لقطة من الفيلم المصري "ريش" الحائز على جائزتين في مهرجان "كان" السينمائي الدولي بفرنسا (Screen International)
تابعنا

أثار الفيلم المصري "ريش" الحائز على جائزتي أسبوع النقّاد ولجنة تحكيم الاتحاد الدولي لنقّاد السينما (فيبريسي) في يوليو/تموز الفائت، جدلاً واسعاً في مصر، لا سيّما بعد عرضه في مهرجان "الجونة"، ومغادرة ثلاثة من نجوم الشاشة المصرية قاعة العرض قبل انتهاء الفيلم.

واتّهم النجوم الثلاث صنّاع الفيلم بالإساءة لمصر و"تشويه صورتها وسمعتها"، وتلى ذلك هجوم حاد شنّه إعلاميون مصريون على "ريش"، فيما تقدّم آخرون بدعوى قضائية باعتبار الفيلم "أساء للدولة المصرية والمصريين، من خلال عرض نماذج غير واقعية للفقر والعشوائيات في البلاد، ولا تعكس حياة الشعب المصري التي انتعشت خلال الأعوام الماضية"، حسب قولهم.

قصة الفيلم

يسرد فيلم "ريش" قصة ربّة منزل مصرية بسيطة، تجد نفسها على حين غرّة أمام مسؤوليات كبيرة تتجلّى في إعالة أولادها، ويأتي ذلك بعد أن قرّر الأب الاحتفال بعيد ميلاد أحد أبنائه، فيُحضر ساحراً لتقديم فقرات مُسلّية للضيوف، لكن عندما يستعين الساحر بالأب في تأدية فقرة يُدخله إلى صندوق خشبي كبير ويحوّله إلى دجاجة ويختفي الأب.

ومن هذه المفارقة العبثية، كما يصفها مخرج الفيلم عمر الزهيري، تبدأ أحداث الفيلم، إذ تضطّر الأم الفقيرة والساذجة لأن تبحث عن عمل يسدّ رمق عائلتها في مجتمع ذكوري لا يرحم، فبدأت بلجوئها إلى شتّى السبل لاستعادة الأب والبحث عن الساحر لكن دون جدوى، وبعدما تستنفد ما لديها من جنيهات معدودة تبدأ في الاعتماد على نفسها لتدبير متطلّبات الأسرة وتدفع بابنها الأكبر إلى العمل في المصنع الذي كان يعمل فيه أبوه لسداد ديونهم.

وبعد أن يستقرّ وضع الأسرة نسبياً، يظهر الأب من جديد لكن بحالة مزرية وفقد للكلام والحركة، ما يجعله عبئاً جديداً على الأسرة.

"تشويه سمعة مصر وصورتها"

تصدّر الممثّل شريف منير قائمة الأسماء المعترضة على الفيلم، والذي غادر قاعة السينما مع بداية العرض الخاص لـ"ريش" في مهرجان الجونة، كما حذا الممثّلان أحمد رزق وأشرف عبد الباقي حذو منير.

وفي معرض تعليقه على انسحابه من القاعة قبل انتهاء العرض، قال منير في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج "الحكاية": "في البداية أود أن أقول أنّني أُكنّ الاحترام للمنتج محمد حفظي (منتج الفيلم)، وهو صديق عزيز على المستوى الشخصي، ولكنّي انسحبت من المشاهدة لأنّه جعل صورتنا (المصريين) سيئة".

وأردف منير أنّ مشاهدة الفيلم "أتعبته" وأنّ "العذاب" و"القذارة" التي تعيش فيها الأسرة التي يصوّرها الفيلم مبالغ فيها، مؤكّداً أنّ "العشوائيات التي كانت موجودة سابقاً (..) يجب صرف العيون عنها في الجمهورية الجديدة".

واستنكر الممثّل المصري حصول "ريش" على جوائز فنية، حيث أكمل: "حتّى على المستوى الفني، لم يشدّني ذلك العمل"، نافياً صفة الإبداع عنه، ومتعجّباً من كون أغلب الأشخاص المشاركين في العمل "لم يسبق لهم التمثيل".

ويذهب العديد من معارضي الفيلم في مصر إلى مبدأ كون الأجدر بالسينما، خاصة تلك التي تنتشر خارج البلاد، أن تسلّط الضوء على "الإنجازات والنجاحات وعلى الإيجابيات، لا السلبيات".

ولم يقف الأمر عند ذلك الحدّ، بل وصل إلى قبّة البرلمان المصري، وتقديم بلاغات للنائب العام ونيابة أمن الدولة العليا المصرية.

وقال النائب في البرلمان أحمد مهني، إنّه سيتقدّم بطلب إحاطة لرئيس الوزراء المصري ورئيس البرلمان ووزيرة الثقافة في البلاد، بشأن عرض فيلم "ريش" المُسيء لمصر، "حيث إنّه لا يُقدِّم الصورة الحقيقية لمصر، ويساعد على تشويه الصورة الداخلية لمصر عالمياً".

وطالب البرلماني المصري بـ"محاسبة من تسبّب في إخراج هذا الفيلم الذي يُسيء للدولة المصرية، من خلال عرض مشاهد تتنافى تماماً مع الواقع".

من جانبه تقدّم المحامي سمير صبري، ببلاغ للنائب العام ونيابة أمن الدولة العليا في مصر، ضد مخرج وسيناريست ومنتج العمل في الفيلم، لنفس الأسباب الوارد ذكرها، وطالب المحامي بالتحقيق فيما ورد ببلاغه، وإحالة المُبلَّغ ضدهم "للمحاكمة الجنائية العاجلة".

الفيلم لم يُحدّد إطاراً مكانياً أو زمانياً معيناً

يؤكّد القائمون على فيلم "ريش" والمدافعون عن ذلك العمل الفني، أنّ إسقاط الفيلم على الواقع المصري ليس صحيحاً، وأنّ العمل لا يُعبِّر بالضرورة عن مصر في الوقت الراهن.

فالفيلم لم يحدّد إطاراً مكانياً ولا حتى أسماء دالة على الشخصيات فيه، ومواقع التصوير عبارة عن ديكورات مصنوعة وبعضها إضافات بتقنية الغرافيكس، إضافة إلى كون قصة الفيلم ذاتها بعيدةً كل البعد عن الواقع، مع النظر إلى قصة تحوّل أحد أبطاله إلى دجاجة.

ودافع منتج الفيلم محمد حفظي، وهو رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، عن فيلم "ريش" في مداخلة هاتفية تخللّت حديث الممثّل شريف منير، حيث قال حفظي إنّ اختلاف وجهات النظر صحّي، وكل تفاصيل الفيلم من "خلق" مخرجه عمر الزهيري، وهي مجرّدة من الأطر الزمانية والمكانية، ويتحدّث عن وضع إنساني يمكن أن يكون موجوداً في أي زمان.

TRT عربي
الأكثر تداولاً