الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون من أبرز داعمي المليشيات التي يقودها الجنرال الانقلابي خليفة حفتر في ليبيا (AFP)
تابعنا

في الوقت الذي تواصل فيه روسيا مد نفوذها في ليبيا عبر دعمها مليشيات خليفة حفتر، شن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هجوماً على تركيا حليفة بلاده في الناتو، بسبب دعمها الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.

موطئ قدم

يرى مراقبون أن التدخل الروسي في ليبيا له أسباب عدة، على رأسها رغبة موسكو في الاستفادة بثروات البلد الغني بالنفط، والوجود جنوب المتوسط على بعد كيلومترات من قواعد حلف شمال الأطلسي (الناتو).

في هذا الصدد، يقول المحلل العسكري الروسي بافل فيلجغنهاور من مؤسسة جيمستاون، إن "روسيا تريد أن يكون لها موطئ قدم في ليبيا، وهذه حقيقة"، مضيفاً أنه "حتى الآن لم يتضح إن كان (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يخطط لتدخل كبير على غرار سوريا".

ويوضح فيلغينهاور في تصريحات أدلى بها لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن "روسيا اتخذت قراراً واضحاً عام 2015، ببدء عملية كبيرة لنشر القوات في سوريا"، أما في الحالة الليبية، فتوجد آراء مختلفة حول كيفية المضي قدماً.

على جانب آخر، يرى المحلل العسكري الروسي ألكسندر غولتس، أن التدخل في ليبيا له اعتبارات معنوية لدى موسكو، التي تريد التأكيد أنها "تقف على قدميها مجدداً، وتلعب دوراً حيوياً في الشرق الأوسط".

فرنسا تتعامل بازدواجية، فمن جهة تعلن دعمها حكومة الوفاق وتصوت لصالح الحكومة في كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، لكنها من طرف خفي تدعم خليفة حفتر.

عبد الله الكبير - باحث سياسي ليبي

تحذيرات أمريكية

في السياق نفسه، أعربت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم" الخميس، عن قلقها إزاء إدخال روسيا طائرات مقاتلة إلى ليبيا، معتبرة أن ذلك يغير طبيعة النزاع الحالي ويُعرِّض المدنيين للخطر.

جاء ذلك في بيان أصدرته "أفريكوم"، مؤكدةً أن المقاتلات الروسية التي اتضح دخولها الأجواء الليبية نهاية مايو/أيار الماضي، "تعمل بنشاط".

وورد في البيان أن "الطائرات الروسية استُخدِمت لدعم الشركات العسكرية الخاصة التي ترعاها موسكو، كذلك فإن لدى القيادة الأمريكية صوراً تؤكد إقلاع طائرة روسية من الجفرة (قاعدة جوية) قرب مدينة سرت الليبية (شرق)".

ونقل البيان عن المتحدث باسم "أفريكوم" كريس كرانس، قوله إن إدخال روسيا مقاتلات هجومية إلى ليبيا "يغير طبيعة النزاع الحالي، ويزيد من احتمال تعرُّض الليبيين للخطر، لا سيما المدنيين الأبرياء".

وأبرز أن الطائرات الروسية في ليبيا "يُسيِّرها مرتزقة عديمو الخبرة لا يلتزمون القانون الدولي، ولا يخضعون للقوانين والتقاليد المعمول بها في النزاعات المسلحة".

من جهته، أوضح مدير العمليات برادفورد غيرينغ أن تدخُّل روسيا المستمر في ليبيا "يزيد من العنف ويؤخر الحل السياسي"، لافتاً إلى أن موسكو تواصل الضغط "من أجل موطئ قدم استراتيجي على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، وذلك على حساب أرواح ليبيين أبرياء".

وجاء بيان "أفريكوم" الأخير، بعد نشرها في نهاية مايو/أيار الماضي، صوراً ملتقطة بالأقمار الصناعية، تؤكد وجود مقاتلات روسية تحلق في الأجواء الليبية.

فرنسا.. ازدواجية وتناقض

على الرغم من الخطر الذي يُمثّله الوجود الروسي في ليبيا على استقرار المنطقة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، لا تتوقف باريس عن توجيه سهام انتقاداتها إلى أنقرة، بسبب دعم الأخيرة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، التي تدعي فرنسا نفسها أنها داعمة لها.

في آخر تطور، صرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين، بأن "فرنسا لن تتهاون مع تدخل تركيا العسكري في ليبيا"، متهماً أنقرة بممارسة "لعبة خطيرة".

في هذا الصدد، قال الكاتب والباحث السياسي عبد الله الكبير إن "فرنسا تتعامل بازدواجية، فمن جهة تعلن دعمها حكومة الوفاق وتصوِّت لصالح الحكومة في كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، لكنها من طرف خفي، تدعم خليفة حفتر".

وأشار الكبير في حديث لـTRT عربي، إلى أن "فرنسا اضطرت إلى الإعلان عن هذا الدعم في يوليو/تموز 2016، عندما اعترف الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند بمقتل 3 ضباط فرنسيين في عملية استخباراتية في ليبيا، واليوم نعرف أنهم قُتلوا جراء سقوط مروحية تقلُّهم في بنغازي التي كان حفتر يشن فيها حرباً آنذاك".

وأضاف الباحث السياسي أن "فرنسا لا تهتم بمسألة حقوق الإنسان، لكنها ربما ترضخ للضغط، بشكل يتوقف على الزخم الإعلامي والإجراءات التي ستتخذها حكومة الوفاق لإبراز الجرائم التي ارتكبها مرتزقة حفتر".

وردّاً على الاستفزازات الفرنسية، أصدرت وزارة الخارجية التركية قبل أيام بياناً، قالت فيه إن "فرنسا أشعلت الأزمة في ليبيا من خلال دعمها للانقلابي حفتر وعدم وقوفها بجانب الحل السياسي، ودعم محاولة الإطاحة بالحكومة الشرعية، وإقامة نظام استبدادي في البلاد".

وتمكّنت قوات الحكومة الليبية في الأسابيع الأخيرة، من طرد مليشيات حفتر من العاصمة طرابلس وجميع مدن الساحل الغربي وصولاً إلى الحدود مع تونس، كما حررت الجمعة مدينتَي ترهونة وبني وليد، وباتت على بعد كليومترات من مدينة سرت.

وبدعم من دول عربية وأوروبية، تشنّ مليشيات حفتر منذ 4 أبريل/نيسان 2019، هجوماً فشل في السيطرة على العاصمة مقر الحكومة الشرعية بليبيا.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً