احتجاجات بيئية أمام مقر "توتال" في باريس (Euronews) (Others)
تابعنا

كانت شركة توتال على علم كامل بحدوث التغيرات المناخية منذ سبعينيات القرن الماضي، هذا ما خلصت إليه دراسة لمجلَّة "Global Environmental Change" المتخصصة في شؤون البيئة والتغيرات المناخية. وثيقة يتخذها موقع "ميديا بارت" الفرنسي منطلقاً لمقابلة صحفية مع أحد المشتغلين على تلك الدراسة، كجزء أول من تحقيق موسع في سبل تعتيم شركة المحروقات المذكورة على تلك المخاطر التي تحيق بالبشرية، بل وعمدها إلى عرقلة أي تحرك مدني للتوعية بها ولفت انتباه السياسات الحكومية لها.

وفي القسم الثاني من التحقيق يتطرَّق ذات الموقع إلى المشاريع الجديدة التي تقودها الشركة بالقطب الشمالي، في تَحدٍّ للبشرية جمعاء، يكشف التحقيق المخاطر البيئية الناجمة عن تلك المشاريع وتأثيرها الكارثي على العالم.

يعرفون وينكرون ويضلّلون

سنة 1971، في العدد 47 للمجلة الداخلية لشركة "توتال"، نشر عالم الجغرافيا الفرنسي فرانسوا ديرون داستي، مقالاً بحثياً بعنوان "تلوُّث الغلاف الجوي والمناخ"، أبرز من خلاله الرابط بين الانبعاثات الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري والتغيرات المناخية. مقالٌ قرأه آلاف من عمال الشركة وقتها، ونُشر في عدد دبّجه رئيس الشركة نفسه.

خلال الثمانينيات، يقول الأكاديمي الفرنسي كريستوف بونوي من فريق عمل دراسة "Global Environmental Change": "تُبرِز تقارير شركات البترول تلك أنها كانت على علم بأن الاحتباس الحراري واقع وأن وضع المناخ مقلق"، وفي سنة 1983 "قررت أن تطبّق غطاء السريَّة على دراساتها المتعلقة بهذا الشأن". بالنسبة إلى شركة توتال يضيف المتحدث: "أُخفِيَت الأرشيفات ما بين 1972 و1988 تماماً".

إضافة إلى التعتيم، يؤكد المؤرخ والأكاديمي الفرنسي أنه "عندما أصبح الحديث شائعاً عن مخاطر التغيرات المناخية، عمدت الشركة الفرنسية إلى عرقلة أي سياسات حكومية في هذا الجانب"، بل وبعد أزمة البترول في السبعينيات، عمدت "توتال" إلى توسيع نشاطها ليشمل ملوثات أخطر، كالفحم واليورانيوم.

"لم تتراجع "توتال" عن خطابها المشكك في وجود تغيرات مناخية، حتى أصبح التشكيك يصبّ ضدّ مصلحتها إعلامياً"، يوضح المتحدث، ويضيف أنها "غيَّرت استراتيجيتها لتنتقل من التشكيك إلى تحميل شعوب للبشرية بأكملها والأنشطة اليومية للأفراد المسؤولية"، خاتماً حديثه بأن "الحملة الإعلامية الحالية التي تصور بها توتال نفسها على أنها تدعم الانتقال الطاقي، ما هي إلا محاولة تدليس أشبه بما فعلته سابقاً، في حين أنها تبقى في النهاية شركة بترولية ملوثة كباقي مثيلاتها".

استمرار في "تسميم العالم"!

في القسم الثاني من تحقيقها، يسلّط "ميديا بارت" الضوء على مشروع ضخم شركة "توتال" بصدد إنشائه في القطب الشمالي، إذ تحوي القارة المتجمدة 30% من احتياطي الغاز في العالم. فيما تكلف المشروع الفرنسي غلافاً مالياً يعادل 26 مليار يورو، بطاقة إنتاجية تتراوح بين 16 و18 مليون طن سنوياً من الغاز المسال.

ويعد المشروع المذكور أخطر من أي مثيل له في مناطق أخرى من العالم، حسب التحقيق، لكون الظروف الطبيعية في القارة المتجمدة تحتاج إلى طاقة أكبر لإسالة الغاز، بما يعني انبعاثات مضاعفة، كما أن أنشطة الحفر ستحرّر غاز الميثان المحتجَز داخل الطبقات الجليدية، وهو الأخطر على المناخ من تأثير ثنائي الكربون. يُضاف إلى هذا أن انتشار البنايات على القطب الشمالي ستعتّم صفحته البيضاء الضرورية لعكس الأشعة الضارة نحو الفضاء، مما سيسرع دوبان الجليد القطبي.

في المقابل نشرت شركة "توتال" مشروعاً تقول إنه مساهمة منها في المحافظة على التنوع الطبيعي للقارة المتجمدة. مشروع يصفه "ميديا بارت" بأنه "غسل أخضر" عبثي لدرء "التسميم الممنهج" الذي تنفذه الشركة لكوكبنا. وتنقل عن خبير في الشأن البيئي قوله إن "توتال تضرب عُرض الحائط بالتغيرات المناخية التي سيكرّسها مشروعها بالقطب الشمالي، الذي يمثل أحد الملاذات الأخيرة للبشرية وللأنواع الطبيعية التي تسكنه".

TRT عربي