نجيب أزرقي، مرشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية (Twitter) (Others)
تابعنا

عبر مقطع فيديو تُدووِل على نطاق واسع، أعلن السياسي الفرنسي من أصول مغربية نجيب أزرقي، انضمامه رسمياً إلى السباق نحو الإليزيه المزمع إجراء انتخاباته في أبريل/نيسان القادم، وكانت الهجمة العنصرية التي يشنها كثير من مكونات الساحة السياسية الفرنسية ضد مسلمي البلاد هي ما حرّك هذه الرغبة لديه. وأزرقي أسَّس قبل ثماني سنوات، ويرأس إلى اليوم، الحزب الوحيد الممثل لهذه الجالية من مواطني البلاد، حزب "الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا".

للحديث أكثر عن قراره ذاك، وعن البرنامج الذي يعتزم خطه من أجل تحقيقه، وعن وضعية مسلمي البلاد في ظل موجة الاضطهاد المستمرة التي فتح الرئيس ماكرون لها الأبواب، وكيف تستغل هذه الجالية في دعاية انتخابية تحرّض ضدهم، شارك نجيب أزرقي في مقابلة حصرية خص بها TRT عربي.

سباق حول "الأكثر كراهية للمسلمين"

المسلمون يعانون اضطهاداً واسعاً في "فرنسا ماكرون"، هذا ما لا ينفيه مراقب للأخبار القادمة من البلد الأوروبي، فيما تتصاعد وتيرة ذلك مع اقتراب المعركة الانتخابية الرئاسية التي اختار أغلب مرشحيها التباري حول من منهم الأكثر كراهية لهذه الجالية من مواطني البلاد. لمعرفة أسباب ذلك ولمَ وصلت الأمور إلى هذا الحد طرحت TRT عربي هذا السؤال على نجيب أزرقي، الذي أجاب جازماً بأن الأمر يتعلق بـ"استراتيجية إلهاء واسعة تستهدف تمويه فشل الحكومة في إيجاد حلول لمشكلات المواطن الفرنسي".

وأضاف رئيس "الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا" مفسراً، أنه "منذ انتخاب ماكرون سنة 2017 دخلت فرنسا في أزمات عديدة" وبمقابل ذلك "حكومة فاشلة في إدارة وحلّ هذه المشكلات التي يعاني منها ملايين الفرنسيين"، إذاً "الاستراتيجية نفسها تتكرر: الحكومة تفشل في إيجاد حلول للانشغالات اليومية للفرنسيين، وبدل الاعتراف بفشلها ذاك، تتجه إلى خلق مشكل مزيف لإلهاء الشعب عن حقيقة ذلك الفشل".

المشكلة المزيَّفة هذه المرة أتت في شكل "هجوم عنصري ضد المسلمين"، وإضافة إلى "خطاب الكراهية الذي يطبع الحملة الانتخابية" سنّت قوانين تكرّس اضطهاد مسلمي فرنسا، مثل قانون ماكرون لمحاربة "الانعزالية الإسلامية" الذي أصبح "ذريعة لحلّ عدد كبير من المنظمات والجمعيات والمساجد الإسلامية عبر تلفيق تهم واهية"، أضاف المتحدث.

وتابع أزرقي: "هكذا نرى الأمور داخل الحزب، ونحمل على عاتقنا محاربة هذه الاستراتيجية، بما في ذلك التعريف بما يقع على المستوى الدولي ليكون عمل ديبلوماسي من أجل أن الضغط على فرنسا، كي لا تتكرر الفظاعات التي طبعت مراحل عديدة من تاريخها".

"دوافعي في إعلان الترشح هي نفس هي نفسها التي من أجلها أسست قبل ثماني سنوات "الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا"، لأن الساحة السياسية الفرنسية دأبت منذ أعوام على تصوير عدو داخلي لشغل الرأي العامّ، فأصبح واجباً على كل مواطن أن ينخرط من أجل تغيير هذا الواقع"، تحدث أزرقي عمَّا دفعه إلى اتخاذ قرار الترشح، مع أنه "على وعي تامّ بأن المعركة ليست متكافئة"، لكن "مسؤوليتي كرئيس حزب هي الانخراط فيها لتنبيه الرأي العامّ حول هذه المنزلقات التي برأيي لا تمتّ إلى المبادئ الجمهورية بصلة".

فوز زمور ليس أخطر ما يمكن أن يقع!

وسط كل هذا السباق أدّى صعود نجم إيريك زمور، الصحفي العنصري المعادي للمسلمين، مرشَّحاً محتملاً، مع أنه لم يعلن ترشحه رسمياً للانتخابات، إلى موجة ردود فعل زادت تركيز باقي المنافسين على تبنّي خطاب أكثر عداءً للجالية المسلمة بفرنسا. بدورنا سألنا نجيب أزرقي: "هل في وصول زمور إلى الإليزيه خطر فعلي؟"، فأجاب: "الخطر الذي يمكن أن يقع ليس احتمال وصول زمور إلى الإليزيه، بل تعميم أفكاره والتطبيع معها في أوساط المجتمع الفرنسي".

مضيفاً أن "حضور زمور الدائم في وسائل الإعلام الفرنسية يجعل ترشحه من عدمه أو فوزه من عدمه ليس مثيراً للقلق بالقدر الذي يثيره انتشار أفكاره والتطبيع معها"، وهذا ما ظهر جليّاً في نقاشات ترشيحيات الحزب الجمهوري، حيث "كل المرشحين الذين كانوا يتنافسون سابقاً للتفوق على خطاب مارين لوبان، أصبحوا الآن يتنافسون للتفوق على خطاب زمور الأكثر تطرفاً"، وبالتالي "ظهر خوف حقيقي من أن أي ساكن مستقبلي للإليزيه سيحمل نفس أفكار الصحفي المتطرف".

إذاً هي "وضعية مقلقة" يتحمل إيمانويل ماكرون المسؤولية الكبرى فيها. يوافق أزرقي هذا القول، ويضيف أنه من الناحية السياسية أراد الرئيس الحالي لعب نفس اللعبة التي فاز من خلالها بمنصبه سنة 2017. ففي ذلك الوقت "وجد الناس أنفسهم أمام الاختيار بين الطاعون والكوليرا! هكذا فضّلوا التصويت لصالح ماكرون ليعرقلوا صعود لوبان"، لكن في النهاية "اكتشفوا أن سياسات ماكرون لا تختلف كثيراً عن سياسات منافسته اليمينية المتطرفة".

لهذا "على الناس أن يتوقفوا عن التصويت للأقلّ ضرراً، لأنه في آخر المطاف ينتهي بنا الحال إلى مواجهة الأسوأ"، أوضح أرزقي، مضيفاً: "هدفنا أن يكون للناخبين إمكانية التصويت لمن هو أفضل لهم".

"هذا ما أريد تحقيقه!"

"أمام واقع أصبح فيه الخطاب السياسي يتمحور حول مسألة الهوية الفرنسية، عملنا الأول هو جمع الفرنسيين ضدّ الخطاب الذي يعمد إلى تقسيمهم"، تَعهَّد نجيب أزرقي في خضم الإجابة عن سؤالنا حول برنامجه.

وأوضح أن ذلك "عبر تذكيرهم المبادئ الأساسية للجمهورية التي لا تميز في منح حقّ المواطنة على أساس لون البشرة أو المعتقدات الدينية"، مضيفاً: "أظن أن من المهمّ تذكير الفرنسيين بهذا، لأننا أمام أناس يقدّمون أنفسهم لرئاسة عموم الشعب، وهم قبل تقلُّد ذلك المنصب يروّجون خطاباً يعارض ما يدّعونه".

في المقابل لا يزال الطريق أمام أزرقي طويلاً قبل قبول ترشُّحه للرئاسة، لأن القانون الفرنسي يحتّم عليه جمع 500 توقيع لمنتخِبين يزكّونه من أجل خوض المنافسة الانتخابية. مع ذلك لم يبعد عنه انتقادات اليمين الفرنسي، الذي مع إعلانه نيَّة الترشح انهال عليه بانتقادات أبرزها الادعاء أنه "يبحث عن تصويت طائفي!".

يرد السياسي الفرنسي بأنهم "هم من في الحقيقة يدافعون عن طوائف بعينها ويقسمون الشعب الفرنسي باضطهاد المسلمين، إنها انتقادات منحطَّة وعنصرية لها علاقة باسمي العربي الذي يرفضون أن يكون ضمن لائحة المرشحين". فيما أجاب عن مسألة التزكيات بأن "القانون الانتخابي الفرنسي في هذه المسألة غير عادل، ونحن أعددنا خطة لجمع الـ500 توقيع المطلوبة منا، ووكلاؤنا الآن في تواصل مع الناخبين. أظنّ أننا سننجح في تحقيق ذلك".

TRT عربي