صفر نفايات / صورة: AA (AA)
تابعنا

احتفلت تركيا والعالم لأول مرة باليوم العالمي لـ"صفر نفايات" في 30 مارس/آذار 2023 بموجب إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي ترافق مع موافقة منظمة الأمم المتحدة على قرار مشروع "صفر نفايات" الذي تقدمت به تركيا بشكل رئيسي رفقة 105 دول، في إطار خطط التنمية المستدامة ومكافحة التغير المناخي.

كان هذا الإعلان نتاج 5 سنوات منذ إطلاق تركيا المشروع لأول مرة في ديسمبر/كانون الأول 2017، بمبادرة من أمينة أردوغان عقيلة الرئيس التركي، والتي قالت بمناسبة ذلك إن "مشروع صفر نفايات تحول إلى حركة عالمية، وأن تخصيص يوم دولي لهذا الملف خطوة محورية".

خلال تلك السنوات، قطعت تركيا شوطاً كبيراً وأصبح للمشروع بصمة على عديد من المبادرات والمشاريع داخل تركيا، كما ساهم في زيادة الطاقة المتجددة في إطار الطاقة المتعددة، وباتت تركيا بفضل ذلك "رائدة" على مستوى عالمي، حسبما يصف رئيس دائرة الاتصال التركية، فخر الدين ألطون.

ما مشروع صفر نفايات التركي؟

أطلقت تركيا مشروع صفر نفايات عام 2017 بمبادرة من أمينة أردوغان، بهدف مكافحة تأثير النفايات والمخلفات في البيئة، وتغيير العادات الاستهلاكية للناس، والتعامل مع تلك النفايات من خلال إعادة تدويرها والاستفادة منها بعد فصلها حسب أصنافها من المنبع، وذلك بهدف تحقيق نسبة إعادة تدوير تصل إلى 35% في 2023، و60% في 2030.

وفرعاً لهذا المشروع، أطلقت تركيا برنامج "صفر نفايات زرقاء" في يونيو/حزيران 2019، لحماية البحار وموارد المياه وتنظيفها من أطنان النفايات التي تضر الكائنات التي تعيش في المياه وحماية الإنسان المستهلك من الأضرار التي قد تنجم عنه بسبب نفايات المياه.

ويرى الخبراء أن أهم هدفين للمشروع هما منع أو تقليل توليد النفايات من خلال توعية المستهلك ودراسة أسباب توليد النفايات والحدّ منها، وإعادة تدوير النفايات بعد فصلها من المنبع، حسبما تفصّل المبادرة ذاتها.

وتقول المبادرة إنها تعتمد على 6 مبادئ وهي: منع الإسراف، وتقليل نسبة النفايات، وفصلها وتصنيفها، والاستخدام الإنتاجي للموارد الطبيعية، وجلب الفائدة للاقتصاد عبر إعادة التدوير. وأخيراً، ترك عالم نظيف وصالح للعيش للأجيال القادمة.

ما فوائد مشروع صفر نفايات؟

مع زيادة عدد السكان وبناء المدن والتمايز في مستويات المعيشة وعادات الاستهلاك، نتج عن ذلك تزايد في توليد النفايات بنسبة كبيرة مقارنة مع الماضي، وأدى ذلك بدوره إلى زيادة تلوث الهواء والمياه والتربة مما بات يهدد جميع الكائنات الحية لا سيما من حيث استنزاف الموارد الطبيعية والتغير المناخي.

في السياق، يلفت وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، خلال مشاركته ببرنامج "صفر نفايات من أجل العالم"، إلى أن البشرية تنتج أكثر من ملياري طن من النفايات المنزلية سنوياً، وأن هذه الكمية ستقترب من 3.5 مليار طن في عام 2050، مؤكداً أن تركيا تلعب دوراً ريادياً في مكافحة الاستهلاك المفرط، وتعمل على تدوير النفايات من خلال مشروع "صفر نفايات".

وفي ضوء ذلك، ترى المبادرة أن إعادة تدوير النفايات لم يعد رفاهية بل ضرورة، وبناء عليه فإن إعادة تدوير طن واحد من نفايات الورق يحمي 17 شجرة من القطع، ويمنع ما يصل إلى 12.4 ألف متر مكعب من غازات الاحتباس الحراري، إلى جانب توفير مساحة تخزين لتلك النفايات يصل حجمها إلى 2.4 متر مكعب، وفق بيانات صادرة عن الموقع الرسمي للمشروع ذاته.

كما أن إعادة تدوير طن واحد من نفايات الزجاج يوفّر ما يقرب من 100 لتر من الوقود، كما يمكن تحويل تلك النفايات إلى منتجات زجاجية مجدداً.

في حين يمكن لإعادة تدوير المعادن والبلاستيك أن يحقق توفيراً للطاقة بنسبة 95%، كما يمكن تحويل تلك نفايات المعادن إلى منتجات معدنية مجدداً.

وإعادة تدوير النفايات العضوية يمكن أن يوفر سماداً صالحاً للتربة مما يجعلها أكثر إنتاجية بجهد أقل.

مراحل مشروع صفر نفايات

تقوم خطة المشروع التركي والتي باتت نموذجاً عالمياً، على 7 مراحل مختلفة:

بدءاً من المركزية والتي تعني إنشاء هيكل وفريق لإدارة النظام. ثم تقييم الوضع من حيث تحديد خصائص النفايات وحجمها ومصدرها وما شابه من معلومات. ثم التخطيط، وبعد ذلك تحديد الاحتياجات اللازمة في عملية التنفيذ.

تأتي عملية التدريب والتوعية بعد ذلك، وتستهدف مخاطبة الجماهير المستهدفة من إداريين وعمال على حد سواء لضمان أن يكون التنفيذ فعالاً. تتبعها مرحلة مرحلة التنفيذ أي عمليات إعادة التدوير الفعلية.

عقيلة الرئيس التركي أمينة أردوغان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في نيويورك عشية إطلاق اليوم العالمي لمشروع "صفر نفايات" (AA)

وأخيراً مرحلة المراجعة والرصد وتعني تقديم البيانات والتقارير التي تحدد أوجه القصور والتدابير التي يجب إجراؤها أو تطويرها.

ومن أجل تسهيل عملية التنفيذ على المستهلك وفرق الجمع والتعبئة والفرز على حد سواء، صنّف المشروع النفايات وفق ألوان محددة، مثل الأزرق للأوراق، والأصفر للبلاستيك، والأخضر للزجاج، والفضي للمعادن، والبني للنفايات العضوية، والأسود للنفايات التي لا يمكن إعادة تدويرها.

بدورهم يجمع عمال النظافة النفايات، ثم فرزها إذ تُرسَل نفايات البلاستيك والأوراق والمعادن والزجاج إلى مرافق إعادة التدوير، أما النفايات العضوية مثل بقايا الخضار والفاكهة فتُعالَج في الحقول ويُستفاد من السماد فيها للتربة في الحدائق والمتنزهات.

إلى جانب ذلك، توجد عملية جمع منفصلة ومعقدة لزيوت النفايات النباتية، والنفايات الكهربائية والإلكترونية والبطاريات والمواد القابلة للاشتعال، والنفايات الطبية، إذ يجرى فرزها وجمعها في أماكن خاصة، وبعد ذلك إرسال المواد القابلة لإعادة التدوير إلى مرافقها الخاصة، وإرسال النفايات غير القابلة لإعادة التدوير إلى مرافق التخلص المرخصة بيئياً.

الأماكن التي يستهدفها المشروع

وفق الخطة التي وضعها مشروع صفر نفايات للأعوام الخمسة بين 2018 حتى 2023، بدأ التنفيذ بشكل تدريجي في المؤسسات العامة الحكومية، ومحطات المواصلات مثل المطارات ومواقف الحافلات الكبرى والقطارات، والمؤسسات التعليمية مثل الجامعات والمدارس، ومراكز التسوق، والمستشفيات، ومرافق الترفيه مثل الفنادق والمطاعم، ومراكز العمل الكبرى.

كما يهدف المشروع إلى أن تشمل خطة التنفيذ عموم الأماكن والنقاط في جميع أنحاء تركيا في عام 2023 الجاري.

ما أهم ما حققه المشروع بعد خمس سنوات؟

يرى مراقبون أن المشروع، بعد مرور خمس سنوات على إطلاقه في 2017، قطع شوطاً كبيراً على الصعيد العملي من خلال تطبيقه في أكثر من 154 ألف مبنى ومرفق في عموم تركيا.

وتمكن من إعادة تدوير ما مجموعه 33.8 مليون طن من النفايات، منها 20.4 مليون طن ورق، و5.4 مليون طن بلاستيك، و2.3 مليون طن زجاج، و500 ألف طن معادن، و5.2 مليون طن نفايات عضوية، إلى جانب نفايات أخرى، بحسب بيانات المبادرة.

وفق البيانات ذاتها، فإن المشروع في إطار التدريب قدّم توعية وتدريباً لـ18 مليون شخص تحت برنامج "صفر نفايات"، كما حقّق المشروع عوائد مالية للاقتصاد التركي بلغت 62.2 مليار ليرة تركية في 5 سنوات.

في السياق ذاته، تشير بيانات المبادرة إلى أنه في إطار مشروع "صفر نفايات زرقاء" جرى التخلص من 180 ألف طن من مخلفات المياه في البحار.

أضافت أن المشروع حقّق توفيراً في المياه بنسبة 572 مليون متر مكعب، وتوفيراً في الطاقة بنسبة 530 مليون كيلوواط في الساعة. كما وفّر مساحة تخزين للنفايات بفضل إعادة التدوير بحجم 69 مليون متر مكعب أي ما يعادل 9 آلاف و288 ملعب كرة قدم على ارتفاع متر واحد.

كما منع المشروع ما يصل إلى 3.9 مليون طن من غازات الاحتباس الحراري، وساهم في الحد من استخدام الأكياس البلاستيكية بنسبة 65%، كما حال دون قطع 347 مليون شجرة، أي ما يعادل 1.95 مليون فدان من الغابات، ما يعني حماية منطقة غابات تعادل ضعف مساحة هونغ كونغ الأرضية، وفق البيانات ذاتها.

وتلفت البيانات إلى أنه فيما كانت نسبة إعادة تدوير النفايات في تركيا 13% عام 2017، وصلت إلى 27.2% بحلول 2022، في حين تسعى للوصول إلى 35% في العام الجاري، وإلى 60% بحلول 2035.وأخيراً، نجح المشروع في أن يكون عالمياً من خلال إعلان يوم عالمي لـ"صفر نفايات" في 30 مارس من كل عام، وفي هذا الصدد يقول وزير الخارجية التركي جاوش أوغلو إن "مبادرة "صفر نفايات" نجحت في تركيا وستنجح على مستوى العالم أيضاً".

TRT عربي
الأكثر تداولاً