه من حيث الرواية التاريخية والسياسية، كل ذلك قد لا ينجح في إنقاذه ومساعدته للاحتفاظ بمنصبه فترة أخرى".

من جانبها، تقول الصحافية الإسرائيلية نيعا لينداو إن "صفقة القرن تعتبر تدخلاً واضحاً في الانتخابات الإسرائيلية وقد يكون مصيرها أن تُلقى في مزابل التاريخ".

وتشير إلى أن نشر تفاصيل الصفقة قبيل الانتخابات الإسرائيلية يعد تدخلاً من أجل إنقاذ نتنياهو بلا شك، مضيفة أن "مشكلة الصفقة الأساسية أنها مرفوضة بشكل قطعي من قبل الفلسطينيين".

وتعتقد لينداو أن الصفقة قدمت لإسرائيل ما لم تقدمه أي خطط سلام سابقة طرحها الرؤساء الأمريكيون السابقون، "تتضمن ضمّ جميع المستوطنات لإسرائيل والاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لها، هذا يعني أن إسرائيل لا تستطيع رفض صفقة كهذه أبداً".

وتقول "عملية الضم إن تمت فستكون عملية أحادية الجانب لأن الأمر مرفوض من قبل الجانب الفلسطيني، لو كان الأمر متعلقاً بصفقة أو مفاوضات لما أطلق نتنياهو على مخططه مسمى "ضم المستوطنات"، ولكان الأمر تسوية طبيعية جاءت عبر اتفاق، لذلك أعتقد أن الجانب الفلسطيني لن يقبل بمثل هذا الاتفاق وسيكون مصيره أن يلقى في القمامة فحسب".

تغطية خاصة من #راديو_الناس لعرض الرئيس الأمريكي لـ #صفقة_القرن لقاء خاص مع رئيس الوزراء السابق #ايهود_اولمرت تعقيبا على...

Posted by ‎Nas Radio - راديو الناس‎ on Tuesday, 28 January 2020

إلى جانب المحللين والإعلاميين الذين شككوا بنتائج هذه الصفقة وجدواها، شكك عدد من الزعماء الإسرائيليين البارزين في مساعي ترمب ونتنياهو ونواياهما.

يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت إن "الاستعجال غير المبرر في نشر تفاصيل صفقة القرن يثير الكثير من التساؤلات حول هذا التوقيت. في إشارة إلى نشرها قبيل الانتخابات الإسرائيلية".

ويضيف خلال لقاء بثّه "راديو النّاس" الذي يبث من مدينة الناصرة "لست متأكداً بأن مصلحة إسرائيل تقتضي أن تنشر الولايات المتحدة الأمريكية صفقة سلام بدلاً عنها، لماذا لا نُعد خطة سلام بأنفسنا نقدمها ونطرحها ونتفاوض عليها مع الفلسطينيين؟".

ويشير أولمرت إلى أن الاتفاق "يجب أن يكون اتفاقاً فلسطينياً إسرائيلياً، ولا أفهم لماذا لم يتوجّه أي أحد للفلسطينيين للمشاركة في المباحثات التي سبقت إعلان بنود هذه الصفقة".

ويعتقد رئيس الوزراء السابق أن اتفاقيات السلام لها شكل واحد ليس أكثر، فإما أن تكون خطة يوافق عليها الطرفان، أو خطة يرفضها الطرفان، وليست خطة أحادية الجانب.

ويرى أنه ومن أجل تحقيق خطوة نحو السلام "يتطلب بادئ ذي بدء أن يُطرَد نتنياهو من الحكومة، ثم يكون البت بتفاصيل الصفقة بعد الانتخابات؛ لأن نتنياهو لا يريد التوصل إلى السلام أصلاً، فمن يدعي أنه يسعى إلى أن يصنع السلام، في الوقت الذي يقول فيه إنه سيضم المستوطنات لإسرائيل، لا يريد السلام أبداً".

ولا يرى أولمرت أي أمل في أن "تتوصل صفقة القرن المطروحة أمريكياً لاتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين".

بدوره، يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سعى من خلال صفقة القرن إلى تحقيق إنجازات سياسية فقط، مشيراً إلى أن مساعيه لضم منطقة غور الأردن خطأ قد يرتكبه، ولا تفسير له سوى أنه مسعى إلى التهرب من الهزيمة بالانتخابات.

ويضيف باراك في تصريحات لصحيفة يديعوت أحرونوت "لم أر في حياتي رئيساً أمريكياً يدعم الموقف الإسرائيلي كما يدعمه ترمب، لقد وفّر لنا فرصة تاريخية، لكنه بالضرورة أيضاً وضعنا أمام مسؤولية تاريخية، أعادنا إلى تساؤل أساسي: ما الذي تريده إسرائيل؟".

ويرى باراك أن "محاولة ضم منطقة الأغوار لا علاقة لها بنجاح صفقة القرن، هي تعكس فقط علاقات نتنياهو مع اليمين المتطرف".

ويقول إن نتنياهو "لا يجد أي حرج في انتقادات اليمين المتطرف للصفقة، في نهاية المطاف اليمين يرى أن ضم المستوطنات إنجاز كبير، بينما يعلمون جيداً أن الفلسطينيين لن يقبلوا الصفقة، وأن ما كانوا يخشون حدوثه لن يحصل. في إشارة لقيام دولة فلسطينية".

إيهود باراك يعتقد أن نتنياهو سعى لتحقيق مكاسب سياسية من خلال صفقة القرن (AFP)
أولمرت يرى أن تحقيق خطوة نحو السلام يتطلب طرد نتنياهو أولاً
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً