نتنياهو قال إنه سيعمل على ضم غور الأردن وشمال البحر الميت لإسرائيل حال انتخابه مجدداً (AFP)
تابعنا

لم يكتفِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء الماضي، بالتأكيد عزمه ضم أراضي غور الأردن وشمال البحر الميت حال إعادة انتخابه الأسبوع القادم، إذ سعى إلى عقد الاجتماع الأسبوعي لحكومته، الأحد، في تلك المنطقة التي تحلم إسرائيل بضمها منذ سنوات، وأعاد التأكيد على أنه سيمضي بخطة فرض السيادة الإسرائيلية على الغور، ولاحقاً مستوطنات الضفة الغربية، بعد الانتخابات التي باتت وشيكة، حسبما نقلت عنه القناة 12 العبرية.

وعرض نتنياهو، خطة حظيت بموافقة من مجلس وزرائه، لإقامة مستوطنة جديدة في المنطقة باسم "مفوؤوت يريحو"، كخطوة لشرعنة مستوطنة بالاسم ذاته مقامة منذ عام 1993، وافتخر بها قائلاً "تعهدت في الأيام السابقة بضم الأغوار إلى إسرائيل، وأنا فخور بإقامة هذه المستوطنة اليوم، ففرض السيادة الإسرائيلية يضمن بقاء الجيش هنا إلى الأبد، لتكون إسرائيل ذات عمق وتفوق استراتيجيين".

يصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى أكثر من 630 ألف مستوطن يعيشون في 132 مستوطنة

حركة "السلام الآن" الإسرائيلية

وعادة ما يرسل المكان الذي يعقد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي اجتماع حكومته الأسبوعي رسالة مهمة تبتغي إسرائيل إرسالها، وقُرأ اجتماع الحكومة صباح الأحد، على أنه مسعى لفرض أمر واقع في غور الأردن، إضافة إلى وضع حجر الأساس لبدء أول خطوة عملية من أجل ضم هذه المنطقة التي تشكل ما بين 27-28% من مساحة الضفة الغربية، لإسرائيل، وهي المنطقة التي قال نتنياهو إنها "التحدي الأكبر لدولته على حدودها الشرقية"، آمراً ببناء جدار أمني على طول الحدود لضمان استمرار قوته في المنطقة، على حد تعبيره.

دعاية انتخابية؟ 

لدى إعلان نتنياهو عن نيته ضم غور الأردن وشمال البحر الميت وأجزاء من الضفة الغربية، قرأ مراقبون ذلك بأنه مسعى إلى كسب المزيد من الأصوات في الانتخابات، خاصة وأنه كان قد أكد أن الضم لن يتم قبل انتخابه رئيساً للحكومة المقبلة.

على العكس من ذلك، يضع البروفسور عبد الستار قاسم، الأستاذ في جامعة النجاح الوطنية، هذا السبب على هامش الأسباب التي جعلت من اجتماع الحكومة الإسرائيلية يُعقد في الأغوار ويتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه القرارات بكل ثقة، "فنتنياهو قبل الانتخابات هو ذاته بعدها، لم يغير من سياسته ولن يختلف كثيراً، لن يصبح أكثر يمينية وتشدداً مما كان عليه، وهو يتحرك من منطلق أيدلوجي ديني صهيوني، وعقيدة استيطانية"، على حد تعبيره.

ويضيف في تصريح لـTRT عربي "انعقاد اجتماع الحكومة الإسرائيلية في الأغوار هو رسالة من قبل نتنياهو للعالم وللشعب الفلسطيني عب الأغوار أرض إسرائيلية ولن يسلمها مهما كان الثمن".

وقال "هناك إجماع في إسرائيل على ضرورة ضم الأغوار منذ أكثر من40 عاماً، وهو يكرر ما أكده "مشروع ألون" المعدل عام1997 والذي دعا إلى منح الفلسطينيين 45-50% من أراضي الضفة الغربية دون المساس بالمناطق الحيوية وهي الغور وغوش عتصيون والقدس الكبرى، وتفكيك بعض المستوطنات البعيدة سيما التي تقع في المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، وعدم التنازل والسيطرة والسيادة على القدس، فيما سيكون نهر الأردن الحدود الشرقية لدولة إسرائيل، ويشـكل حدوداً دائمة بين إسرائيل والأردن".

يوجد حوالي 280 ألف دونم في الأغوار، يستغل منها المزارعون الفلسـطينيون 50 ألف دونـم، بينما تصل نسبة الأراضي المصادرة منها لأغراض زراعية ملحقة بـ 3 مستوطنات حوالي 27 ألف دونم

مركز العمل التنموي الفلسطيني "معاً"

واعتمدت إسرائيل مصطلح الأغوار في "مشروع ألون"، بهدف بسـط نفوذها على المناطق بين جبال الخليل ونابلس ونهر الأردن، والتي تحتوي على عدة كتل استيطانية.

كما يتم التعامل مع هذه المنطقة بآلية تختلف عن بقية مناطق الضفة الغربية منذ بدء الاستيطان فيها عام 1967، فهي تتبع لقوانين إسرائيلية، أعلنت بموجبها العديد من مناطق الأغوار مناطق عسكرية مغلقة، ومراكز لتدريب الجيش الإسرائيلي، إضافة لإنشاء المستوطنات على أراضي الأغوار استناداً لقانون أملاك الغائبين.

الصمت الدولي.. أرضية خصبة

يعتبر قاسم أن الصمت الدولي والعربي يعد بمثابة "أرضية خصبة لينفذ نتنياهو القرار بضم الأغوار إلى إسرائيل، لا سيما وأنه سبق وضم القدس والجولان في ظل صمت عربي ودولي، فإن تم تنفيذ القرار سيكتفي العالم بالإدانة، كما يفعل دائماً".

يشار إلى أن انعقاد اجتماع الحكومة الإسرائيلية في الغور، جاء متزامناً مع انعقاد اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في جدة، والذي دعا فيه الوزراء إلى ضرورة وقف سياسات إسرائيل الاستيطانية.

من جانبها، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أدانت اجتماع الحكومة الإسرائيلية في الأغوار الفلسطينية الأحد، وما "سينتج عنه من قرارات وإجراءات استعمارية توسعية".

وقالت الوزارة، في بيان صحفي، إن إجراءات الحكومة الإسرائيلية ضد الأغوار الشمالية في الضفة الغربية "اختبار لقدرة المجتمع الدولي على حماية حل الدولتين"، مطالبة المجتمع الدولي بسرعة التحرك لوقف الاستيطان الذي يدمر أية فرصة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين.

ويرى قاسم أن الأمر سيمر كما مرت مشاريع ضم سابقة، "فعلى كافة الأصعدة لا تملك الحكومات سوى الإدانة، وعلى الصعيد الشعبي لا توجد وحدة شعبية وفصائلية كافية قادرة على مواجهة هذا القرار".

ويتفق سامي صادق رئيس مجلس قرية العقبة في الأغوار، مع تصريحات عبد الستار القاسم، إذ وصف التحرك الشعبي بالضعيف رغم أهميته في هذه الفترة.

ويأمل صادق بتحرك شعبي كبير يستطيع إيقاف قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، معتبراً أن تجربة قرية العقبة كانت ناجحة، إذ استطاع سكان القرية إزالة معسكر إسرائيلي بسبب مسيراتهم واعتصامهم في أرضهم ودفاعهم عنها.

ويؤكد في تصريح لـTRT عربي على الآثار السلبية التي سيعاني منها الفلسطينيين إذا ما نفذ نتنياهو قراره، قائلاً "إنه سيتم حرمان سكان المناطق من الخدمات الأساسية، فلن تصلهم المياه والكهرباء، ولن يكون هناك أي اهتمام بالبنية التحتية والشوارع والمدارس والمساجد".

ويضيف "تمسكنا بأرضنا واستمرار البناء عليها هو الخطوة التي نستطيع فعلها ضد هذه القرارات المجحفة".

من جانبه، قال مسؤول ملف الأغوار ومقاومة الاستيطان في محافظة طوباس بالضفة الغربية معتز بشارات إن "من المقرر أن تسحب الحكومة الفلسطينية الاعتراف في دولة الاحتلال، كما أن السلطة ستتحلل من كافة الاتفاقيات الموقعة معه فور بدء نتنياهو تطبيق القرار على أرض الواقع".

وأضاف في تصريح لـTRT عربي أن "اجتماع نتنياهو جاء في مجلس المستوطنات في الأغوار، ليرسل للعالم رسالة مفادها بأنه ماضٍ بتطبيق قراره الاستيطاني وهو الأمر الذي بدأ به اليوم ببناء مستوطنة".

وقال "هناك هجمة استيطانية على منطقة الأغوار، حيث تم الإعلان عن 51.700 دونم على أنها مناطق مغلقة، بالإضافة إلى المضايقات التي يتعرض لها الفلسطينيين هناك، حيث يحتاج الفلسطيني إلى تصريح من إسرئيل كي يدخل أرضه، وتواجه العائلات إخطارات جماعية بهدم منازلها، وترحيل السكان قسرياً".

وأوضح بشارات "يقوم مستوطنون يطلقون على أنفسهم شباب التلال بالسطو على أراضي الفلسطينيين في الأغوار، حيث سيطروا على 3 آلاف دونم وطردوا أصحابها".

وتشكل الأغوار الجزء الشرقي من الضفة الغربية الذي تم الاستيلاء عليه عام 1967، حوالي 28% من مساحة الضفة، لكن 88% من أراضي الأغوار تصنف مناطق "ج" الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وتمتد من عين جدي بالقرب من البحر الميت جنوباً، وحتى قرية عين البيضاء شمالاً في الأغوار الشمالية بمحافظة طوباس والواقعة إلى الجنوب من بيسان، بطول 120 كم، وعرض يتراوح بين 5 -25 كم، وتبلغ مساحة منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت 1.6 مليون دونم.

ما يقارب من نصف الأراضي التي يعيش فيها الفلسطينيون تحتلها المستوطنات، ويسيطر الجيش الإسرائيلي على 44 % مما تبقى من تلك الأرض لغاية الاستيطان، وصادرت إسرائيل آلاف الدونمات لصالح الاحتياجات العسكرية، وحولتها لاحقاً لصالح 9 مستوطنات أقيمت في غور الأردن

مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"

وأقام الاحتلال الإسرائيلي 36 مستوطنة فـي الأغوار الفلسطينية، على حوالي 27 ألف دونم صالحة للزراعة، منذ أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967 وحتى الآن، يعيش فيها ما يقارب 9500 مستوطن. 

ويوجد في المنطقة ثمانية معسكرات إسرائيلية للتدريب، ومن بين تلك المستوطنات 11 مستوطنة مقامة على أراضي الأغوار الشمالية التابعة لمحافظة طوباس وتشـمل 1500 مستوطن، وذلك وفق حقائق ومعطيات لدراسة أعدتها الباحثة الفلسطينية تحرير صوافطة عام 2018.

عبد الستار قاسم: نتنياهو يتحرك من منطلق أيدلوجي ديني صهيوني (TRT عربي)
معتز بشارات: الفلسطينيون في الأغوار يتعرضون لمضايقات من قبل المستوطنين الإسرائيليين (TRT عربي)
مساحة الأغوار تشكل 28% من مساحة الضفة الغربية (AFP)
سامي صادق: قرار نتنياهو سيحرم السكان الفلسطينيين من الخدمات الأساسية (Reuters)
TRT عربي
الأكثر تداولاً