رقاقة إلكترونية ضمن جهاز إلكتروني. (Reuters)
تابعنا

بينما تتأهب القوات الروسية لإطلاق هجوم على أوديسا المطلة على البحر الأسود بغرض إسقاطها وإحكام القبضة على الساحل الجنوبي الأوكراني، يراقب مُصنعي الرقائق الإلكترونية سير الغزو الروسي من كثب، نظراً لأهمية المدينة وأوكرانيا عموماً في تكنولوجيا الرقائق.

ووسط أزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي فرضتها جائحة كورونا منذ أكثر من عاميْن، يبدو أن العالم بصدد دخول حقبة انقطاع حادة في سوق الرقائق الإلكترونية بسبب الغزو الروسي المستمر منذ 3 أسابيع ويهدد باحتلال أوديسا التي تمتلك واحداً من أكثر المواني ازدحاماً في البلاد.

وإلى جانب كون أوديسا المنفذ البحري الأهم للبلاد على البحر الأسود، لكنها أيضاً موطن لشركة غير معروفة تسمى "Cryoin"، وهي الشركة التي تلعب دوراً كبيراً ومحورياً في الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات.

غاز النيون.. كلمة السر

تعتبر كل من روسيا وأوكرانيا مورداً رئيسياً لغاز النيون والبلاديوم، وهما مكونان حيويان في تصنيع الرقائق. وهو الأمر الذي يشكّل كابوساً لمُصنّعي التكنولوجيا، وأشباه الموصلات تحديداً، الذين يخشون من أن روسيا قد تستفيد من موقعها في السوق للرد على عقوبات الرقائق الأمريكية.

ويرجع سبب استحواذ أوديسا على غاز النيون المستخدم في آلات صناعة الرقائق إلى الحقبة السوفييتية، إذ بنى السوفييت عديداً من المصانع لإنتاج هذا الغاز في أوديسا وبعض المدن السوفييتية الأخرى في الثمانينيات، وذلك من أجل استخدامه في إنتاج أشعة الليزر التي كانوا يعتمدون عليها لتطوير أنظمة الدفاع الصاروخية والأقمار الصناعية.

وحسب شركة الأبحاث التايوانية "Trend Force"، فإن أوكرانيا وحدها مسؤولة عن 70% من الصادرات العالمية من غاز النيون، كما تضم مدينة أوديسا مجموعة من أكبر مصانع ومصافي غاز النيون في العالم، مثل شركة Cryoin و Iceblik.

شريان الحياة لمُصنعي الرقائق العالميين

في صباح 24 فبراير/شباط، هزت الانفجارات سبع مدن أوكرانية على الأقل إيذاناً ببدء غزو روسي واسع النطاق. من بين الأهداف الأولى لبوتين كانت أوديسا التي يوليها رواد صناعة التكنولوجيا أهمية أكثر بكثير مما يولوه للعاصمة كييف.كيف لا، وهي شريان الحياة الأبرز لإمدادات المواد الخام اللازمة لصناعة الرقائق الإلكترونية على مستوى العالم.

وبينما تعتبر أوديسا مركز الأحداث بالنسبة إلى رواد التكنولوجيا، حظي الغزو الروسي المرتقب لأوكرانيا باهتمام بالغ قبل أن يبدأ حتى، فنشرت مجموعة أبحاث السوق Techcet تقريراً مطلعاً فبراير/شباط الماضي يسلط الضوء على اعتماد عديد من مصنعي أشباه الموصلات على مواد من مصادر روسية وأوكرانية مثل النيون والبلاديوم وغيرها.

وفقاً لتقديرات Techcet، فإن أكثر من 90% من إمدادات النيون الأمريكية من فئة أشباه الموصلات تأتي من أوكرانيا، فيما 35% من البلاديوم من روسيا.

تجدر الإشارة أيضاً إلى أن أسعار النيون ارتفعت بنسبة 600% في الفترة التي سبقت ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، وذلك بسبب اعتماد شركات الرقائق على عدد قليل من الشركات الأوكرانية لتوفير احتياجاتهم من هذا الغاز، وفقاً للجنة التجارة الدولية الأمريكية.

مساعٍ أمريكية لإيجاد بدائل

قُبيل بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، نقلت رويترز عن أشخاص مطلعين داخل البيت الأبيض قولهم إن الإدارة الامريكية نبهت مُصنعي الرقائق في البلاد إلى ضرورة تنويع سلاسل التوريد الخاصة بهم في حال قررت موسكو الانتقام من تهديد فرض عقوبات أمريكية تحظر استفادة روسيا من أشباه الموصلات الامريكية أو التي صُنعت بتكنولوجيا أمريكية رداً على غزوها أوكرانيا.

وتشتري روسيا ما يقرب من 70% من إمداداتها من الرقائق من الصين، والتي من المحتمل أن تتجاهل حظر بايدن. لكن الصين لا يمكنها إنتاج سوى شرائح منخفضة التكلفة نسبياً ليست ذكية بما يكفي لتوجيه الصواريخ الروسية. وفي حين أن الحظر قد يكون مدمراً لروسيا، لكنه قد يكون محفزاً لبوتين لقطع شريان الحياة وإلحاق ضرر بالغ في سوق أشباه المواصلات حول العالم.

وعلى الرغم من أن العديد من مُصنعي الرقائق بدأوا في تنويع مصادر النيون بعد غزو روسيا لأوكرانيا أول مرة في عام 2014، وأصبحوا أكثر استعداداً للتبديل بين الموردين، فإن ذلك لا يعني أنهم وجدوا بديلاً حقيقياً لاستبدال الموردين الأوكرانيين والروس.

من جانبه يرى محلل موقع Morningstar فيليكس ليي، أنه "ما لم تدخل أوكرانيا حرباً طويلة تستمر لأكثر من شهر، فلن يكون هناك تأثير يذكر على إمدادات النيون".

TRT عربي