هل ينقذ اتفاق التهدئة بوساطة قطرية قطاع غزة من الأزمات؟
بعد الوساطة القطرية لتخفيف الحصار عن قطاع غزة، بدأ القطاع بالعودة تدريجياً إلى حياة شبه طبيعية، فهل تلتزم إسرائيل بالاتفاق؟ وكيف يستفيد نتنياهو سياسياً من اتفاق التهدئة في غزة.
تسجيل 7 إصابات جديدة بفيروس كورونا في قطاع غزة (AFP)

ما إن أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس، التوصل لاتفاق مع إسرائيل بوساطة قطرية لاحتواء التصعيد ووقف العدوان على قطاع غزة، حتى أكدت في بيان لها أن الأوضاع في غزة ستعود كما كانت عليه قبل التصعيد الأخير، ليعود القطاع إلى هدوء مشروط بعد موجة من عدوان إسرائيلي متصاعد منذ أسابيع.

وفاقم العدوان الأخير معاناة الفلسطينيين في غزة الذين يعيشون حصاراً خانقاً منذ نحو 14 عاماً، ما أدى إلى انفجار أهالي غزة بإطلاقهم البالونات الحارقة على الحدود والمستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، وإيقافها، كان الشرط الأساسي لإعادة الهدوء إلى غزة.

في المقابل، قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن التفاهم الذي جرى مع حماس سيعيد للفلسطينيين مساحة الصيد التي كانت تقدر بـ15 ميلاً بحرياً قبل موجة العدوان الإسرائيلي الأخيرة.

وسيسمح التفاهم الذي جرى بوساطة قطر بفتح معبر كرم أبو سالم أمام حركة البضائع، وعلى رأسها المحروقات التي تسببت في وقف محطة توليد الكهرباء الرئيسية في غزة خلال الفترة الماضية وفاقمت من أزماته.

ومع انتهاء العدوان الإسرائيلي ولو مؤقتاً، وعدت حركة حماس بتدشين العديد من المشروعات الخدمية في القطاع المحاصر، بعد النجاح بتجنيب غزة مزيداً من الحصار والحرب.

ما الجديد في الوساطة القطرية

من المعروف أن العديد من الأطراف الدولية والعربية توسطت بين حركة حماس وإسرائيل للعودة إلى الهدوء، وفي كل مرة كانت تفشل بعودة التصعيد بين الطرفين، ما يثير الاهتمام بالجديد والمختلف في الاتفاقية الأخيرة.

وفي هذا الشأن قال أستاذ العلوم السياسية حسام الدجني لـTRT عربي، إن "للاتفاق انعكاسات كبيرة خاصة بعد انتشار فيروس كورونا في قطاع غزة الذي يعيش فيه نحو 2.5 مليون فلسطيني في مساحة صغيرة جداً، فالمواطن الفلسطيني كان يخشى من سيناريو التصعيد والمواجهة العسكرية مع الاحتلال، خاصة مع وجود كورونا، حيث تعطلت ثلاثة مستشفيات رئيسية في قطاع غزة، وبذلك سيكون هناك أثر سلبي لأي مواجهة".

واعتبر الدجني أن المقاومة وصلت إلى إنجاز كبير من خلال إبطال المقاربة التي أصرت عليها إسرائيل مع الوفد الأمني المصري والتي تقوم على هدوء مقابل هدوء، ولكن الوفد القطري نجح في جلب مقاربة جديدة، وهي مقاربة الإجراءات والهدوء مقابل الهدوء، إذ سيكون صرف للمنحة القطرية ومد محطة التوليد بخط غاز والعديد من المشاريع الاستراتيجية التي تساهم في تحسين الحياة الإنسانية.

من المستفيد؟

وكما يستفيد قطاع غزة من تخفيف الحصار الناتج عن الوساطة القطرية، رأى الدجني أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أيضاً مستفيد من الهدوء، لأنه يخشى المواجهة العسكرية مع غزة انطلاقاً من أن هناك مشروعاً تطبيعياً يديره مع الإمارات وربما يصل لأن يكون مع دول عربية أخرى، وهو مشروع ذو بعد استراتيجي، وأي مواجهة مع غزة وصور أشلاء الأطفال سينعكس سلباً على نتنياهو وحلفاء إسرائيل والمطبعين".

وأضاف: "كورونا أيضاً سبب وعامل أساسي كي لا يذهب نتنياهو لمواجهة عسكرية، فهناك صراع بين وزارة المعارف والصحة الإسرائيلية، فاليوم يعود الطلاب الإسرائيليون إلى مدارسهم، كل ذلك ساهم في تنازل نتنياهو".

وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية الخميس عن تسجيل أكثر من 3 آلاف إصابة بفيروس كورونا خلال الـ24 ساعة الماضية؛ لأول مرة منذ بدء انتشار الفيروس قبل أشهر.

وارتفع عدد الإصابات النشطة إلى 23,131، منها 418 يعانون من حالة خطرة، بينها 118 يخضعون للتنفس الصناعي. في حين ارتفع عدد الوفيات إلى 969، وارتفعت الإصابات التراكمية الى أكثر من 110 آلاف منذ بداية انتشار الفيروس.

في المقابل، تحدث الدجني عن دخول كورونا إلى داخل المجتمع الفلسطيني وتعطل المشافي وفرض حظر التجول وانعدام الأمن الغذائي الذي وصل إلى نسبة 70%، والبطالة وانقطاع الكهرباء، وقال إن كل ذلك "دفع المقاومة لأن تقدم تنازلاً للقبول بحد أدنى من أجل التخفيف عن قطاع غزة".

هل ينهار النظام الصحي؟

ومع الارتفاع المتزايد لحالات الإصابة بفيروس كورونا في قطاع غزة ووصول إجمالي الإصابات منذ مارس/آذار الماضي إلى 483 إصابة منها 402 حالات نشطة حالياً، (365 من المجتمع و 37 من العائدين)، تعافى منهم 76 فيما توفي 5.

وقالت سهير زقوت، المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة، إن القطاع يمر بأزمة إنسانية حقيقية وشديدة، عقب انتشار فيروس كورونا، وتخوفت من عدم قدرة النظام الصحي على الصمود.

وأضافت زقوت إن اللجنة تنظر بـ"قلق إزاء الأوضاع الإنسانية في غزة، في ظل أزمة مزدوجة يعيشها السكان، والمتمثّل أولها في جائحة كورونا، وتداعيات الإغلاق الإسرائيلي".

وأعربت زقوت عن وجود تخوفات حقيقية لدى اللجنة من "عدم قدرة النظام الصحي المتهالك في قطاع غزة، على الصمود لفترة طويلة، في حال ارتفعت عدد الإصابات بفيروس كورونا".ويعاني القطاع الصحي بغزة من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، جراء استمرار الحصار المفروض عليه، ونتيجة الانقسام الفلسطيني الداخلي.

وأوضحت أيضاً أن "صعوبة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وارتفاع حالات الفقر والبطالة، تزيد من تعقيد الوضع الصحي، وتفرض التزامات كبيرة على المنظومة الصحية لمواجهة فيروس كورونا".

وعدّت زقوت إصابة أفراد من الطواقم الطبية بفيروس كورونا، مؤشراً على "تدني المقومات الطبية بغزة، الأمر الذي يستدعي تدخلاً عاجلاً لتقديم المساعدات الإنسانية والدولية لإسناد القطاع في مواجهة الجائحة".

ومن جانب آخر، حذّرت زقوت من تداعيات أزمة الكهرباء، التي يعاني منها قطاع غزة، وتأثيرها على الالتزام بإجراءات الوقاية.

الفصائل تجتمع

وفي ظل ذلك، تدور رحى العجلة السياسية في غزة ورام الله ولبنان، إذ تسعى الفصائل الفلسطينية إلى الوصول إلى موقف مشترك لمواجهة تبعات الحصار وانتشار فيروس كورونا في غزة من جهة، وتوحيد الصفوف لمواجهة التهديدات التي تعصف بالقضية الفلسطينية.

ومن المقرر أن يعقد في بيروت، الخميس، اجتماع للأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية، الذي سيركز على أولوية الشعب الفلسطيني بإنهاء الانقسام والمصالحة الفلسطينية وتمتين العلاقات البينية للفصائل.

وقال موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس "نأمل أن يتفق المجتمعون على ثلاث خطوات أساسية، وهي تفعيل لجنة المنظمة باعتبارها الإطار القيادي للشعب الفلسطيني، مع إشراك الكل بمنظمة التحرير".

وأشار إلى أن الخطوة الثانية هي عقد انتخابات المجلس التشريعي لتفرز قيادة فلسطينية لأجل تمتين مسار الوحدة، والخطوة الثالثة تأسيس لجنة لصياغة البرنامج النضالي المشترك للفصائل الفلسطينية.

وأكد القيادي بحماس أن المأمول من أي لقاء فلسطيني-فلسطيني أنه يُسعد الأشقاء العرب، ويجب عليهم أن يدعموه ويقفوا إلى جواره، والموقف المصري مرحّب بالوحدة الوطنية.

وشدد على أن "العدو الصهيوني حين يٌعطي باليمين يأخذ باليد اليسار، وبعد أن وصل الأمر حد عدم الاحتمال في غزة، قررنا أنه لا بد أن يتألم الاحتلال كما نتألم".

منع إدخال المحروقات إلى غزة تسبب في تعطل شركة الكهرباء (AFP)
TRT عربي - وكالات