تابعنا
أدت إجراءات الحجر الصحي الصارمة المرافقة لمحاولات احتواء جائحة كورونا من طرف دول العالم، إلى ازدياد المشاكل النفسية، ومن بينها القلق، وأيضا الوسواس القهري بالنسبة للمصابين به.

يكاد لا يحتاج المصاب بالوسواس القهري لتوصيات فيما يخص الإجراءات الصحية الواجب اتباعها خلال جائحة فيروس كورونا-19، فالمرض بطبيعة الحال يفرض على المصابين به إجراءات أكثر صرامة من تلك المفروضة من قبل الحكومات والمؤسسات الصحية، وذلك حسبما أشارت إليه المؤسسة الدولية للوسواس القهري (International OCD Foundation)، ولكن مع الأسف تشكّل هذه الأزمة خطرًا على المصابين بالوسواس القهري بسبب ازدياد قلقهم وحرصهم المرضي.

بالرجوع إلى منظمة مايو كلينيك الأمريكية فإنّ مرض الوسواس القهري ينقسم بشكل أساسي إلى أفكار وسواسية وسلوكيات قهرية متكررة بشكل مفرط، وعند محاولة المريض تجنّب هذه الأفكار والسلوكيات فإنه يجد نفسه يشعر بالمزيد من الضيق والقلق والذي يعدّ بذاته محفزًّا للوساوس والأفكار من جديد، وهكذا يصبح الوضع أشبه ما يكون بالحلقة المفرغة، ومن أكثر أعراضه شيوعًا هو الخوف من الجراثيم بشكل غير منطقي ما يدفع المريض لغسل يديه بشكل مفرط لدرجة تسبّب جفاف وتشقق اليدين، أو الخوف من إيذاء الآخرين ما يؤثر على العلاقات الاجتماعية للمريض، إلى جانب اتباع روتين صارم في الترتيب والعدّ بشكل يتعارض مع الحياة اليومية للمريض.

من أكثر أعراض مرض الوسواس القهري شيوعًا هو الخوف من الجراثيم بشكل غير منطقي ما يدفع المريض لغسل يديه بشكل مفرط لدرجة تسبّب جفاف وتشقق اليدين.

منظمة مايو كلينيك

هل أنا معرض للإصابة بالوسواس القهري خلال جائحة كورونا؟

تباينت الآراء الطبية حول إمكانية تسبّب فيروس كورونا لإصابة بالوسواس القهري، فقد أشار موقع ويبميد (WebMD) الأمريكي المتخصص بالصحة إلى أنّه لا يمكن اعتبار فيروس كورونا سببًا مباشرًا للإصابة وذلك بالرجوع لأسبابه الأساسية والتي ترتبط عادة بتغيرات في الدماغ وعوامل وراثية وبيئية وعادات طويلة الأمد، إلّا أنّ الخوف حسبما أشارت المؤسسة الدولية للوسواس القهري ومنظمة الوسواس االقهري البريطانية (OCD-UK) يدور حول الحالات غير المشخصة للإصابة بالوسواس القهري إلى جانب الحالات التي كانت تتلقى العلاج باعتبار الجائحة محفزًا قويًا للقلق والخوف والأعراض المختلفة.

وبهذا الصدد بيّن الطبيب النفسي ناثانيال فان كيرك اختلاف ملاحظاته على مرضى الوسواس القهري فمنهم من ساءت حالته بالفعل ومنهم من لم يشعر بأي تغيير. يُذكر أنّ الطبيب هو مسؤول قسم التقييم السريري في معهد الوسواس القهري التابع لمستشفى ماكلين الأمريكي (McLean Hospital) ومدرس في قسم الطب النفسي في جامعة هارفرد.

التحديات التي يواجهها المصابون بالوسواس القهري خلال جائحة كورونا وكيفية التعامل معها

يواجه مريض الوسواس القهري تحديّا صعبًا فيما يخص خوفه من التلوث، إذ قد لا يملك القدرة على الحكم فيما إذا كان تكرار غسل اليدين والخوف من لمس أيّ سطح مبرّرًا أم أنه أمر خارج عن السيطرة ولذلك تنصح المؤسسة الدولية للوسواس القهري بضرورة تقيد المصابين بالوسواس القهري بخطة تنظيف أساسية تمّ اعتمادها من المنظمات الصحية والدولية الموثوقة دون إضافة أيّ شيء عليها؛ فعلى سبيل المثال يُنصح المريض بالتقيد بغسل يديه حسب البروتوكول المتبع (20 ثانية على الأقل) فقط قبل وبعد الأكل والتواجد في مكان مكان عام، وبعد دخول الحمام، وبعد السعال والعطاس إلى جانب تعقيم الأسطح مرةً واحدةً فقط في اليوم، ويجب التنبيه هنا على ضرورة محاولة المريض التفكير في الأسطح التي يتمّ لمسها بشكل متكرر ما إذا كانت فعلًا تحتاج للتعقيم فمثلًا على المريض سؤال نفسه "هل من الضروري أن أقوم بتعقيم يد الباب في حال لم يزرني أحد خلال اليوم؟"، ومن الجدير بالذكر أنّ عملية التنظيف هذه لا يجب أن تأخذ أكثر من عدّة دقائق من وقت المريض.

يُنصح المريض بالتقيد بغسل يديه حسب البروتوكول المتبع (20 ثانية على الأقل) فقط قبل وبعد الأكل والتواجد في مكان مكان عام وبعد دخول الحمام، وبعد السعال والعطاس.

المؤسسة الدولية للوسواس القهري

توجد حاجة ملحة لدى مرضى الوسواس القهري بمتابعة الأخبار وآخر التطورات بشكل دائم، وهذا بذاته يحفز عدم اليقين الذي هو من سمات المرضى، ولذلك تنصح الجمعية الأمريكية لعلم النفس بتحديد وقت معين خلال اليوم لمتابعة الأخبار ومن الجيد أن لا تتجاوز 5 دقائق في اليوم، ومن المهم أن يكون مصدر الحصول على أي معلومة موثوقًا وبالطبع وسائل التواصل الاجتماعي ليست هذا المصدر.

قد يؤدي خوف المريض ومحاولته التقيد بإجراءات التباعد الاجتماعية إلى الانعزال وعدم الخروج من المنزل حتى بعد تخفيف إجراءات الحظر في أغلب الدول، وهذا بالطبع يؤثر بشكل سلبي على الصحة العقلية ولذلك ينصح الطبيب النفسي تيموثي ليج في موقع هيلثلاين الطبي (Healthline) بضرورة تخصيص المريض وقتًا للخروج حتى ولو كان لمسافة قريبة من المنزل وتذكير نفسه أنّه في أمان في الخارج طالما حافظ على مسافة مترين من الآخرين.

من المهم أن لا يكون المريض قاسيًا على نفسه وعليه أن يعلم أنّها أزمة عالمية وأنّه يقوم بكل ما باستطاعته ليكون جيدًا، وأنّه من الطبيعي أن تترافق هذه المرحلة بالشعور بالقلق، وعليه أن يقوم بالأنشطة التي تجعله سعيدًا سواءً قراءة الكتب أو مشاهدة الأفلام أو الاستماع للموسيقى أو ممارسة التمارين الرياضية، كما ويفضل محاولة تجنّب الأشخاص السلبيين واستبدال هذا بالتواصل مع الأصدقاء والعائلة لما لذلك من أثر إيجابي لا يمكن إهماله هذه الأيام، وقبل كل شيء على المريض أن لا يتردّد في التواصل مع طبيبه الخاص لطلب الاستشارة اللازمة.

TRT عربي