إيران أعلنت أنها ستزيد خلال وقت قصير نسبة تخصيب اليورانيوم أكثر من الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي (Reuters)
تابعنا

جاء الإعلان الإيراني بزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم على الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي، في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين الولايات المتحدة ودول خليجية من جهة، وإيران من جهة أخرى، بعد إعلان طهران تخفيض بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي بسبب العقوبات الأمريكية المشددة عليها.

ويرى محللون أن إعلان إيران تخفيض بعض التزاماتها، يأتي في مسعى إلى ممارسة الضغوط على دول الاتحاد الأوروبي وبعض القوى الدولية من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، بهدف وقف العقوبات والعودة إلى مسار الاتفاق النووي.

مهلة إيرانية جديدة

أعلنت إيران، الأحد، أنها ستزيد خلال وقت قصير نسبة تخصيب اليورانيوم على الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي عام 2015، الذي ينصّ على فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على طهران.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي بطهران، قال فيه مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي، إن طهران ستبدأ تخفيض التزامها بالاتفاق لعدم وفاء بقية الأطراف به، مؤكداً في الوقت ذاته أن تخفيض الالتزامات النووية لإيران لا يعني خروجها من الاتفاق.

وأمهلت طهران الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق 60 يوماً أخرى، للوفاء بالتزاماتها تجاه إيران بموجب الاتفاق، وذلك بعد مهلة مماثلة بدأت في 8 مايو/أيار الماضي.

ودعت طهران كلاً من باريس ولندن وبرلين إلى إيجاد آلية للتبادل التجاري وتنظيم المدفوعات الدولية، في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.

وفي ظل تصاعد التخوفات والقلق والتحريض على فرض عقوبات جديدة على إيران، قال وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، إن طهران ستواصل اتباع السبل القانونية في حماية مصالحها، تجاه ما قال إنه "الإرهاب الاقتصادي الذي تنتهجه واشنطن".

وأوضح ظريف، في تغريدة عبر تويتر أن إيران بدأت الأحد الخطوة الثانية من خفض التزاماتها بالاتفاق النووي، بموجب الفقرة 36 من خطة العمل المشتركة للاتفاق.

تهديد أمريكي وقلق أوروبي

أثار قرار إيران زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، تهديداً أمريكياً، وقلقاً أوروبياً على مصير الاتفاق النووي، وتحريضاً إسرائيلياً على فرض عقوبات جديدة على طهران، وعلى الجانب الآخر قالت روسيا إن على الولايات المتحدة الأمريكية تَحمُّل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع.

وذكر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على تويتر أن إجراءات إيران الأخيرة بتوسيع برنامجها النووي ستؤدي إلى عزلتها مع مزيد من العقوبات.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستنكراً الإعلان الإيراني، إن القرار "انتهاك" للاتفاق بين إيران والقوى العالمية على الحد من تخصيب اليورانيوم.

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القرار بالخطوة بالغة الخطورة، داعياً أوروبا مجدَّداً إلى فرض عقوبات على طهران.

ودعا متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إيران إلى الكف عن اتخاذ خطوات أخرى تقوِّض الاتفاق النووي.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن إيران انتهكت بنود الاتفاق، مؤكداً على إيران ضرورة التوقُّف الفوري والتراجع عن كل الأنشطة التي تخالف التزاماتها.

وذكر الاتحاد الأوروبي أن الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني عام 2015 تناقش عقد اجتماع طارئ محتمل بعد إعلان إيران اعتزامها تجاوز الحد المسموح به لتخصيب اليورانيوم.

وقالت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي مايا كوسيانيتش، إن الاتحاد "قلق للغاية" بشأن قرار إيران زيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 3.67%. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي حذّر إيران من اتخاذ مثل هذه الخطوة.

في حين اعتبر رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشيف، أن "مطالب إيران بالحفاظ على الاتفاق النووي لها ما يبررها، ومسؤولية الحفاظ عليه تقع على عاتق الولايات المتحدة".

وأوضح أن "الكرة في الجانب الأمريكي، ووحدها واشنطن تستطيع إنقاذ الاتفاقيات المصدَّق عليها من مجلس الأمن الدولي".

ورقة تفاوض

وحول ما إذا كانت أوروبا قادرة على تغيير المشهد لصالح إيران، يقول أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة السوربون خلدون النبواني لـTRT عربي "أوروبا تسعى للحفاظ على الاستقرار، وهي أقرب بكثير لأمريكا من إيران"، مضيفاً أن "الأوروبيين فعليّاً لا يفعلون شيئاً حقيقيّاً لإنقاذ الوضع في إيران، وليس لديهم طاقة وإمكانيات لإخراج إيران من أزمتها الاقتصادية، ولو فُعّلَت الآلية التجارية بين أوروبا وإيران فإنها قد تلطّف قليلاً من العقوبات، ولكنها لن تمنع استمرار الحصار الاقتصادي الخانق".

وأوضح النبواني أن أقصى ما تستطيع أوروبا فعله اليوم هو دور الوسيط لإيجاد حوار إيران مضطرة إليه أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها لا تتجه إلى تعقيد الأمور في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي.

ونفى النبواني إمكانية أن تستجيب الدول الأوروبية لدعوة إسرائيل إلى فرض عقوبات على طهران، عازياً ذلك إلى جملة أسباب تتعلق بأوروبا وتردِّي وضعها الاقتصادي وتراجع مستواها كقوة سياسية على الساحة الدولية، الأمر الذي يدفعها إلى تجنُّب دعوات التصعيد على المستوى السياسي في الفترة الحالية.

وأكد أنها ستستمر في نهجها الذي حذّرت فيه إيران سابقاً بما يتوافق مع دعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لإعادة النظر في الاتفاق النووي.

وطرح الإعلان الإيراني بزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم على الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي تخوُّفات لدى محللين بوصول الاتفاق إلى نقطة اللا عودة، إلا أن أستاذ الفلسفة السياسية يرى خلاف ذلك، إذ وصف الاتفاق بأنه ورقة لا يريد أحد، بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية، خسارتها، قائلاً "هي الورقة التي يلعب بها في باب التفاوض على الساحة الدولية".

وقال إن إيران لم تنسحب من الاتفاق، وإن نسبة تخصيب اليورانيوم التي أعلنت عنها تترك المجال بشكل واضح لجملة من التفاوضات، مؤكّداً أن الاتفاق النووي هو الذي سيفتح الباب لحل سياسي قادم.

يُذكر أن إيران بدأت التخفيض في مايو/أيار الماضي، مع مرور عام على انسحاب واشنطن من الاتفاق، وفرض عقوبات مشددة على طهران لإجبارها على إعادة التفاوض بشأن برنامجها النووي، إضافة إلى برنامجها الصاروخي.

وتفاقم هذا التوتر عقب إسقاط إيران في 20 يونيو/حزيران الماضي طائرة أمريكية مسيَّرة، قالت إنها اخترقت الأجواء الإيرانية، فيما قال الجيش الأمريكي إنها كانت تحلّق في المجال الجوي الدولي.

ووقَّعَت إيران هذا الاتفاق في 2015 مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا) وألمانيا.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً