تابعنا
تُطبق الدول الغنية ومن ضمنها الاتحاد الأوروبي، أنظمة محددة للحفاظ على البيئة، فيما تصّدر نفاياتها للبلدان الفقيرة، توفيراً لكلفة إعادة التدوير والكلفات البيئية الأخرى.

كشف تقرير صدر عن مشروع Unwaste التابع للأمم المتحدة، في أبريل/نيسان الماضي، أن الاتحاد الأوروبي أكبر مُصدِّري العالم للنفايات، التي تشمل كميات هائلة من مواد غير قابلة للتحلل تؤدي إلى تراكم ملايين الأطنان من المخلفات البيئية سنوياً.

ووجد التقرير أن البلاستيك من بين أكثر أنواع النفايات شيوعاً، إذ يمثل أكثر من 40%، وأن تلك النفايات بلغ حجمها بين عامي 2017 و2022 نحو 43 مليون طن، ذهب معظمها إلى جنوب شرق آسيا.

هل تعد البلدان الفقيرة مكبّاً لنفايات الدول الغنية؟

تُطبق الدول الغنية ومن ضمنها الاتحاد الأوروبي، أنظمة محددة للحفاظ على البيئة، فيما تصّدر نفاياتها للبلدان الفقيرة، توفيراً لكلفة إعادة التدوير والكلفات البيئية الأخرى، إذ وجد تقرير الأمم المتحدة أن دول جنوب شرق آسيا، تواجه تدفقاً هائلاً من شحنات النفايات المهربة من أوروبا بشكل غير قانوني، وبخاصة فيتنام وإندونيسيا وتايلاند وماليزيا.

بدورها، قدرت المفوضية الأوروبية أن شحنات النفايات غير القانونية المرسلة من الاتحاد الأوروبي إلى دول أخرى في الفترة من 2017 إلى 2022 تمثل من 15% إلى 30% من إجمالي تجارة النفايات في الاتحاد.

ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة للعام السابق، فإن جنوب شرق آسيا استقبل ما بين عامي 2017 و2021 نحو 17% من واردات النفايات البلاستيكية في العالم، مع أنه موطن لأقل من 9% من سكان العالم.

واستناداً إلى نفس التقرير، استوردت دول جنوب شرق آسيا مجتمعة أكثر من 100 مليون طن من النفايات المعدنية والورقية والبلاستيكية بقيمة تقارب 50 مليار دولار في الفترة المذكورة.

وأشار التقرير إلى أنه بمجرد وصول القمامة إلى وجهتها النهائية، ينتهي بها الأمر في مدافن النفايات ومواقع تخزين غير قانونية أو تُحرق في العراء، ما ينتج عنه أضرار جسيمة للبيئة والإنسان.

وذكر التقرير أن الإبلاغ عن حالات الاتجار بالنفايات غير القانونية على المستوى العالمي أمر صعب، إذ إن أقل من 50٪ من الشحنات غير القانونية يجري توثيقها.

ووفقاً لمجموعة البنك الدولي، فإنه بهذا الشكل سيزيد إنتاج النفايات العالمية بنسبة 70% بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2018 بحجم يصل إلى 3.4 مليار طن سنوياً.

مخاطر تجارة النفايات

يرتبط الاتجار الغير قانوني بالنفايات بالجريمة المنظمة، كما تدرجه الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) تحت مصطلح "جريمة التلوث"، وتعمل على ملاحقة الشبكات المتورطة فيها وإنفاذ القانون بالقبض عليهم.

ويحذر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من عواقب التلوث قائلاً إن التلوث البلاستيكي قضية عالمية لها عواقب بيئية وصحية واجتماعية واقتصادية وخيمة، ويؤثر في سبل العيش وأنظمة إنتاج الغذاء وصحة ورفاهية الملايين من الكائنات الحية.

وعلى مدى عقود، رُوّجت إعادة تدوير البلاستيك المستخدم حلاً لإدارة النفايات في الدول المتطورة من جهة وحلاً تجارياً من جهة أخرى، باعتبارها جزءاً من الاقتصاد الدائري الذي يعتمد على إعادة استخدام المواد الناجمة عن التدوير، واستغلالها مرة أخرى في صناعات مختلفة.

لكن الخبراء البيئيون يشيرون إلى أنه لا يمكن إعادة تدوير البلاستيك إلى أجل غير مسمى، وذلك على عكس المعدن، لهذا تكون البلدان النامية المكان المفضل للتخلص من النفايات البلاستيكية المستوردة لإعادة التدوير، ونتيجة لذلك انتهى المطاف بملايين الأطنان من القمامة التي لا يمكن إدارتها في دول جنوب شرق آسيا.

علاوة على ذلك، أدت هذه المواد البلاستيكية المستوردة بشكل غير قانوني من أوروبا والدول الغربية، إلى تصنيف منطقة جنوب شرق آسيا، أكبر ملوث للمحيطات بالنفايات، فهناك 6 من أكبر 10 أنهار تسهم في التلوث البلاستيكي بالمحيطات في العالم، حسب دراسة نشرتها الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم عام 2021.

محاولات للسيطرة

وفقاً لمؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، تعد ماليزيا من بين الوجهات الرئيسية للنفايات البلاستيكية في العالم، إذ تبلغ قيمة إعادة تدوير البلاستيك وصناعة التصنيع 7.2 مليار دولار.

وفي عام 2019، أعادت ماليزيا 4120 طناً من النفايات البلاستيكية إلى 13 دولة، وأغلقت الحكومة 200 مركز غير قانوني لإعادة تدوير البلاستيك في نفس العام، معلنة أنها ليست مكباً لنفايات العالم.

وكذلك تعاني الفلبين من النفايات الغير القانونية، فحسب تقرير لصحيفة الجارديان، اندلعت توترات بين الفلبين وكندا قبل ما يقرب من خمسة أعوام، بسبب نحو 2700 طن من النفايات الكندية التي تحمل علامات خاطئة، وهدد الرئيس الفلبيني حينها رودريجو دوتيرتي، بإلقاء النفايات في المياه الكندية، مستدعياً دبلوماسيّي بلاده من كندا.

كما حظرت تايلاند واردات النفايات الإلكترونية، التي غالباً تكون شديدة السمّية، وأعلنت هدفها لإنهاء واردات النفايات البلاستيكية، في أعقاب قرارات عامة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد واردات القمامة الملوثة.

أما فيتنام فأعلنت خفض حصص استيراد النفايات الشهرية بنسبة 90%، وأنها بصدد وقف إصدار تراخيص استيراد النفايات، وأنها تخطط لحظر جميع واردات النفايات البلاستيكية بحلول عام 2025.

TRT عربي