يفصل بين آسيا وإفريقيا.. ماذا تعرف عن صدع البحر الميت؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

بعد زلازل يوم السادس من فبراير/شباط التي بلغت قوتها 7.7 و7.6 درجة وكان مركزها ولاية قهرمان مرعش، وقع ليلة الاثنين زلزال مزدوج آخر بقوة 6.4 و5.8 درجة بولاية هاطاي جنوبي تركيا. فيما شُعر بعاصفة الزلازل الأخيرة أيضاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وبينما حدثت آلاف الهزات الارتدادية في المنطقة، بخاصة بعد الزلازل الأولى تحولت الأنظار إلى خطوط الصدع الزلزالية النشطة في تركيا والمنطقة برمتها، وبدأ الناس يبحثون عن خطوط الصدع وقربها من منازلهم. أحد أهم هذه الصدوع هو صدع البحر الميت (DST)، الذي يبدأ من أسفل البحر الأحمر ويمتد عبر البحر الميت وغور الأردن مروراً بلبنان وسوريا وصولاً إلى هاطاي جنوبي تركيا.

جيولوجياً، يصنف صدع البحر الميت الذي يفصل ما بين الصفيحة الإفريقية غرباً والصفيحة العربية شرقاً، على أنه صدع كسول أو خامل نسبياً، لقلة الزلازل القوية التي يسببها، بالإضافة إلى سرعة انزلاق الصفيحة بمعدل 0.5 سم في السنة.

صدع البحر الميت

نظام صدع تحويل البحر الميت (DST) المشهور باسم صدع البحر الميت هو سلسلة صدوع وفوالق تمتد من تقاطع مرعش الثلاثي (تقاطع مع صدع شرق الأناضول جنوب شرقي تركيا) إلى الطرف الشمالي من صدع البحر الأحمر (قبالة الساحل الجنوبي لشبه جزيرة سيناء).

وينحدر صدع البحر الميت من شرق منطقة أنطاكية في ولاية هاطاي جنوبي تركيا، ويمر عبر سوريا ولبنان وفلسطين قرب البحر الأبيض المتوسط، وينحدر إلى البحر الأحمر بين مصر والمملكة العربية السعودية.

صدع البحر الميت (Others)

وإلى جانب تموقعه على الحدود السياسية بين الأردن وفلسطين يشكل صدع البحر الميت حدود التحويل بين الصفيحة الإفريقية إلى الغرب والصفيحة العربية إلى الشرق. كلا الصفيحتين تتحركان باتجاه عام شمال-شمالي شرقي، لكن الصفيحة العربية تتحرك بشكل أسرع، مما أدى إلى الحركات الجانبية اليسرى المرصودة على طول الصدع، الذي يبلغ طوله نحو 107 كيلومترات، في نهايته الجنوبية.

تاريخ الصدع زلزالياً

صدع البحر الميت الذي يستوعب الحركة بين الصفيحتين العربية والإفريقية، ويفصل شكلياً بين آسيا وإفريقيا من جهة الشمال الشرقي، كان مسؤولاً عن زلازل كبيرة ومدمرة تاريخياً.

وبالإضافة إلى كونه سبب الزلازل الكبيرة والصغيرة ساعد صدع البحر الميت بتكوين بحيرة طبريا والبحر الميت إلى الجنوب، فضلاً عن انتشار الحكايات التي نقلتها الكتب المقدسة ورواة عن دمار سدوم وعمورة ومصير قوم لوط، ما تسبب بأن يصبح شاطئ البحر الميت أخفض نقطة على سطح الكوكب على ارتفاع 429 متراً تحت مستوى سطح البحر.

ومن المعروف أن منطقة صدع البحر الميت أنتجت عديداً من الزلازل التاريخية الكبيرة نسبياً. ومع ذلك فإن الأحداث التاريخية موزعة بشكل غير متساوٍ على طول الصدع. وقبل الزلزال الذي ضرب خليج العقبة عام 1995 بقوة 7.3 درجة، سجل عام 1927 زلزالاً بقوة 6 درجات ضرب شمال البحر الميت مباشرة وأدى إلى أضرار جسيمة في العديد من المدن، بما في ذلك القدس. وبالعودة إلى الوراء، من المحتمل أيضاً أن ضرب زلزالان آخران المنطقة عامَي 1837 و1033، وفقاً للدرسات الجيولوجية في المنطقة.

وحسب الخبراء فإن الصدع لم يشهد عملية تفريغ للطاقة منذ عقود فلهذا هو مرشح ليكون على موعد مع زلزال لتفريغ الطاقة الكامنة، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن الزلازل الضعيفة التي تحدث بشكل متكرر على طول هذا الصدع قد تمنع زلزالاً مدمراً، لأن الهزات الخفيفة تعمل على تفريغ هذه الطاقة.

"استنزف طاقته"

بعد زلزال يوم الاثنين في هاطاي الذي بلغت قوته 6.4 درجة، والذي شعرت به دول مثل لبنان فلسطين، يجري التحقيق في النقاط التي يمكن أن تنكسر على طول صدع البحر الميت، لا سيما بعدما تعالت المخاوف لدى سكان المنطقة الواقعة شرق البحر الأبيض المتوسط من حدوث زلازل مشابهة لتلك التي حصلت في تركيا وسوريا.

وبينما قال البروفيسور أحمد إرجان إن كلاً من الزلزالين 6.4 و5.8 درجة في هاطاي حدثا عند نقطة التقاء صدع البحر الميت وصدع شرق الأناضول، صرح البروفيسور ناجي جورور أن زلزال الاثنين تطور نتيجة نقل الضغط من زلازل قهرمان مرعش إلى هاطاي، وقال: "لقد جرى كسر صدع البحر الميت إلى حد كبير. لقد استنزف طاقته".

من جانبه قال خبير الزلازل ومدير مرصد الزلازل الأردني السابق الدكتور محمد القريوتي لـTRT عربي إن "ما حدث في تركيا جاء نتيجة طبيعية جيولوجية عالية وحركة انزلاقية قوية، بينما فالق البحر الميت ذو طابع زلزالي معتدل ويصنف من متوسط إلى خفيف. هذا لا يمنع بطبيعة الحال تعرضه لهزات نشطة مستقبلاً".

وأشار القريوتي إلى أن بلاد الشام بشكل عام تتأثر بفالق البحر الميت ومعرضة بدرجة أقل لخطر الزلازل لأنها تمثل حافة تكتونية بين الصفيحة العربية والصفيحة الإفريقية. موضحاً أن الصفيحة الأفرو-عربية التي تضم دولاً معرضة لخطر زلازل مصنفة من الدرجة الثالثة، وهو أقل تصنيف بقوة الهزات الأرضية، لأنها بحالة تباعدية، أي أنها منطقة تباعد الصفائح التكتونية، مشيراً إلى أن مقدار الزلزال بهذه المنطقة يكون عادة قليلاً ليس كمناطق تقارب الصفائح التكتونية.

TRT عربي