"لا مخاطر لحدوث تسونامي".. ما السر وراء تراجع مياه البحر الأبيض المتوسط؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

طوال الأسبوعين اللذين أعقبا عاصفة الزلازل التي كان مركزها ولاية قهرمان مرعش التركية عجت وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا وبعض الدول العربية بالصور والفيديوهات التي تظهر تراجع منسوب مياه البحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي دفع البعض إلى التحذير من تسونامي أو حدوث زلازل مشابهة لما حدث في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.

وبينما وثق مواطنو حوض البحر الأبيض المتوسط على كاميرات هواتفهم تراجع مستوى المياه من 4 إلى 20 متراً من السواحل، كشف بعض الخبراء أسباباً طبيعية وراء هذا التراجع لا علاقة لها بالزلازل العنيفة التي ضربت المنطقة وما تلاهما من موجات ارتدادية بالآلاف.

وإلى جانب ظاهر المد والجزر المعروفة وزيادة الضغط الجوي في أجزاء من البحر الأبيض خلال فصل الشتاء، أشار بعض الخبراء إلى أن قلة الأمطار هذا العام سببت انخفاضاً بمنسوب مياه البحر المتوسط لا انحساراً.

وفي أعقاب الضجة التي صاحبت انتشار الفيديوهات أصدر المجلس الوطني اللبناني للبحوث العلمية بياناً جاء فيه أن "تراجع مياه البحر مرتبط علمياً بحركة المد والجزر التي يمكن أن تكون أقوى ببعض السنوات". ونفى في الوقت ذاته صحة ما يتداول عن حتمية وصول أمواج تسونامي، مؤكداً أنه "لم تسجل أي هزة أرضية في البحر المتوسط يمكن أن تسبب هذه الأمواج".

هل يوجد خوف من التعرض لموجات تسونامي؟

عقب الزلزال المزدوج الجديد الذي ضرب ولاية هاطاي التركية ليلة الاثنين انتاب سكان المنطقة قلق حقيقي جراء الانخفاض غير الطبيعي في مياه البحر، ولا سيما عندما طلبت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية "أفاد" من المواطنين في هاطاي الابتعاد عن السواحل خشية ارتفاع منسوب المياه.

ولكن بعد مساعدة الخبراء والعلماء المتخصصين اتضح أن تراجع المياه سببه عامل المد والجزر المتوقع أن يحدث مرتين في الشهر، وبالأخص عندما يكون القمر بدراً.

ووفقاً للخبراء، فإنه من أجل حصول تسونامي يجب أن يتسبب الزلزال في إزاحة عمودية شديدة وواضحة للصفائح التكتونية لا أفقية كما حدث في زلازل جنوبي تركيا. كما أن قوة الزلازل من المفترض أن تكون قادرة على توليد موجات تسونامي خلال ساعات وليس أيام، علماً أنه مر أسبوعان على الحادثة.

عواصف في عرض البحر

معلقاً على أسباب تراجع مياه البحر 10 أمتار في خليج فتحية بولاية موغلا غربي تركيا ذكر الدكتور مصطفى بهادير أونصوي لوكالة الأناضول أن الانسحابات سببها عواصف بعرض البحر خلال المد والجزر وبخاصة في فصل الشتاء.

وأكد أونصوي أن تراجع المياه لا علاقة له بالزلازل وأنه لا يوجد حدث طبيعي يمكن أن يتنبأ بالزلازل، وأضاف قائلاً: "بسبب اختلاف ضغط الهواء، يتراجع منسوب المياه في بعض الأحيان. هذه التأثيرات تظهر بشكل أكبر في فترات الشتاء. ويبدو أن تراجع المياه لوحظ لمسافات أطول على الشواطئ الضحلة. نحن نعلم أن تراجع المياه أمر طبيعي ونراقب هذا الحدث كل عام. هذه الأحداث لا علاقة لها بالزلزال. الحركة البحرية الوحيدة المرتبطة بالزلزال هي تسونامي. وستتعافى عمليات تراجع مياه البحر في المنطقة في غضون أيام قليلة".

ويطلق على حالة الضغط الجوي المرتفع التي تسبب تقهقر مياه البحر اسم "الإعصار العكسي"، وهو مصطلح في علم الأرصاد الجوية يطلق على ظاهرة مناخية تشير إلى مناطق الضغط الجوي المرتفع، بحيث تتحرك الريح على شكل دوامي فوق تلك المناطق مع عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي وعكس عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي.

لا داعي للقلق

ورداً على تلك الضجة طمأن الخبراء بأن منسوب المياه سيعود إلى حالته الطبيعية تدريجياً الأيام القادمة، وأن الظاهرة لا تستدعي القلق، علماً أنها شائعة الحصول ولا تلاحظ على الأغلب إلا من مختصين وبحارة. لكن الطقس الصافي وعدم وجود عواصف أو أمواج جعل من ملاحظة الجزر أكثر وضوحاً هذه المرة.

يذكر أن المد والجزر ظاهرة طبيعية من مرحلتين تحدث لمياه المحيطات والبحار. مرحلة المد يحدث فيها ارتفاع وقتي تدرجي في منسوب مياه سطح المحيط أو البحر. ومرحلة الجزر يحدث فيها انخفاض وقتي تدرجي في منسوب مياه سطح المحيط أو البحر.

وتنجم هذه الظاهرة عن التأثيرات المجتمعة لقوى جاذبية القمر والشمس وحركة دوران الأرض التي تولد بعض القوة الطاردة المركزية عند خط الاستواء.

TRT عربي
الأكثر تداولاً