"دليل يوم القيامة".. هل بدأت ألمانيا الاستعداد لحرب عالمية ثالثة؟ /الصورة: AFP (AFP)
تابعنا

مع استمرار روسيا وأوكرانيا في القتال بعد ما يقرب من عامين والحرب على غزة الآخذة في التوسع إقليميّاً، يتحسس الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي طريقهما نحو نظام أمني عالمي فوضوي، ما دفع ألمانيا -أكبر اقتصاد في أوروبا- إلى تغيير أفكار عمرها عقود من الزمن بشأن الأمن الدفاعي وضرورة إعادة تأهيل جيشها بأسرع وقت ممكن.

وكشفت وثيقة دفاعية مسربة كيف تستعد ألمانيا لسيناريو حرب عالمية ثالثة تبدأ مع روسيا على الجناح الشرقي للقارة الأوروبية. وتتصور الوثيقة السرية التي أعدتها وزارة الدفاع الألمانية كيف يمكن أن يتطور التصعيد المحتمل للحرب في أوكرانيا.

ويأتي نشر الوثائق المرعبة في الوقت الذي حذر رئيس الوزراء الإستوني أوروبا من أن أمامها ما بين ثلاث إلى خمس سنوات للاستعداد لعودة روسيا تهديداً عسكريّاً خطيراً على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي. وهو التحذير الذي جاء بعد أيام قليلة من تحذير وزير الدفاع المدني السويدي من أن بلاده قد تواجه قريباً احتمال الحرب مع روسيا.

سيناريو الصدام

يبدأ السيناريو، الذي يحمل عنوان "الدفاع عن التحالف 2025"، ببدء روسيا موجة جديدة من التعبئة من خلال استدعاء 200 ألف جندي إضافي في فبراير/شباط 2024، الذين يتمكنون بعد ذلك من إضعاف المواقع الأوكرانية على طول خط التماس في هجوم الربيع المقبل.

وفي يوليو/تموز 2024، ستبدأ روسيا بعد ذلك هجمات إلكترونية سرية وأشكالاً أخرى من الحرب الهجين على غرب وشرق أوروبا الوسطى على وجه الخصوص، مع تحريض الأقليات الناطقة بالروسية في دول البلطيق. وفي نهاية المطاف، سيجري استخدام الأزمة السياسية في دول البلطيق لتبرير مناورة عسكرية ضخمة (على غرار تلك التي جرت في عام 2021)، التي أطلق عليها اسم "زاباد 2024" في سبتمبر/أيلول، التي شارك فيها ما لا يقل عن 50 ألف جندي روسي في بيلاروسيا وغرب روسيا.

وفي استجابة للإنذار الحتمي لوسائل الإعلام والسياسيين الغربيين، تُصور الوثيقة روسيا وهي تبدأ في أكتوبر/تشرين الأول في نشر الدعاية حول هجوم وشيك لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومواصلة حشد القوات في بيلاروسيا، فضلاً عن شحن الصواريخ متوسطة المدى إلى جيب كالينينغراد. وسيصبح من الواضح بعد ذلك أن هدف موسكو النهائي هو احتلال فجوة سوالكي، الجسر البري البولندي الليتواني بين بيلاروسيا كالينينغراد.

ومع تجهيز كل شيء، يشير المخطط التفصيلي إلى أن روسيا ستنتظر حتى الانتخابات الأمريكية لبدء المرحلة الثانية من خطتها. وتوقعاً أن هزيمة الرئيس بايدن بفارق ضئيل والنتيجة المتنازع عليها بشدة من شأنها أن تشل الولايات المتحدة لبضعة أشهر على الأقل، يمكن أن تبدأ موسكو في إثارة "صراعات حدودية" مصطنعة وأعمال شغب مميتة حول الثغرة في ديسمبر/كانون الأول 2024، لتكرار غزو 2022 في نهاية المطاف على أراضي الناتو.

وبينما ستبلغ بولندا ودول البلطيق عن تهديد متزايد وتطلب مساعدة فورية من حلف شمال الأطلسي، فإن موسكو ستستخدم أفعالها لاتهام الغرب بالتخطيط لغزو ضد روسيا في الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني، وإصدار أوامر بإرسال مزيد من القوات إلى المنطقة "للدفاع" عن نفسها.

وبحلول مارس/آذار 2025، وفي ظل هذا السيناريو، ستكون لدى روسيا فرقتان من الدبابات، وفرقة مشاة ميكانيكية، ومقر فرقة قابلة للنشر خارج حدود الناتو، مع أكثر من 70 ألف جندي في بيلاروسيا وحدها.

وهذا من شأنه أن يؤدي إلى وضع لن يكون لدى الناتو خيار آخر فيه سوى الموافقة على "تدابير الردع الموثوقة" لمنع الغزو الروسي لبولندا ومنطقة البلطيق بحلول مايو/أيار 2025. وفي "اليوم العاشر" (يوم افتراضي)، يأمر حلف شمال الأطلسي بنقل 300 ألف جندي إلى المنطقة، بما في ذلك 30 ألف جندي من الجيش الألماني. وينتهي السيناريو بعد ثلاثين يوماً من "اليوم العاشر"، لكن دون تحديد ما إذا كانت استراتيجية الردع التي ينتهجها حلف شمال الأطلسي قد نجحت أم أدت إلى حرب مفتوحة بين روسيا والغرب.

مساع ألمانية حثيثة

ووفقاً لصحيفة بيلد الألمانية اليومية، يعتمد سيناريو مناورات برلين بشكل كبير على مجموعة من الافتراضات التي يجب حدوثها جميعاً قبل مزيد من التصعيد، ولكن يجري تقديم كل عنصر من عناصر سلسلة الأحداث باعتباره الخطوة المنطقية التالية.

على أي حال، يبدو أن برلين تأخذ هذا السيناريو على محمل الجد، فقد أعلنت الأسبوع الماضي عن مناورة عسكرية مع فرق مشاة مدرعة في الفترة من 21 إلى 26 أبريل/نيسان في بولندا وليتوانيا، الدولتين المحاذيتين لفجوة سوالكي.

وفي حين أن السيناريو لا يحتوي على مفاجأة كبيرة لأولئك المطلعين على المناورات، فإن توقيت التسريب دفع المحللين إلى الإشارة إلى أنه ربما كان مقصوداً. وتشير الوثيقة إلى أن برلين تولي اهتماماً وتستعد للمواجهة بينما تُظهر للدول الأكثر تردداً في أوروبا أنها في حاجة إلى أن تأخذ روسيا على محمل الجد وأن التصعيد ممكن.

وحسب The European Conservative، قد يكون التسريب أيضاً رسالة للشعب الألماني حتى يفهم خطورة الوضع. ومؤخراً، حذّر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس من أن البلاد قد يكون أمامها من 5 إلى 8 سنوات فقط للاستعداد للصراع الكبير المقبل، ملمّحاً إلى الحاجة إلى إعادة النظر في الخدمة العسكرية الإجبارية أيضاً.

فقبل فضح هذه الوثائق، قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إنه يتعين على المجتمع الألماني والقوات المسلحة الاستعداد لحرب محتملة في أوروبا، مشيراً إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية كانت نقطة تحول تاريخية بالنسبة لألمانيا، وينبغي أن تُحدث "تغييراً في العقلية" داخل السياسة والمجتمع، وفقاً لما نقلته الأناضول. وفي حال لم يفهم الألمان ما كان يعنيه، فإن الوثيقة المسربة ترسم صورة جيدة.

من جانبها، سخرت موسكو من هذه المزاعم ووصفتها بـ”الخدعة”. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين يوم الاثنين إنه يرفض "حتى التعليق على هذا التقرير". وفي الوقت نفسه، رفضت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا هذه المزاعم ووصفتها بأنها "توقعات قوية للأبراج في العام الماضي"، وفقاً لما ذكرته روسيا اليوم.

TRT عربي
الأكثر تداولاً