اتُهمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بأنها جزء من "صفقة القرن"، بسبب محاولتها إبرام تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة المحاصر منذ 12 عاماً. وقد وجّهت السلطة الفلسطينية لحماس اتهاماً بأنّها من خلال مفاوضاتها تسعى إلى فصل القطاع عن الضفة الغربية، وهو من شأنه أن يخدم ما بات يٌعرف بمخطط "صفقة القرن".
ونفت الحركة على لسان عدد من القياديين فيها، ما وُجّه إليها من اتهامات، حيث أجمعت القيادات في تصريحات لـ"TRTعربي" على هامش "المؤتمر العاشر لرواد القدس وفلسطين" الذي انعقد في مدينة إسطنبول التركية، على أن صفقة القرن جريمة، وأن حماس لم تُستخدم بقصد أو بغير قصد من أجل تمريرها.
واعتبر رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل، أن ما يجري من مشاريع تصفية للقدس والقضية الفلسطينية بكل ثوابتها أكبر من حصره تحت عنوان "صفقة القرن".
وأضاف "بدأت أميركا بتطبيق صفقة القرن عندما نقلت سفارتها إلى القدس المحتلة، ومع المحاولات المستمرة لشطب حق العودة وتوسيع الاستيطان وتفتيت الأونروا، بالإضافة إلى محاولة إدماج إسرائيل في المنطقة".
لا لقاء مع ترمب
"لم يصل لحركة حماس تفاصيل عن صفقة القرن سوى ما تناثر في الإعلام وما يُطبق على أرض الواقع"، يقول عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح البردويل لـTRT عربي، ونفى أيضاً أي لقاء وشيك بين ممثلين عن الحركة وممثل عن الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وأضاف البردويل "لا يمكن أن نسمح لأنفسنا التعاطي مع هذه الجريمة التي جاءت على شكل صفقة، ولم نلتق بأي ممثل عن ترمب سابقاً، كما لن يكون هناك أي لقاء لاحقا مهما كان الثمن".
وأشار عضو المكتب السياسي لحماس إلى أنّ ما يشاع عن استغلال الحركة وإجبارها على تقديم تنازلات مقابل تحيسن الأوضاع الإنسانية في غزة ليس صحيحًا، "بدليل أنه في اليوم الذي كان من المقرر أن يدخل السولار (الديزل) القطري إلى غزة كانت مسيرات العودة في أوجها".
وفي حديثه عن التهدئة، نفى البردويل أن يكون هناك أي مفاوضات لتهدئة جديدة بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس، غير تلك التي كان متفق عليها بعد عدوان 2014 والتي ما زالت الأمم المتحدة ومصر وقطر تحاول التدخل من أجل استكمالها، "لكن إسرائيل تماطل في تنفيذها وتستغل الأمر إعلاميا".
لا توجد أي مفاوضات من أجل التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي وما يتم تداوله عبر الإعلام هو استكمال لتهدئة 2014 المتفق عليها من جميع الفصائل
ضرب الفصائل وتلميع إسرائيل
يتفق قياديو حركة حماس على أن صفقة القرن لا تشمل فقط بنوداً طُبقت وأخرى لم يُعلن عنها، وإنما استخدمت لضرب الفصائل الفلسطينية واستغلال الظروف لتحسين صورة الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في الخارج محمد نزال أن اتهام الحركة بتمرير صفقة القرن من خلال تخفيف الأزمة الإنسانية على قطاع غزة، ليس له أساس من الصحة، وذلك "لأن الحركة منذ إدارتها للقطاع عام 2007 وهي تحاول فك الحصار عنه، وصفقة إدخال الوقود القطري الأخيرة تندرج تحت هذه المحاولات".
ويؤكد نزال لـTRT عربي على وجود صفقة قرن يراد تطبيقها من خلال إنشاء دويلة في غزة، مشيراً إلى أنّ حماس ترفض مثل هذه المخططات، "وفي ذات الوقت سنواصل العمل على تحسين الأوضاع في القطاع، ولن تسمح حماس بإبقاء الشعب مسحوقاً من أجل أن لا يُقال بإنها جزء من الصفقة".
مسيرات العودة تقاوم صفقة القرن
ترفض جميع الفصائل الفلسطينية صفقة القرن رفضاً قاطعاً، "لكن رفض حماس لها يأتي عملياً، من خلال إشعالها للمقاومة الشعبية التي تتمثل في مسيرات العودة"، على حد تعبير نزال.
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية ابتزاز حماس بتحسن الوضع الإنساني في غزة لأن مسيرات العودة استنزفت الاحتلال الإسرائيلي
وفي هذا الصدد، يرى الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري أن مسيرات العودة جاءت لمواجهة صفقة القرن وكسر الحصار عن غزة.
الوحدة في مواجهة الصفقة
يُجمع عدد من القياديين في حركة حماس على أن تداعيات صفقة القرن ستكون خطيرة للغاية إن لم يتم تداركها من قبل الفصائل الفلسطينية.
ويقول محمد نزال إن "هناك محاولات تنسيق بين الفصائل من أجل إفشال الصفقة وتوحيد الموقف الفلسطيني في مواجهتها".
ونوّه إلى أن استهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" يراد منه سلب هوية اللاجئ الفلسطيني، من خلال إغلاق مكاتبها في فلسطين وتقليص خدماتها وقطع الدعم عنها، مؤكداً على أهمية الدعم العربي والإسلامي والدولي للقدس التي تتعرض إلى تهويد مستمر، والمرابطين فيها.
صفقة القرن ستصبح نافذة وفاعلة إذا وافق أحد الأطراف الفلسطينية عليها
استمرار الشعب الفلسطيني في المقاومة هي الطريقة الأمثل لإفشال صفقة القرن
