تابعنا
في حديثه في أثناء اليوم الأول للمهرجان، أشار نائب المدير العام لشبكة TRT محمد زياد فارول، إلى أنه لم يكن من الممكن تنظيم هذا الحدث من دون لفت الانتباه إلى "الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

أُقيم الحفل الختامي للدورة الرابعة عشرة من مهرجان TRT الدولي للأفلام الوثائقية أمس الأحد في مدينة إسطنبول، بحضور رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألطون، والمدير العام لشبكة الإذاعة والتلفزيون التركية TRT محمد زاهد صوباجي.

وقال ألطون في خطابه في أثناء افتتاح حفل توزيع الجوائز إن "الحقيقة في المقام الأول هي التي ستجعل مستقبل عالمنا أكثر عدلاً واستقراراً"، مشيراً إلى أن الأفلام الوثائقية تسعى دائماً وراء الحقيقة التي ضاعت أو همّشت.

وأضاف: في الفيلم الوثائقي تركز الكاميرا على تمثيل المواقف الحقيقية بشكل مباشر، وليس موقفاً مصطنعاً أو خيالياً، لافتاً إلى أن "صناعة الأفلام الوثائقية من بين الأنواع الأخرى في مجال الإعلام والسينما، هو مجال مهم للغاية يمزج بين الجماليات والأخلاقيات".

وأعرب ألطون عن تقديره لتخصيص مكان خاص لغزة في المهرجان، قائلاً: "من المهم جداً الإشارة إلى الظالم والمظلوم في غزة وتوثيقه من خلال الإنتاجات الفنية، ليبقى جيلاً بعد جيل، وأود أن أشكر كل من دعم وساهم في هذه الجهود".

وأُقيم المهرجان -الذي يُنظم بدعم من وزارة الثقافة والسياحة التركية- على مدى 4 أيام بين 14 و17 ديسمبر/كانون الأول، وكان هذا العام تحت شعار "آثار متجذرة، قصص قوية". (TRT Arabi)

وفي سياق متصل، أكد المدير العام لشبكة الإذاعة والتلفزيون التركية TRT محمد زاهد صوباجي، أن ما يميز الأفلام الوثائقية قدرتها في تسليط الضوء على القضايا العالمية الأساسية وكشف الظلم الواقع بها.

غزة في مستهل المهرجان

في حديثه في أثناء اليوم الأول للمهرجان، أشار نائب المدير العام لشبكة TRT محمد زياد فارول، إلى أنه لم يكن من الممكن تنظيم هذا الحدث من دون لفت الانتباه إلى "الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، والجرائم غير الإنسانية التي تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني، ولهذا السبب اخترنا الفيلم الوثائقي 'إيراسموس في غزة' ليكون الفيلم الافتتاحي للمهرجان".

ويدور الفيلم حول طالب الطب الإيطالي ريكاردو كوراديني، وهو أول من يذهب إلى قطاع غزة في إطار البرنامج الأوروبي الشهير المعروف باسم إيراسموس، ليستكمل سنته الدراسية الأخيرة ويصبح جرّاح حرب ويكتب أطروحته عن جروح الرصاص المتفجرة.

يوضح الفيلم كيف رُحب بالطالب الإيطالي عند وصوله إلى الجامعة الإسلامية، من مدير الجامعة وإجراء مقابلات معه من وسائل الإعلام المحلية والدولية.

لقطة من الفيلم في أثناء "مسيرة العودة الكبرى" في 2019. (TRT Arabi)

ويبين الفيلم صعوبة الدخول إلى غزة، إذ يحتاج إلى إذن من ثلاث سلطات مختلفة، وهي الجيش الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية وحماس.

ويحكي الفيلم معاناة الطالب كوراديني من نوبات الذعر التي عاشها في القطاع بسبب القصف، مسلطاً الضوء على الحياة الصعبة والاستثنائية التي يعيشها الفلسطينيون هناك كل يوم، كما يلفت إلى تقييد حركة الفلسطينيين وأهل غزة المحاصرين المحرومين حتى من أقل حقوقهم وهو التنقل بحرية.

وعرض الفيلم لأول مرة عام 2022، وهو من إنتاج إسباني من إخراج كيارا أفيساني وتصوير ماتيو ديلبو.

وفي رسالة فيديو بعث بها فريق العمل للمهرجان قال ماتيو ديلبو: "نريدكم أن تكونوا أقرب إلى شعب غزة الآن، تماماً كما كنا عندما صورنا هذا الفيلم، كما ندعو إلى وقف إطلاق النار".

وقالت كيارا في الرسالة المصورة: "لم تكن هناك حرب رسمية بعد عندما صورنا الفيلم، ورغم ذلك ستشهدون نضال شعب غزة".

بعض الحاضرين في أثناء التسجيل لدخول المهرجان. (TRT Arabi)

وتردف مخرجة الفيلم: يؤسفنا جداً أن نقول إن كل الأماكن التي رأيتموها في الفيلم لم تعد موجودة، قصفت الجامعة الإسلامية والمستشفيات الثلاثة في الفيلم، "الأهلي" و"العودة" و"الشفاء".

وقال الطبيب الإيطالي ريكاردو كوراديني، الشخصية الرئيسية في الفيلم، في رسالته بالفيديو: "في عام 2019، درست في الجامعة الإسلامية بغزة من خلال برنامج إيراسموس، وأتاحت لي هذه التجربة تحسين مهاراتي الطبية كثيراً، بفضل معايير التعليم العالية في غزة".

وتابع: "رأيت بعيني الحياة في قطاع غزة وكيف أن الجميع يتعرضون للتهديد كل يوم بسبب القصف ونقص مياه الشرب والغذاء والدواء والكهرباء والوقود، رغم أنها من المفترض أنها لم تكن أيام حرب آنذاك".

ودعا الطبيب في ختام رسالته الجميع إلى مساعدة المنظمات التي تقدم الدعم الطبي والمساعدات الإنسانية لـ2.3 مليون فلسطيني من سكان غزة مهجّرين قسراً بشكل غير قانوني، مطالباً بتوفير المساعدات الإنسانية والأدوية والغذاء ومياه الشرب والوقود بشكل فوري ووقف النار وإنهاء الاحتلال.

لقطة من وثائقي "إيراسموس في غزة" تظهر فيها الكوفية الفلسطينية بغرفة الطالب الإيطالي ريكاردو. (TRT Arabi)

عين على الحقيقة

ويقول جهاد شريف أغيرمان، مدير قناة TRT الوثائقية، إن الفيلم الوثائقي هو فن واقعي قائم على الحقيقة، لذلك افتُتح المهرجان بفيلم إيراسموس في غزة.

ويضيف أغيرمان لـTRT عربي، أنه لا يمكن لأحد الهروب من الحقيقة، والوثائقي ينتج الصورة المرئية الأقرب إلى الواقع، وأردنا أن نكشف حقيقة ما يحدث في غزة من خلال الفيلم.

وكشف عن تلقيهم ردود فعل جيدة جداً بعد عرض الفيلم، مستطرداً: "من واجبنا الإنساني أن ننقل هذه الحقيقة للناس في الأفلام والمهرجانات وفي كل مكان، فقلوبنا تنبض في غزة ومع غزة".

ويلفت مدير قناة TRT الوثائقية إلى أنه بجانب الفيلم نظمت ندوة بعنوان "حقائق غزة"، مع عدد من الخبراء في مجال الصحافة والإعلام.

بجانب الفيلم نظمت ندوة بعنوان "حقائق غزة"، مع عدد من الخبراء في مجال الصحافة والإعلام. (TRT Arabi)

من ناحية أخرى، تقول زليخة ألياتشيق، مديرة التحليل الاستراتيجي في وكالة الأناضول، وكانت من ضمن المتحدثين في ندوة حقائق غزة، إنه كلما انتشرت الحقيقة، خدمت الواقع أكثر.

وتضيف ألياتشيق لـTRT عربي، إن "ما تقوم به TRT من شأنه أن يمس قلوب الناس، واللقطات المعروضة تشكل دليلاً على الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني".

وتشير الإعلامية إلى دور الصحفيين في سرد القصة وإيصال الحقيقة للناس، لافتةً إلى أن "بعض المحامين استطاعوا جرّ الاحتلال الإسرائيلي إلى المحكمة الجنائية الدولية عن طريق صور التقطتها وكالة الأناضول".

أما الكاتبة الكندية جني مولنديك ديلفالي، فترى أن الوثائقيات هي فرصة لنشر المعلومات والقصص الحقيقية التي قد لا يكون للشخص العادي عادةً الفرصة لمشاهدتها في وسائل الإعلام الرئيسية.

لقطة من الوثائقي تظهر التوغل الإسرائيلي، رغم أنه لم توجد حرب آنذاك. (TRT Arabi)

وتقول ديلفالي لـTRT عربي: "أظن أن كثيراً من الأعمال الفنية لم تتمكن من إبراز القصص الواقعية بشكل كبير، ويبدو الأمر في هوليوود وكأنه خيال، لذا أعتقد أنه مع تحسُّن جودة الأفلام الوثائقية -كما رأينا هنا في هذا المهرجان- ومع زيادة الوعي، ستنتشر القصص الحقيقية وستكون الوثائقيات مفتاحاً بالغ الأهمية لنقل الرسالة إلى المواطن العادي حول ما يحدث حقاً في العالم".

وتلفت إلى أنه من مسؤولية صُناع المحتوى القيام بذلك بجودة عالية، وجعل القصص مثيرة للاهتمام حقاً، للتأكد من أنها ستستقطب انتباه أكبر عدد من الناس، موضحة أن "اختيار منظور فريد لقصة الفيلم وروايتها بصدق سيوسع من انتشار الفيلم والاحتفاء به في مهرجانات مثل هذه أو منصات أخرى، ما يساعد على توصيل الحقيقة".

وتشير ديلفالي إلى أن العالم بصدد وقت حرج في التاريخ، "وهذا هو الوقت الذي نحتاج فيه إلى العمل للأمام، فلنروِ القصص، وليجتمع المبدعون من مخرجين وكتاب السيناريو والمنتجين، لإيصال الحقيقة لكل مكان".

جانب من الحضور في مهرجان جوائز TRT للوثائقيات (TRT Arabi)

عملية المهرجان

وفي حفل توزيع الجوائز، أشار محمد زاهد صوباجي إلى تاريخ مؤسسة TRT في مجال الوثائقيات، قائلاً: "في عام 2009 اتخذت الشبكة خطوتين مهمتين، إذ أنشأت قناة (TRT Belgesel) الوثائقية، ودشنت مهرجان جوائز TRT للوثائقيات، وتوّج هذا التاريخ بحصول شبكة TRT على جائزة إيمي للأفلام الوثائقية الإخبارية في سبتمبر/أيلول الماضي".

بدوره يقول جهاد شريف أغيرمان، إنه "في هذا العام شارك 988 فيلماً من 93 دولة، وبحسب المعايير الدولية، فإن مجرد مراجعة الطلبات تستغرق أكثر من شهر، ولدينا لجان لمتابعة مراحل الاختيار، من وزارة الثقافة والجمعيات المهنية للإنتاج السينمائي ومن قناة TRT فحصوها بعناية، وقاموا بتصفية هذه الأفلام، واختير إجمالي 63 فيلماً نهائياً".

لقطة من الوثائقي تظهر الطالب ريكاردو وسط الأطباء في أثناء استقبالهم الجرحى في غزة (TRT Arabi)

ويبيّن مدير قناة TRT الوثائقية، أن اللجان تقوم أولاً بتقييم المتأهلين للتصفيات النهائية مع لجنة التحكيم الدولية، وعددهم 32 فيلماً لهذا العام.

وأُقيم المهرجان -الذي يُنظم بدعم من وزارة الثقافة والسياحة التركية- على مدى 4 أيام بين 14 و17 ديسمبر/كانون الأول، وكان هذا العام تحت شعار "آثار متجذرة، قصص قوية".

وقدمت النسخة الحالية فيه 12 جائزة في 4 فئات، "الفئة الدولية"، و"فئة المحترفين المحليين"، و"فئة أفلام الطلاب المحليين" و"فئة دعم المشاريع"، بالإضافة إلى جائزة "الذكرى المئوية للجمهورية التركية" الخاصة بهذا العام.

ويبين الفيلم صعوبة الدخول إلى غزة، إذ يحتاج إلى إذن من ثلاث سلطات مختلفة، وهي الجيش الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية وحماس. (TRT Arabi)
TRT عربي
الأكثر تداولاً