European Space Agency (European Space Agency)
تابعنا

بعد قرابة نصف قرن على آخر رحلة أمريكية مأهولة إلى الفضاء، وعلى الرغم من تشكيك الكثيرين في هبوط أمريكا على القمر أصلاً، ناهيك عن سير نِيل آرمسترونغ على سطحه أثناء رحلة "أبولو 11" في 21 يوليو/تموز 1969، والتي فتحت الباب أمام 5 رحلات أخرى كان آخرها رحلة "أبولو 17" عام 1972، يبدو أن الأمر بدأ يأخذ منحىً جديداً من شأنه ألا يزيد الصراع بين الدول العظمى وحسب، بل يزيد من حدة المنافسة بين الشركات العملاقة أيضاً.

وبينما شهدت السنوات الأخيرة دخول شركات عملاقة مملوكة من أشخاص في سباق الوصول إلى الفضاء والقمر تحديداً بجانب دول أخرى مثل الهند واليابان والاتحاد الأوروبي، ازدادت التخوفات من أن يكون القمر نقطة صراع جديدة بين القوى العظمى، وكثرت التساؤلات حول من يملك القمر؟ وما أهميته؟.

من يملك القمر؟

من يملك القمر؟ (Others)

نظرياً، لا أحد يملك القمر وفقاً لمعاهدة الأمم المتحدة الخاصة بالفضاء الخارجي التي وُقّعت عام 1967، والتي تنصّ على أنه وبقية الأجرام السماوية ملكاً للبشرية جمعاء، لكن عملياً الجواب مختلف تماماً، فالقمر أو أجزاء منه مِلك لمن يستطيع الوصول إليها أولاً والحفاظ عليها وحمايتها ثانياً.

فالأمريكيون ينظرون إلى أنفسهم على أنهم أصحاب الحقّ الطبيعي في القمر وتحديدياً ثرواته الطبيعية، نظراً لأنهم أول من استكشفه وبعث رحلات مأهولة إلى سطحه، وعليه فإن واشنطن انتهجت في الأعوام الأخيرة سياسات جديدة من أجل تعزيز التعاون بين وزاراتها المحلية المختلفة وربطها بشكل وثيق مع وزارة الدفاع والشركات الخاصة التي تملك تجارباً وخبرات اكتسبتها من رحلاتها الفضائية، بهدف مواجهة المنافسة والتحديات التي تفرضها كل من الصين وروسيا.

وفي الوقت الذي تستعدّ فيه "ناسا" لإعادة البشر إلى القمر مرة أخرى في عام 2024 من خلال رحلتها التي أطلقت عليها اسم (Artemis)، أعلنت روسيا والصين خططهما لبناء محطة مدارية قمرية على غرار تلك التي ستبنيها أمريكا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي واليابان، والتي تحمل اسم (Gateway).

وفي هذا الصدد، أعلنت روسيا بداية العام الجاري أنها ستواصل المحادثات مع الصين، وشركاء دوليين آخرين، بشأن إنشاء قاعدة أبحاث علمية مشتركة على القمر بحلول عام 2028، وذلك بهدف مواجهة "مشروع القرن الأمريكي" الذي يسعى لعسكرة القمر والسيطرة على العالم.

يُذكر أنّ الصين تمكنت من إرسال أول مسبار وطني إلى القمر في يناير/كانون الثاني 2019، وحطّت مركبتها الفضائية "جورونغ" على سطح المريخ بشكل ناجح قبل أشهر.

ماذا يوجد هناك؟

حظيت الثروات الطبيعية الموجودة على سطح القمر باهتمام الدول العظمى والشركات العملاقة على حدٍ سواء (Others)

هناك العديد من الأسباب التي زادت من أهمية استعمار القمر في العقود الأخيرة، من أبرزها: إنشاء مستعمرات بشرية خارج كوكب الأرض بسبب الخوف من التغيّرات المناخية التي يمكن أن تؤثر على مستقبل الحياة على الأرض، بالإضافة لإنشاء قواعد عسكرية بهدف السيطرة على العالم أسفل منها وتكون بمثابة خطوة مبدئية لعسكرة الفضاء.

وإلى جانب المنشآت البشرية والعسكرية، تحظى الثروات الطبيعية الموجودة على سطح القمر باهتمام الدول العظمى والشركات العملاقة على حدٍ سواء، لا سيّما غاز الهيليوم 3 والجليد، اللذان سيُسببان نقلة نوعية في مجالات الطاقة والنقل الحديث فائق السرعة.

ومن الأسباب الأخرى التي تجعل من القمر وجهة جاذبة للشركات الكبرى هي السياحة. فخلال السنوات الأخيرة ازدادت حدة المنافسة بين الشركات فيما يتعلق بالسياحة الفضائية، فعلى سبيل المثال كشفت شركة "سبيس أكس" المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك في أواخر عام 2018 اسم أول سائح للقمر في العالم، وهو الملياردير الياباني الشاب يوزاكو مانيزاوا الذي ستنطلق رحلته في عام 2023.

هل يُشعل القمر شرارة حرب الفضاء؟

حرب الفضاء (Others)

مع التقدّم العلمي والتكنولوجي وزيادة حدة المنافسة التجارية بين الشركات الكبرى، بالإضافة لبدء نفاد بعض الموارد الطبيعية من كوكب الأرض، توجهت الأنظار نحو القمر الذي يُعدّ بمثابة محطة أولية لسبر الفضاء بحثاً عن ثروات جديدة على سطح كواكبه وكويكباته. فيما أكدت الدراسات العلمية أن استخراج الموارد الطبيعية من الأجرام الفضائية، يمكن أن يضخّ في اقتصاد العالم عشرات المليارات من الدولارات في المستقبل القريب.

ومن شأن سباق استعمار القمر المستعِر حالياً أن يزيد من احتمال نشوب حروب الفضاء التي بدأ الاستعداد لها منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي، وبلغت ذروتها إبان إدارة ريجان التي رصدت ميزانية ضخمة لعسكرة الفضاء بما عُرف وقتها باسم "حرب النجوم".

وعلى الرغم من كل الاستعدادات ومرور أكثر من 6 عقود، إلا أنه لم تندلع أية مواجهة عسكرية في الفضاء الخارجي ولم يُدمّر أي قمر صناعي يخصّ دولة معادية. لكن العقدين الأخيرين شهدا مهمات تدريبية لحروب الفضاء، أبرزها ما قامت به الصين عام 2007 عندما أطلقت صاروخاً باليستياً بغرض تدمير أحد أقمارها الصناعية المستخدمة لرصد الطقس والأحوال الجوية، ومحاولة أخرى قامت بها أمريكا في عام 2008 عندما أطلقت صاروخاً تكتيكياً من نوع "SM3" دمرت من خلاله أحد أقمارها التجسسية المعطلة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً