هل دعم الغرب محاولة الانقلاب بتركيا؟.. تعرَّف سجله الحافل بدعم الانقلابيين
سقطت الدول الغربية في امتحان الديمقراطية الذي تتغنى بها دوماً، من خلال دعمها للانقلابات في عدة دول كمصر وليبيا وفنزويلا والأرجنتين، في الوقت الذي ابتهجت فيه لانقلاب 15 تموز في تركيا وأدانته على استحياء، ما يُظهر التناقضات الغربية في تعاملها مع تركيا.
تحاول الدول الغربية الحفاظ على مصالحها في الشرق الأوسط وخنق أي حكم ديمقراطي بدعمها الدكتاتورية والانقلابات العسكرية (TRT Arabi)

يسارع الغرب إلى دعم الأنظمة الديكتاتورية والقائمة على الانقلابات في الوطن العربي والعالم، متجاهلاً الحريات التي يتباهى بها والتي يعتبر وجودها في العالم العربي تحديداً مصدر قلق وتخويف له تحت ذرائع مختلفة، بخاصة تلك المنبثقة عن الثورات التي أخمدها الغرب بدعمه لحكم العسكر كما كان في مصر وليبيا.

وتحاول الدول الغربية الحفاظ على مصالحها في الشرق الأوسط وخنق أي حكم ديمقراطي، ففي الوقت الذي يدعم فيه الغرب الانقلابات في الدول التي تحاول القضاء على الديكتاتورية والتسلط والفساد، تجاهل محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز 2016 التي حدثت في تركيا، إذ تجنَّب إدانة الحدث وساهم في دعم الانقلابين واحتوائهم، كما في الولايات المتحدة واليونان اللتين أصبحتا مأوى لإرهابيي منظمة غولن، وألمانيا التي وفرت منابرها ومنصاتها ليتحدث من خلالها الإرهابيون المعادون لتركيا، الذين تطالب الحكومة التركية بتقديمهم للعدالة.

ولم يختلف الفكر الغربي القائم على العقلية الاستعمارية قبل عقود من الزمان عن اليوم، فالدول الغربية التي احتلت الدول العربية باسم الاستعمار، كانت تبحث عن مصالحها كما هي اليوم، ويتجلى ذلك بدعمها للانقلابات.

ولا تزال دول غربية تتغنى بتدميرها لدول عربية واستعمارها لها وقمع ثوراتها، كما في فرنسا التي لا تزال تحتفظ بـ18 ألف جمجمة في متحف "الإنسان"، منها 500 فقط جرى التعرُّف على هويات أصحابها، من ضمنهم 36 قائداً من المقاومة الجزائرية قُتلوا ثم قُطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي أواسط القرن الـ19، ثم نقلت إلى العاصمة الفرنسية لدوافع سياسية وأنثروبولوجية، حسب تقرير بثّه قناة "فرنسا 24" الفرنسية.

انقلاب السيسي.. مباركة ودعم غربي-أمريكي

وعلى الرغم من تهالك أوضاع حقوق الإنسان في مصر وتقارير المنظمات الحقوقية عن ترديها، فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يحظى بدعم أمريكي وأوروبي بذريعة محاربة الإرهاب، إذ أشاد وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري عام 2014 في شهادته أمام الكونغرس، بتقديم مصر مساعدات هائلة للولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما جعل السيسي يحصل على مساعدات ومنح عسكرية ومالية لنظامه الانقلابي، حسب صحيفة "ذا وول ستريت جورنال".

وما كان للانقلاب في مصر أن يمر لولا الدعم الأمريكي والغربي الذي يضمن أمن الولايات المتحدة وإسرائيل واستقرارهما، وحصار غزة التي تعتبر مصر المنفذ الوحيد لها إلى العالم، وقمع حركات المقاومة، بالأخص حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" في غزة، وتأمين قناة السويس لعبور قواتها التي تستهدف الدول الأخرى، فالاتصالات بين القاهرة وواشنطن لم تتوقف منذ ثورة يناير حتى الانقلاب العسكري، حسب الصحيفة.

ولا يختلف السيسي الذي انقلب على الشرعية في مصر عن قائد الانقلاب في الأرجنتين الجنرال جورج فيديلا الذي جرى هناك عام 1976، فكلاهما زعما أن الانقلاب ضد نظام "منتخب ديمقراطياً" كان ضرورياً لوقف الفوضى السياسية ومكافحة "الإرهاب"، وكلاهما قمعا المعارضة السلمية ووسائل الإعلام والنشطاء ومنظمات حقوق الإنسان، إلا أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما اعتذر للأرجنتين عن دعم الولايات المتحدة للانقلاب، حسب ما جاء في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، التي تساءلت في افتتاحية لها في مارس/آذار 2016، عن سبب اعتذار أوباما للأرجنتين وعدم رفضه الانقلاب في مصر وقبوله بالانتهاكات التي قالت إنها أكبر حجماً وأوسع نطاقاً في مصر.

وتساءلت الصحيفة عن الكيفية التي يمكن للمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر أن يفهموا ما قاله أوباما، وواشنطن صامتة عن الكلام حالياً عن انقلاب في بلادهم ينخرط في ممارسة الجرائم التي اعتذر عنها بالأرجنتين.

وغضت أمريكا الطرف عن انقلاب الأرجنتين تسعة شهور، ثم خفضت مساعداتها العسكرية كثيراً لها وأوقفتها تماماً عندما رفض الانقلابيون شروط حقوق الإنسان الأمريكية، لكن إدارة أوباما استمرت في الدفاع عن انقلاب السيسي سنتين كاملتين، وغضت الطرف عن حقوق الإنسان ومنحت نظامه 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية.

واختتمت الصحيفة بقولها إن على أوباما ألا يستغرب إذا جاء رئيس أمريكي بعد بضع سنوات، وشعر بضرورة الاعتذار للمصريين عن سلوك الرئيس الحالي. لكن هذا ما لم يحدث، فقد جاء الرئيس دونالد ترمب ليكمل مشوار باراك أوباما، ويزيد من دعمه لعبد الفتاح السيسي، فالتقاه وقال بصريح العبارة: "أريد أن يعرف الجميع لو كان عندهم شك، أننا نقف مع الرئيس السيسي ونتفق في الكثير من الأمور".

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن ترمب وصف نظيره المصري عبد الفتاح السيسي بـ"ديكتاتوري المفضل"، قبيل لقائهما على هامش قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في فرنسا أغسطس/آب 2019.

وأشاد الرئيس الأمريكي بنظيره المصري بوصفه "رئيساً عظيماً" في الوقت الذي أثارت فيه مجموعة من النواب الأمريكيين مخاوف بشأن سجل السيسي في مجال حقوق الإنسان، والجهود المبذولة لإبقائه في منصبه لسنوات عديدة وخططت لشراء الأسلحة الروسية، حسب وكالة رويترز.

ورداً على سؤال عما إذا كان يدعم الجهود للسماح للسيسي بالبقاء في السلطة لمدة 15 عاماً أخرى، قال ترمب للصحفيين: "أعتقد أنه يقوم بعمل رائع. لا أعلم عن هذا الجهد، يمكنني فقط أن أخبرك بأنه يقوم بعمل رائع... رئيس رائع".

وفي مقال آخر بصحيفة "واشنطن بوست" اعتبرت نانسي عقيل المديرة التنفيذية لمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، أن دعم الرئيس ترمب لنظيره المصري سيعقّد الأمور في مصر، وسيفسح المجال أمام السيسي لتعزيز سلطته وقمع أي معارضة، مؤكدةً أن زيارة الأخير لواشنطن ولقاءه الرئيس الأمريكي داخل البيت الأبيض كانا بمنزلة موافقة أمريكية على مضي "رأس الانقلاب" في تعديلاته الدستورية التي تتيح له البقاء بالسلطة مدى الحياة.

وعلى الرغم من كل الممارسات القمعية بحق المعارضين في مصر، لم تصدر إدانات واضحة من حلفاء مصر الغربيين، فبعد خمسة أيام من بداية قمع المظاهرات التي خرجت ضد السيسي في يناير/كانون الثاني 2020، التقى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الرئيس المصري على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ولم يذكر الاحتجاجات أو القمع بل كال المديح للسيسي. وقبل خمسة أيام من اندلاع التظاهرات، وصل وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط البريطاني إلى القاهرة لمناقشة الشراكة الاقتصادية المتزايدة، حسب وسائل إعلام مصرية.

في السياق ذاته، تعتبر فرنسا من أكبر مورّدي السلاح إلى مصر، حسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، التي رأت في افتتاحية لها بعنوان "مصر وأوروبا: تبني الاستبداد"، أن "انعقاد القمة العربية الأوروبية في مدينة شرم الشيخ يمثّل استمراراً للدعم الأوروبي لرئيس النظام القمعي والاستبدادي في مصر عبد الفتاح السيسي، بخاصة أنها جاءت متزامنة مع تنفيذ السلطات المصرية أحكام الإعدام بحق عدد من المتهمين الذين تعرّضوا لعمليات تعذيب دفعتهم إلى الاعتراف بقتل النائب العام السابق في مصر".

وعلى الرغم من التقارير الحقوقية كتقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الذي يفيد بأن مصر تعيش أسوأ أزمة حقوق إنسان منذ عقود، فإن أوروبا لا تزال تتعامل بدبلوماسيتها الهادئة مع مثل هذه القضايا، فهم يواصلون بناء علاقاتهم وتوفير جو من الشرعية الدولية التي يحتاج إليها السيسي لتبييض سجلّه المليء بالقمع منذ استيلائه على السلطة في انقلاب 2013، حسب الصحيفة.

ويرى قادة الاتحاد الأوروبي في نظام السيسي عامل استقرار نادر في المنطقة، حتى لو كانت أفعاله تغذّي العنف على المدى الطويل، فمصر هي يد أوروبا القمعية التي تستطيع احتجاز المهاجرين في ظروف بائسة وخطرة بعيداً عن السواحل الأوروبية، حسب الصيحفة.

وتؤكد الكاتبة الألمانية أندريا باكهاوس في مقال نشرته بصحيفة "تسايت" الألمانية "أسباب دعم الدول الغربية لرئيس سلطة الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، على الرغم من سياسته الاستبدادية"، قائلة: "إن العديد من الدول الغربية تعتبر أن السيسي هو الضامن للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".

السيسي يعمل على الحيلولة دون تكرار سيناريو ثورة 25 يناير/كانون الثاني، ومن الواضح أن الدعم الذي يتلقاه من الدول الأجنبية لعب دوراً كبيراً في بقائه بالسلطة على الرغم من الممارسات القمعية في حق شعبه.

الكاتبة الألمانية - أندريا باكهاوس

وأوضحت الكاتبة أن العديد من السياسيين الألمان أدوا زيارات للديكتاتور السيسي تعبيراً منهم عن دعمهم له، من بينهم زعيم الأغلبية بالبرلمان الألماني فولكر كاودر، الذي شدد خلال لقائه بالسيسي على أن مصر وألمانيا شريكتان استراتيجيتان، مؤكداً أن مصر ستبقى الدولة الضامنة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

دعم الانقلاب في ليبيا

ولا يختلف الأمر كثيراً في ليبيا، إذ تكرس بعض الحكومات الغربية جهودها لدعم الجنرال الانقلابي خليفة حفتر المنقلب على حكومة الوفاق الوطني الشرعية والمعترف بها دولياً، في الوقت الذي يتغاضى المجتمع الدولي عن الجرائم التي ترتكبها مليشيات حفتر بحق المدنيين هناك.

وتساهم دول عربية مثل مصر والإمارات والسعودية في تزكية الانقلاب في ليبيا، بمساعدة دول غربية على رأسها روسيا وفرنسا التي ترسل السلاح إلى حفتر، فيما تتكفل دول أخرى بإرسال مرتزقة فاغنر الروسية والجنجويد السودانية وغيرهم من المرتزقة التشاديين والأفارقة، للقتال إلى جانب حفتر.

ولم تمضِ أيام كثيرة على ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نهاية يونيو/حزيران الماضي، حول الإقرار بملكية فرنسا للصواريخ الأربعة المضادة للدبابات، والمضبوطة في قاعدة تابعة لمليشيات حفتر بمدينة غريان جنوبي العاصمة الليبية طرابلس، حتى كشفت وزارة الدفاع الفرنسية أنها عائدة لها. الأمر الذي يطرح التساؤلات مجدداً حول حقيقة الدور الفرنسي في الصراع الليبي.

وعلى الرغم من دعم الاتحاد الأوروبي رسمياً للحكومة الشرعية في ليبيا، طورت باريس علاقات قوية مع حفتر، ما أضعف من نفوذ الاتحاد في ليبيا. وعندما بدأ حفتر هجومه على الحكومة المعترف بها دولياً، قرر الاتحاد الأوروبي التحرك وإدانة الهجوم بعد وقت قصير من انطلاقه في أبريل/نيسان 2019، لكن فرنسا عطلت القرار، وهو ما سمح لحفتر بمواصلة التقدم من دون عقاب.

ولفرنسا مجموعة متنوعة من المصالح الاستراتيجية والجيوسياسية والأيديولوجية في ليبيا. إذ إن التدخل في ليبيا مدفوع في الغالب بالحفاظ على المصالح الاقتصادية الفرنسية ويتماشى مع طموحها لتعزيز نفوذها في شمال إفريقيا، كما أن الاعتبارات الأمنية تدخل بشكل كبير في عملية صنع القرار الفرنسي في المنطقة، حسب وكالة الأناضول.

وعندما كان معمر القذافي في السلطة، أنتجت ليبيا نحو 1.6 مليون برميل من النفط يومياً، وصدّرت معظمها إلى إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا. فالنفط الليبي رخيص وسهل التصدير إلى أوروبا، ومن هنا تسعى باريس لجني فوائد تجارية كبيرة من خلال تأمين مصالح شركة "توتال" عملاق البترول الفرنسي. كما يبدو أن فرنسا لديها نهج عسكري للغاية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، جاء على حساب دعم الأنظمة العسكرية بدلاً من دعم الديمقراطية في المنطقة.

أما اليونان، فقد وقفت إلى جانب قبرص في عدائها لحكومة الوفاق الليبية، وأعلنت الخارجية اليونانية طرد سفير حكومة الوفاق الوطني الليبية في أثينا، وذلك تعبيراً عن غضب اليونان من الاتفاق الموقَّع بين حكومة السراج وتركيا فيما يتعلق بالحدود البحرية والتعاون الأمني بين البلدين.

قرار طرد السفير الليبي هو تعبير عن استياء الحكومة اليونانية تجاه حكومة طرابلس ولعدم التزام الجانب الليبي شروطنا.

وزير الخارجية اليوناني - نيكولاس دندياس

ولا يقتصر دعم حفتر على الدول الغربية والعربية، بل اتضح أن لإسرائيل مصلحة كبيرة في سيطرة حفتر على ليبيا، فقد كشف تقرير لـTRTعربي، كيف تدعم إسرائيل حفتر بالسلاح وما مصالحها من ذلك.

ففي أغسطس/آب عام 2018، فجّر الصحفي الإسرائيلي ومحلل الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية يوسي ميلمان حالة من الجدل الواسع على صعيد محلي ودولي، حين كشف عن علاقات سرية بين جهاز الموساد الإسرائيلي والجنرال الليبي خليفة حفتر كحقيقة لا لبس فيها، وذلك بعد تواصله مع مصادر "استخباراتية" لم يسمِّها.

وفي أبريل/نيسان 2020 بعد عام ونصف تقريباً، عاد يوسي ميلمان ليكشف حقائق جديدة حول ما قال إنه "الدعم الإسرائيلي لخيلفة حفتر"، إذ أشار في مقال نشره موقع "ميدل أيست آي" البريطاني إلى أن جهاز الموساد يشرف بشكل خاص على العلاقات بين تل أبيب وحفتر.

ونقل موقع "يسرائيل نيوز" عن مصادر قولها إن إسرائيل ومصر تقودان عملية تصدير السلاح إلى ليبيا في هذه الأثناء.

الموقف التركي الرافض للانقلابات

وعلى عكس الدول الغربية، تقف تركيا مدافعة عن أنظمة الحكم الشرعية وترفض الانقلابات، فعلى الصعيد الليبي ومنذ توقيع تركيا اتفاقية عسكرية مع حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، قدمت أنقرة دعماً عسكرياً كبيراً للحكومة، وفي مقدمته الطائرات المسلحة من دون طيار وأنظمة الدفاع الجوي التي قلبت التوازن على الأرض في ليبيا.

وبدعم حيوي من تركيا، ألحقت القوات المتحالفة مع الحكومة الليبية منذ أبريل/نيسان الماضي، سلسلة مستمرة من الخسائر في صفوف حفتر أدت أخيراً إلى هزيمة مليشياته في غرب ليبيا، حسب وكالة الأناضول.

ويأتي هذا الدعم في سياق رفض أنقرة لانقلاب حفتر على الشرعية الليبية المعترف بها دولياً.

أما في الشأن المصري، فلطالما رفضت تركيا انقلاب السيسي وممارساته القمعية برموز النظام الشرعي السابق، والإعدامات بحق المعارضين، وتردي الأوضاع الإنسانية والحقوقية هناك.

وسبق أن وجّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات لاذعة إلى مسؤولي الاتحاد الأوروبي الذين يروجون لرفض العمل بعقوبة الإعدام، بينما يلتقطون الصور مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أعدم نظامه 42 مصرياً، منتقداً في تصريحاته مشاركة زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة شرم الشيخ الأخيرة بمصر.

وشدد أردوغان على أن الاتحاد الأوروبي "سطّر تاريخاً طويلاً من الازدواجية، إذ تقوم قيامته لمجرد حبس بعض الأشخاص في تركيا، وأحياناً أيضاً يستقبلون ممثلي تنظيم PKK الإرهابي داخل البرلمان الأوروبي".

وكما في مصر وليبيا، شجعت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية محاولة الانقلاب بفنزويلا، في الوقت الذي دعمت فيه تركيا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو كرئيس منتخب.

واعتبر الرئيس التركي أن زعيم المعارضة رئيس البرلمان خوان غوايدو ليس رئيساً منتخباً، فهو فقط شخص يترأس البرلمان، منتقداً الخطوة التي اتخذها بإعلان نفسه "رئيساً مؤقتاً" للبلاد من دون خوضه أية انتخابات.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري (The Wall Street Journal)

محاولة الانقلاب بتركيا.. سقوط الغرب

ويبدو واضحاً الموقف التركي من الانقلابات على الحكومات الشرعية في العالم، وهو موقف لم يُنجِ تركيا من العداء والابتهاج الغربي والترحيب بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو/تموز 2016، إذ ذهبت وسائل إعلام غربية نحو الابتهاج والترحيب، فيما بقيت الدبلوماسيات الرسمية في انتظار لمن ستكون الغلبة.

وبعد فشل المحاولة وخروج الشعب التركي للدفاع عن خياره الديموقراطي، بدأت المواقف الغربية التغيّر من حالة الترحيب إلى إدانة الانقلاب لكنها كانت على استحياء، إذ وصفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، الإدانات الغربية للمحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، بأنها "إدانة على مضض".

وقالت الصحيفة إن "محاولة الانقلاب الفاشلة ستزيد من تعقيد العلاقات التركية-الغربية"، وأضافت: "عقب فشل الانقلاب نددت الولايات المتحدة الأمريكية كما الدول الأوروبية بشكل رسمي بمحاولة الانقلاب، لكن لم يتصل أي رئيس دولة غربية بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان".

وشهدت تركيا في 15 يوليو/تموز 2016، محاولة انقلاب فاشلة قادتها عناصر محدودة في الجيش تتبع "منظمة الكيان الموازي" الإرهابية التي يقودها الإرهابي فتح الله كولن، حاولوا خلالها السيطرة على المؤسسات الأمنية والإعلامية، لكنها قوبلت باحتجاجات شعبية عارمة، وقوبلت المحاولة باحتجاجات شعبية عارمة، ما أجبر آليات عسكرية حولها على الانسحاب، مما ساهم في إفشال الأمر.

وعلق الرئيس التركي على ردة فعل الغرب، في مقال كتبه لصحيفة الـ"غارديان" البريطانية قال فيه: "على قادة الدول الغربية الاختيار بين الظفر مجدداً باحترام الشعب التركي أو مواصلة الوقوف إلى جانب الإرهابيين"، مشدداً على أنه "لا مبرر لخيانة صداقة تركيا بشكل لا يليق بالقيم الأساسية وبعلاقاتها الثنائية مع الدول الغربية".

وشدد أردوغان على أهمية تسليم زعيم الكيان الموازي "فتح الله كولن" ومؤيديه للعدالة، وأشار إلى حصول قيادات المنظمة الإرهابية على حق اللجوء في بعض الدول الغربية التي تقول إنها حليفة وصديقة لتركيا.

ويقيم كولن في الولايات المتحدة منذ 1999، وتطالب تركيا بتسليمه لها من أجل المثول أمام العدالة، فيما قبلت اليونان لجوء ضباط تابعين لمنظمة كولن الإرهابية وتطالب تركيا بمثولهم أمام العدالة.

وانتقد أردوغان عدم سماح المحكمة الدستورية الألمانية بتوجيهه خطاباً عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة إلى تجمُّع جماهيري تحت اسم "الديمقراطية لمواجهة الانقلاب"، نظم في كولونيا الألمانية، مشيراً إلى أن السلطات الألمانية كانت قد سمحت في السابق لقيادات في منظمة PKK الإرهابية بالحديث عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة إلى أنصارهم في ألمانيا، حسب وكالة الأناضول.

ولو أنه متأخراً، إلا أن نائب رئيس الأمريكي جو بايدن اعتذر عن عدم مجيئه إلى تركيا فور فشل المحاولة الانقلابية، لافتاً إلى أن الرئيس باراك أوباما كان من أول المسؤولين الدولين الذين أجروا اتصالاً مع الجانب التركي، عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف يوليو/تموز الماضي.

الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يلتقي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض في واشنطن (Reuters)

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، قال إن "الاتحاد الأوروبي رسب في امتحان الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان، ولديه الآن فرصة لإعادة دخول هذا الامتحان، وبالتالي عليه إعداد نفسه جيداً لكي يتمكن من النجاح هذه المرة".

وأضاف أن "عدداً من سياسيي الاتحاد الأوروبي تساءلوا منذ الليلة الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا، عن الكيفية التي يجري بها التعامل مع الانقلابيين، وطالب البعض بوقف عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد، وهو ما أدى إلى انخفاض تأييد الانضمام إلى الاتحاد بين المواطنين الأتراك".

TRT عربي