ارتفع عدد المصابين جراء اعتداء قوات إسرائيلية على المصلين في المسجد الأقصى بمدينة القدس الجمعة إلى 205 (AA)
تابعنا

منذ نعومة أظافره، يتعرّف الطفل الفلسطيني ملامحَ وطنه المحتل، مكانتَه الدينيةَ كأول قبلة للمسلمين بالأقصى، وحجمَ المعاناة التي عاشها هذا الشعب منذ بدء الانتداب البريطاني عليه حتى النكبة وما تبعها من مجازر ارتُكبت بحق شعبه.

يختلف، بالقطع، ذلك الإدراك لدى الأطفال في العالم، قد يسمع البعض عن فلسطين، والبعض الآخر لم تصادفه الكلمة يوماً. وبين هذا وذاك يأتي دور الآباء في تعريف أبنائهم بالقضية الفلسطينية، وتتقافز الأسئلة، كيف نحكي لأطفالنا عن فلسطين؟ من أين نبدأ؟ وماذا نقول؟ ولماذا من الضروري أن نحكي عن الأراضي المحتلة؟

لماذا الحكي ضروري؟

مع توافر وسائل التكنولوجيا الحديثة وإتاحة الكثير من مصادر المعلومات للأطفال، بات من الضروري أن يتعرّفوا القضية الفلسطينية بشكل حقيقي، بحسب روان بركات مديرة مؤسسة رنين بالأردن المعنية بإصدار قصص صوتية للأطفال لتنمية مهاراتهم الاستماعية والتواصلية.

وتقول "روان" لتي آر تي إنه مع انتشار وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، وقدرة إسرائيل على دفع أموال لتحسين صورتها، من الضروري أن يعرف الأطفال الحقيقة حول القضية الإنسانية الفلسطينية بمعلومات دقيقة وصحيحة، ويتحمل الآباء جزءاً كبيراً من ذلك الدور.

وتؤكد "روان" أن الأطفال العرب والمسلمين في الدول الغربية أكثر حاجة إلى معرفة ما يجري في الأراضي المحتلة، لأنهم أكثر تعرضاً للإعلام الغربي والإسرائيلي، وأكثر تعرضاً للأكاذيب الصهيونية، مضيفة "لهم الحق أكثر من غيرهم في معرفة أن إسرائيل العدو الأول للعرب، لأخذ حذرهم ومعرفة حقوقهم وتمسكهم بها".

كيف نحكي؟ ومن أين نبدأ؟

"لا يختلف الحديث للأطفال عن فلسطين وعن القضية الفلسطينية في تدرجه عن الحديث عن تاريخ أي دولة أخرى"، هكذا تتحدث دكتورة سهى طبال، خبيرة الطفولة المبكرة.

لكن لكل سن حديث يلائمه، ومعلومات تناسبه لا بد من مراعاتها عند الحكي عن فلسطين. تقسم "سهى" الأعمار وما يناسبها كالتالي:

- في العام الأول من عمر الطفل، يعتاد الطفل على مشاهدة علم بلاده ورموزها الأساسية، وتنطبع في ذاكرته الصورية ومعها علم فلسطين، كما تُطبع الأناشيد والأهازيج والألحان الوطنية التي يسمعها من أسرته في ذاكرته السمعية لتهيئه حين يصبح أكبر سناً لتكرارها وترديدها، وحبذا لو تم اختيار أناشيد هادئة بكلمات إيجابية من التراث الفلسطيني، بحيث تسهم في تهدئة الطفل وفي الوقت نفسه تُخزَن في ذاكرته.

- في العام الثاني، يبدأ الطفل بإمساك الأقلام للخربشة بشكل أفضل، وحينها من الممكن أن نضع بين يديه بعض الرسومات غير الملونة وألوان علم فلسطين ليلونه حتى إن كان ذلك بشكل غير منتظم، ومع الوقت واسترجاع ألوان العلم التي اعتاد أن يشاهدها في عامه الأول ويخربش بها في العام الثاني، سيبدأ بتلوين العلم بشكل جيد، وحبذا لو ترافق ذلك النشاط مع تشغيل الأهازيج والألحان الوطنية التي تتناول مدن فلسطين بكلمات بسيطة.

- في العام الثالث، هو عام النشاط والحركة، يحب الطفل الأنشطة التي تتضمن الرقص والحركة، ويستمتع كثيراً بمشاهدة رقصات منتظمة كالدبكة الشعبية مثلاً، وسيحاول تقليدها. وعلينا أن نوضح له بكلمات بسيطة أنها جزء من ثقافة بلاد الشام ومنها فلسطين، وأن ما يرتديه فريق الدبكة هو الزي الشعبي، وذلك لأن الطفل حتى هذا العمر يتعلم من الملموس أكثر من المجرد، وتكون النوافذ الحسية لديه (السمعية والبصرية والشمية واللمسية والتذوقية) هي الأكثر تأثيراً بالنسبة إليه، فعند رؤيته لبعض الأطعمة المرتبطة بفلسطين، خصوصاً تلك التي لها نكهة محددة مثل الزعتر، سيكون من المناسب ترك الفرصة له لتحسسه بيده وشمه كجزء من تعريفه بالثقافة بصورة تتناسب مع عمره.

- ما بين سن الرابعة والسادسة، من المناسب إدخال بعض القصص التي تتناول حقائق محددة، وقضايا كقضية حي الشيخ جرّاح مثلاً. وهنا سيكون من المناسب تناولها بطريقة مبسطة للغاية، مثل قصة فلسطين للأطفال، وطرح أسئلة بسيطة حولها "هل تقبل بأن يطردنا غريب من بيتنا ليسكن فيه؟" وبعد إجابته نخبره بأن هذا ما يحدث في حي الشيخ جرّاح كما حدث في كثير من المناطق الفلسطينية.

- من سن السادسة حتى التاسعة، من الممكن إتاحة الفرصة للأطفال لقراءة القصص بأنفسهم أو التعبير بالكتابة أو الرسم أو بكلماتهم عمَّا يحدث، وربما كتابة بعض القصص القصيرة التي تعكس فهمهم للقضية. وهنا يمكن الدخول بتفاصيل أكبر حول الأحداث التاريخية، وأهمية المدينة المقدسة (القدس لكل الديانات)، والنقاش حول أهمية القدس كمهد للديانات، ففيها المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى وبأنها مهد السيد المسيح وفيها كنيسة القيامة، وبأن اليهود عاشوا في فلسطين وليست هناك أزمة مع من يؤمن منهم بالحق الفلسطيني، وإنما الأزمة مع الصهيوني المحتل الذي يأخذ البيوت والأراضي من أهلها بالقوة.

المعلومات الأساسية قبل الأخبار

تؤكد ريم عمران، الاستشارية التربوية ومتخصصة تعديل سلوك الأطفال، لتي آر تي أن معرفة المعلومات الأساسية أكثر أهمية للطفل من معلومات الأحداث الجارية، موضحة "من سن مبكرة يجب أن يتعلموا معنى الأماكن المقدَّسة، وسبب أنها مقدَّسة، لأنها أسس هامة لبناء المعرفة. وبعد ذلك نتحدث معهم تاريخياً عن فلسطين والمسجد الأقصى وقبة الصخرة ثم نتطرق للأحداث الجارية".

وتشدد "عمران" على ضرورة تجنب مشاركة صور العنف والأحداث الدموية مع الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، حتى لا يتأذوا نفسياً، كما ينبغي أن يكون الحديث بلغة إيجابية لا تبث الرعب والخوف في قلوب الأطفال.

الكتب أفضل الوسائل

يجد أيمن عوض الله، الخبير التربوي، أنه من السهل التحدث عن القضية الفلسطينية للأطفال، خاصة مع الجوانب المتعددة والأبعاد المختلفة التي يمكن البدء بأي منها، لكن المشكلة بحسب رأيه في توفير مادة تناسب الصغار.

قائلاً: "يمكن توجيه الكبار لموسوعة عبد الوهاب المسيري أو الموسوعة الفلسطينية وهناك الكثير من الكتب والدراسات، ولكن المصادر بالنسبة إلى الأطفال نادرة جداً".

ويقترح "أيمن" أن إنتاج ألعاب وقصص قصيرة مصورة، بسبب التوجه نحو استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل سيكون أفضل كثيراً، مضيفاً "الصورة البصرية أقوى تأثيراً من الكتب، وإذا كانت لعبة تفاعلية ستكون أفضل أيضاً".

لكن ذلك الرأي تخالفه سالي سمير، رسامة كتب أطفال، مؤكدة أن أفضل وسيلة للأطفال من عمر مبكر هي الكتب رغم انتشار التكنولوجيا.

وتوضح أن صنّاع أدب الطفل، وقع على عاتقهم حمل ثقيل بسبب ثقل القضية الفلسطينية نفسها وصعوبة تبسيط المعلومات لعرضها على الأطفال، مضيفة "ومع ذلك يوجد نحو 20 كتاباً مهماً للأطفال يحكي عن فلسطين، ربما يعتقد البعض أنه عدد قليل لكن الحقيقة أنه عدد ممتاز، يحتاج فقط إلى تسويق جيد".

وتشير "سالي" إلى أن الرسوم المتحركة المنقحة، والتي صنعت بأيدي متخصصين عددها قليل جداً وتناسب من تجاوزوا 9 سنوات فما فوق.

ولا تحبذ "سالي" قنوات الأطفال على يوتيوب، موضحة "قد تحوي كلمات أو صوراً أو مشاهد غير مناسبة للأطفال، ولا يمكن حذف تلك المشاهد".

أنشطة وكتب

بجانب تأييدها الأول للكتب في مناقشة القضية الفلسطينية مع الأطفال ولخلق جيل قارئ محب للكتب، تشير "سالي" إلى عدة أنشطة أخرى يمكن مشاركتها مع الأطفال، منها:

- طباعة ألفبائية فلسطين، لمحيي الدين اللباد، عام 1986، عن دار الفتى العربي، وتعليمها للأطفال.

- ألعاب "البازل" على شكل خريطة فلسطين بأسماء الأحياء والمدن الأصلية قبل احتلالها.

- طباعة خريطة فلسطين الأصلية.

- حكايات للأطفال، مثل حدوتة "الديك الهادر" للحكاءة الفلسطينية دنيس أسعد.

- أهازيج التراث الفلسطيني للطفل.

- طباعة صور عن المسجد الأقصى وداخله قبة الصخرة، وتعريف الأطفال أن المسجد الأقصى ليس المسجد فقط لكن المربع الكبير الذي يضم أيضاً المسجد القبلي وقبة الصخرة.

وتشير "سالي" إلى عدد من الكتب الضرورية التي لا بد من قراءتها للأطفال عن فلسطين، منها:

- كتاب "البيت"، عن دار الفتى العربي.

- كتاب "أريد أن أكون سلحفاة"، عن دار شجرة.

- كتاب "طيارة الحرية"، عن دار المعارف.

- كتاب "لو كنت طائراً".

- كتاب "أنا هنا".

كتب لليافعين:

- كتاب "أرشيفياً"، عن دار رمانة.

- كتاب "لمن هذه الدمية؟"، عن دار السلوى.

- كتاب "مصنع الذكريات".

TRT عربي