ثورة الهيدروجين الأخضر.. تَنافُس المغرب والجزائر على ريادة طاقة المستقبل (Shutterstock)
تابعنا

مع تفاقم أزمة الطاقة العالمية جراء الهجوم على أوكرانيا وما أحدثه من متغيرات جيوسياسية عالمية، وجرَّاء ما كشفته الجائحة الوبائية من هشاشة سلاسل توريدها التقليدية، ومع ارتفاع الأصوات المطالبة بالتخلص من الوقود الأحفوري، وتوجُّه عديد من دول العالم نحو البحث عن موارد طاقية متجددة مستدامة تحدّ من مخاطر التغيرات المناخية...

أمام هذا الواقع، اختار كل من المغرب والجزائر أن يكون في طليعة هذا التوجه العالمي، واضعَين نصب أعينهما الريادة في إنتاج الهدروجين الأخضر، باعتباره أحد هذه الموارد الواعدة التي تلبّي الرهانات المذكورة. فيما تَعِد البرامج التي رصدتها حكومتا البلدين بالاستجابة لذلك الطموح، وبتقديم فرص تنموية كبيرة لشعبيهما.

المغرب.. الرابع دولياً في إنتاج الهيدروجين الأخضر

يضع تقرير نشرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" في يناير/كانون الثاني الماضي، المغرب في المركز الرابع ضمن تصنيف للبلدان الأكثر قابلية لتصبح منتجة رئيسية للهدروجين الأخضر بحلول عام 2050. بالتالي يرجَّح أن تصبح المملكة ضمن "مراكز النفوذ الاستراتيجية الجديدة التي قد يمهّد النموّ السريع في سباق الهيدروجين العالمي، والتحولات الجغرافية والاقتصادية التي سيؤدِّي إليها، لظهورها".

في سنة 2020 أنشأ المغرب "اللجنة الوطنية للهيدروجين" التي، حسب بلاغ وزارة الطاقة والمعادن المغربية وقتها، تأتي في سياق "تسريع خطوات بلادنا لتعزيز قدراتها والعمل على التطوير التكنولوجي لقطاع الطاقات المتجددة، بهدف جعل المغرب أحد البلدان الرائدة في مجال إنتاج الجزيئات الخضراء والمضي قدماً نحو إقامة شراكات طاقية جديدة ذات قيمة مضافة عالية". كما وقَّعَت المملكة، في يونيو/حزيران من ذات السنة اتفاق شراكة مع وزارة الطاقة الألمانية، بموجبه "يُطوَّر قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر، وتُوضَع مشاريع للأبحاث والاستثمارات في استعمال هذه المادة التي تُعَدّ مصدراً للطاقة الإيكولوجية".

وتهدف هذه الإجراءات إلى تحقيق "خارطة الطريق" التي خطّها المغرب لتحقيق أهدافه الإنتاجية للهدروجين الأخضر، إذ تسعى المملكة إلى إمداد سوقها المحلية بـ4 تيراوات/ساعة والسوق الدولية بـ10 تيراواط/ساعة بحلول 2030. ولتحقيق هذا يُعمَل على زيادة الاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة ورفع قدراتها الإنتاجية بـ6 غيغاواط، بما يخلق أكثر من 15 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

ويُنتَج الهدروجين الأخضر عبر عملية التحليل الكهربائي للماء، فيما يشترط للكهرباء أن تكون كاملة من الطاقة المتجددة، الأمر الذي خطا المغرب فيه خطوة كبيرة نحو الأمام، بتعزيز قدرته في هذا المجال بتشييد أكبر محطة في العالم للطاقة الشمسية، إضافة إلى محطات ريحية عديدة. وتسعى البلاد، حسب الكاتب العامّ لقطاع البيئة بوزارة الطاقة والمعادن المغربية محمد بنيحيى، لتلبية 80% من احتياجاتها بالكهرباء الخضراء بحلول 2050.

هيدروجين الجزائر وإمكانياته الواعدة

كجارتها الغربية، تمتاز الجزائر بإمكانيات واعدة في إنتاج الهيدروجين، لما يوفره لها مناخها من طاقات متجددة، ريحية كانت أو شمسية، الأمر الذي لم يمرّ دون لفت انتباه أصحاب القرار في العاصمة، وصولاً إلى الرئيس عبد المجيد تبون الذي أكّد بأن بلاده يمكن أن تصبح "فاعلاً أساسياً" في سوق الهيدروجين.

وأوضح تبون خلال إحياء الذكرى 51 لتأميم قطاع المحروقات بالجزائر في فبراير/شباط الماضي، أن البلاد تمتلك إمكانات شمسية هائلة، وشبكة كهربائية واسعة، ومساحة كبيرة، وبِنىً تحتية وطنية ودولية لنقل الغاز الطبيعي، ونسيجاً صناعياً، لا سيما ذلك المرتبط بإنتاج الأمونيا والهيدروجين، وعدداً من الجامعات ومراكز البحث، بما يؤهلها لريادة إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو "ما نعمل على استراتيجية وطنية لتطويره" حسب الرئيس.

في ذات السياق أعلن وزير الطاقة الجزائري محمد طرطاق في 7 مايو/أيار الجاري، تكليف الحكومة الجزائرية وزارته صياغة "استراتيجية وطنية لتطوير الهيدروجين"، ستتمّ عبر لجنة وزارية مشتركة، مكونة من قطاعات الطاقة، والانتقال الطاقي، والتعليم العالي والبحث العلمي، والشركات الناشئة والمالية، إضافة إلى محافظة الطاقات المتجددة والفاعلية الطاقية.

وحلّت الجزائر في المركز التاسع في تصنيف "آيرينا" للبلدان الأكثر قابلية لتصبح منتجة رئيسية للهدروجين الأخضر بحلول 2050، فيما تُعَدّ نقاط قوة البرنامج الجزائري لتصبح منتجاً دولياً للهيدروجين الأخضر إمكاناتها اللوجستية الكبيرة لتصديره، عبر شبكة الأنابيب التي تربطها بالضفة الشمالية لأوروبا، يُضاف إليها الأنبوب المزمع تشييده لربطها بنيجيريا بما سيُدخِلها أسواق دول إفريقيا جنوب الصحراء.

TRT عربي