هلع بالداخل واحتراز بدول مختلفة.. كيف انتشر بق الفراش بفرنسا وأعجز السلطات؟
تشهد فرنسا انتشاراً واسعاً لحشرة "بق الفراش" الضارة، وخاصة في العاصمة باريس، التي تتحضر لاحتضان الألعاب الأولمبية في أقل من عام. بينما يثير هذا الوضع الصحي مخاوف لدى جيران فرنسا الجنوبيين، الذين أعلنوا إجراءات احترازية لمنع انتقال العدوى لأراضيهم.
كيف انتشر بق الفراش بفرنسا وأعجز السلطات؟ / صورة: Reuters (Reuters)

تشهد فرنسا خلال الأيام الأخيرة انتشاراً واسعاً لحشرة "بق الفراش"، وهو ما أصبح يثير مخاوف صحية جدية للأضرار التي يمكن أن تتسبب فيها هذه الحشرة الطفيلية التي تقتات على دماء الإنسان. وتتزايد هذه المخاوف مع اقتراب موعد أولمبياد 2024، التي ستحتضنها العاصمة باريس في غضون أقل من عام.

وتواجه الحكومة الفرنسية انتقادات بسبب "بق الفراش"، إذ بلغت القضية قبة برلمان البلاد، واتهمت المعارضة رئيسة الحكومة بالتقاعس في مواجهة هذه الآفة. كما أعلنت حكومتا المغرب والجزائر عن تفعيل إجراءات احترازية على حدودها مخافة انتقال هذه الحشرة إلى أراضيها.

انتشار "بق الفراش"

منذ ستينيات القرن الماضي، أصبحت حشرة "بق الفراش" من سكان فرنسا المعتادين. غير أنها عرفت انتشاراً متسارعاً خلال السنوات الأخيرة، وحسب تقرير لوكالة السلامة الصحية الفرنسية، في الفترة بين 2017 و 2022، أصبح بيت واحد على الأقل من أصل عشرة في فرنسا يشهد غزو "بق الفراش".

وصولاً إلى الأيام الأخيرة، إذ أصبح تفشي هذه الحشرة الطفيلية آفة عامة، وانتقلت من الأماكن الخاصة للفضاءات العامة، كمحطات المترو والمدارس والمؤسسات السياحية. وعُثر على "بق الفراش" في قاعة بباريس، كما جرى إغلاق عدد من المدارس بسبب اكتشافها هناك.

وبعث نائب عمدة باريس إمانويل غريغوري، رسالة إلى رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، يستنجد فيها الحكومة بالتدخل لمكافحة هذه الآفة التي تغرق فيها العاصمة. وقال غريغوري: "يجب على الدولة أن تجمع بشكل عاجل جميع أصحاب المصلحة المعنيين من أجل نشر خطة عمل تتناسب مع هذه الآفة".

وأشار نائب عمدة باريس في رسالته إلى أن مكافحة هذه الآفة "تكلف في المتوسط ​​866 يورو للفرد"، وطالب الحكومة بتوفير "دعم مالي للأفراد" وإنجاز "خطة تدخل للمصالح الصحية العامة".

ولا يقتصر هذا الانتشار على باريس وحدها، بل في مدن أخرى كمرسيليا وليون في الجنوب. وفي مرسيليا، تعاني أسرة من كل خمس أسر غزو "بق الفراش"، كما رُصد انتشار الحشرة في محطات المترو وعربات القطارات. كما أطلقت بلدية نيس حملة تطهير واسعة في الأماكن العامة، استهدفت بدرجة أولى وسائل النقل.

وفي السياق ذاته، تلقت بورن وحكومتها انتقادات واسعة في البرلمان، إذ اتهمتها المعارضة بالتقاعس في مكافحة انتشار الحشرة المضرة. وقالت النائبة ماتيلد بانو، في كلمة لها في البرلمان يوم الثلاثاء: "لقد نبهناكم (في السنوات الماضية) إلى الآفة لكنكم سخرتم منا (...) اليوم ماذا تنتظر الحكومة لتتحرك، حتى يغزو بق الفراش مقر رئيسة الحكومة؟".

سخرية دولية واحتياطات مغاربية

وأثار هذا الوضع الصحي الذي تشهده فرنسا مخاوف واسعة ارتباطاً باحتضان البلاد الألعاب الأولمبية الصيفية في غضون أقل من عام. كما أثار موجة سخرية دولية، عبرت عنها الصحافة العالمية التي غطت هذا الموضوع.

وسألت مجلة "فايس" الكندية، قراءها "هل أنتم مستعدون للفناء ببق الفراش؟"، وأرفقت التقرير بصورة ساخرة تظهر حشرة ضخمة تظهر بالقرب من برج إيفل. ومن جانبها، كتبت صحيفة "إلباييس" الإسبانية، بأن "بق الفراش أصبح نجم الدخول الفرنسي". ووصفت صحيفة "سودويتشه تسايتونغ" الألمانية، آفة بق الفراش في فرنسا بأنها "أصبحت تأخذ شكل لعنة توراتية".

ومن ناحية أخرى، فعلت السلطات الصحية بالمغرب تدابير صارمة لمواجهة أي احتمال لتسرّب حشرة بقّ الفراش إلى البلاد. وقالت وزارة الصحة المغربية، في بيان لها، إنها شددت المراقبة الصحية عبر الحدود وتتبع الوضع الصحي والبيئي في المناطق المعنية بانتشار حشرة بق الفراش، وتضع رهن إشارة المواطنين مجموعة من التوصيات والنصائح الخاصة بالسفر الدولي، كما تأهبت منظومة الرصد القائم على الأحداث للكشف المبكر عن أي حادث صحي غير عادي.

وتأتي هذه الخطوة استجابة لإنذار أصدره رُبان سفينة قدِمت من مدينة مارسيليا الفرنسية إلى ميناء طنجة، يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد الاشتباه بوجود حشرة البقّ في مقصورة قيادة السفينة. وفعّلت السلطات في ميناء طنجة على الفور بروتوكولاً صارماً لتعقيم السفينة بشكل شامل.

وفي السياق نفسه، طمأن وزير الصحة الجزائري عبد الحق سايحي مخاوف مواطني بلاده من انتشار الحشرة الطفيلية. وقال سايحي: "العائلات الجزائرية نظيفة، ونحن نحرس الحدود ولا خوف علينا من هذه المشكلات"، منوّهاً باتخاذ وزارة النقل تدابير وقائية في هذا الصدد.

TRT عربي