تشير الدراسات العلمية إلى علاقة وثيقة بين وسائل الإعلام الإخبارية والتوتر (Others)
تابعنا

اعتاد بعض الناس على استفتاح صباحهم بالاستماع إلى المذياع، أو قراءة الصحيفة، أو التنقل عبر منصات التواصل الاجتماعي. وذلك كجزء من روتينهم اليومي. الأمر الذي يشبه إلى حد ما ممارسة التمارين الرياضية الصباحية عند البعض الآخر لاستجلاب الطاقة. ولكن ليس إلى حد بعيد، كما تشير بعض الدراسات العلمية، إذ ثمة علاقة قوية في عصرنا هذا ما بين وسائل الإعلام الإخبارية والتوتر.

قامت كل من مؤسسة روبرت وود جونسون، وكلية هارفارد للصحة العامة بإجراء مسح علمي عن آثار الإجهاد في حياة الناس عام 2014.

ويهدف المسح إلى دراسة الدور الذي يلعبه الإجهاد في جوانب مختلفة من حياة الأميركيين، وإلقاء الضوء على تجاربهم الشخصية التي شعروا حيالها بالتوتر، إلى جانب الآثار المتصورة لضغوطهم وأسباب ذلك الإجهاد، وأساليبهم في إدارته.

ويشير مقال نشره الموقع الاميركي "مينتال فلوس" إلى أن مستويات التوتر المرتبطة بالأخبار السياسية قد ارتفعت منذ ذلك الحين. إذ وجدت جمعية علم النفس الأميركية أن أكثر من نصف البالغين في الولايات المتحدة، في الفترة التي سبقت انتخابات عام 2016، عانوا من درجة معينة من القلق المرتبط بالانتخابات.

وبعد وقت طويل من يوم الانتخابات، سلطت وسائل الإعلام الضوء على حالات اضطراب الإجهاد التي عانى منها الأميركيون ممن سعوا للنأي بأنفسهم بعيداً عن الأخبار.

ووفق توصيف كاتب المقال ميشيل ديبليزاك فإن "الأخبار تنفجر بسرعة كبيرة، وغالباً ما يكون من المستحيل مجاراتها".
التوتر الناجم عن وسائل الإعلام هو مصدر قلق مشروع مع تدفق الأخبار على مدار24ساعة. وفي هذا السياق يقدم موقع "مينتال فلوس" عدداً من النصائح التي تساعد الأفراد في الاطلاع على الأخبار ومشاركتها دون التضحية براحة البال.

يشعر بعض الناس مع اطلاعهم على الوسائل الإعلامية الإخبارية بالخدر، في حين قد يشعر البعض الآخر أنهم أصبحوا أكثر تشاؤماً، وهنا توصي أخصائية علم النفس السريري الدكتورة ماري مكنوتون-كاسيل الشخص المدمن على موقعي فيسبوك وتويتر بسؤال نفسه: "ماذا يفعل حين يتصفح هذه المواقع؟ وهل يبحث عن الأخبار بشكل متكرر لأنه قلق ويريد التأكد؟ أم أنه يفعل ذلك لمجرد أنه يشعر بالملل ولا يريد الجلوس في مكتبه؟".

تحديد القوة الدافعة وراء عادات الفرد الإعلامية غير الصحية هي الخطوة الأولى نحو كسرها

الدكتورة ماري مكنوتون-كاسيل

القاعدة هنا تتمثل في "أن تحديد القوة الدافعة وراء عادات الفرد الإعلامية غير الصحية هي الخطوة الأولى نحو كسرها"، بحسب كاسيل.

وتضيف كاسيل: "إذا كان شعورك أكثر حدة، فقد تحتاج إلى القيام بأكثر من إعادة تقييم عاداتك الإعلامية. فإن قراءة الأخبار أو مشاهدتها لا تسبب القلق أو الاكتئاب من تلقاء نفسها، ولكنها قد تؤدي إلى تفاقم الأعراض. في مثل هذه الحالات، يجب عليك البحث عن مساعد أخصائي الصحة العقلية."

في بعض الأحيان، لا يقتصر الأمر على محتوى الأخبار التي يتابعها الأفراد والتي تؤدي لإزعاجهم. ويعد تغيير الطريقة التي تتابع بها الأخبار هنا وسيلة مناسبة، ومن ذلك أن يقوم الفرد بالحصول على الأخبار من الإذاعة أو الإنترنت لأنه يستطيع التحكم بالأخبار عن طريق هاتين الوسيلتين على سبيل المثال.
ينصح المختصون النفسيون في هذا السياق بأخذ استراحة، إذ ليس بالأمر الصحي البقاء على اطلاع دائم على كل ما يجري في العالم على مدار 24ساعة في اليوم. وبذا فإن إيقاف تشغيل التلفزيون، أو وضعية الهاتف المحمول، وتحويل الانتباه إلى مكان آخر يعد أمراً جيداً.

أهم شيء يجب تذكره هو الاستماع إلى ما تشعر به، وإعطاء نفسك ما تحتاجه عندما تحتاج إليه

ديبليزاك
ويشير كاتب المقال ديبليزاك إلى أن كثرة متابعة الأخبار قد تؤدي إلى "إرهاق التعاطف"، بمعنى أن لا يشعر الفرد وهو يرى الناس يعانون في جميع أنحاء العالم، بالحاجة العملية لمساعدتهم في وقت واحد. والحل الأفضل هنا بحسب ما يقترح الكاتب هو اختيار قضية واحدة تثير ردة فعل قوية في الفرد وتدفعه للقيام بشيء حيالها في العالم الواقعي.

تقول الدكتورة مكنوتون-كاسيل إن العالم لا يمكن التنبؤ أو التحكم به، وكلما تمكنت من قبول ذلك، تمكنت من معالجة الأخبار.

ويذكر الكاتب ديبليزاك إن اتخاذ خيارات صحية على المستوى الفردي أمر ضروري للتخلص من الإجهاد الذي تسببه أخبار الوسائل الإعلامية، ومن ذلك التأكد من تناول وجبات منظمة، والحصول على كمية النوم الموصى بها كل ليلة، ودعوة أحد الأصدقاء على فنجان قهوة وإجراء دردشة غير سياسية.

ويؤكد ديبليزاك على أهمية الاستماع إلى الشعور الفردي بقوله: "أهم شيء يجب تذكره هو الاستماع إلى ما تشعر به، وإعطاء نفسك ما تحتاجه عندما تحتاج إليه".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً