احتفاء لاعبي المنتخب السنغالي بمدربهم أليو سيسيه إثر فوزهم بكأس إفريقيا للأمم/ صورة: Reuters (Thaier Al-Sudani/Reuters)
تابعنا

تأهلت خمسة منتخبات إفريقية لنسخة قطر من المونديال، المزمع انطلاقها في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. ونجحت منتخبات السنغال وتونس والكاميرون وغانا والمغرب في حجز مقعد المشاركة، عبر التأهيليات الإفريقية شهر مارس/آذار الماضي.

فيما المشترك بين هذه المنتخبات، خلال هذه الدورة من كأس العالم، هو قيادتها كلها من مدربين محليين شباب، في سابقة، إذ كانت تفضل من قبل المدربَ الأجنبي. ما يدفع إلى السؤال حول أسباب هذا التحول، وهل نحن أمام جيل استثنائي من المدربين الأفارقة.

5 منتخبات و5 مدربين محليين

أحد أبرز المدربين الأفارقة، الذين سيشاركون في مونديال قطر، هو المدرب السنغالي أليو سيسيه، والذي يقود كتيبة "أسود التيرانغا" منذ 2015، بعد أن كان نجم المنتخب لاعباً لما يقارب 10 سنوات. وطبع سيسيه موسماً استثنائياً مع فريقه، إذ فاز معه بكأس إفريقيا لأول مرة في تاريخ المنتخب، كما نجح في التأهل معه لكأس العالم بعد التغلب على المنتخب المصري.

وسيكون اللاعب الدولي الكاميروني السابق ريغوبير سونغ حاضراً كذلك في المونديال، مدرباً لمنتخب بلاده. وتولى سونغ تدريب "الأسود غير المروضة"، شهر فبراير/شباط الماضي، خلفاً لسابقه البرتغالي أنطونيو كونسيساو. ونجح سونغ في حصد تأهل فريقه من ستاد مصطفى شاكر بالبليدة، حيث تغلب على المنتخب الجزائري في إياب مباريات التأهل.

ويقود منتخب غانا في مونديال قطر اللاعب الدولي السابق أوتو آدو، الذي تولى تدريب المنتخب في فبراير الماضي، بعد إقالة الصربي ميلوفان رايفاتش عقب الخروج المبكر لـ"بلاك ستارز" من كأس الأمم الإفريقية. وتأهل المنتخب الغاني إلى كأس العالم على حساب نظيره النيجيري.

وبعد الجدل الذي خلقه المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش، وقع اختيار الرابطة المغربية لكرة القدم على لاعب المنتخب السابق والمدرب وليد الركراكي ليحل محله.

مثَّل اختيار الركراكي لتدريب منتخبهم لحظة ارتياح للجمهور المغربي، نظراً لعدم الاستقرار الذي عرفه أداء "أسود الأطلس" في فترة خليلوزيتش، كما للموسم الناجح الذي قدمه الركراكي مع نادي الوداد البيضوي، الذي توج معه بالبطولة وكأس عصبة الأبطال الإفريقية.

وسيقود مدرب آخر محلي كتيبة "نسور قرطاج"، وهو جلال القادري، خلفاً لمواطنه المنذر الكبير. ولعبت مباراة ربع نهائي كأس إفريقيا للأمم، الفرصة الذهبية القادري كي ينال منصب تدريب المنتخب التونسي، بعد أن قاده إلى التغلب على المنتخب النيجيري، إثر تغيب الكبير بسبب إصابته بفيروس كورونا.

هل تخلصت إفريقيا من عقدة المدرب الأجنبي؟

يعد هذا الوجود المكثف للمدربين المحليين الأفارقة على رأس منتخباتهم المشاركة في قطر 2022، سابقة مونديالية، إذ كان من عادة تلك المنتخبات اللجوء إلى خدمات مدربين أجانب، فرنسيين في غالبيتهم. هذا ما يدفع إلى السؤال عن أسباب هذا التحول؟

من جانبه، يجيب وحيد بوسيوف، المحلل الرياضي الجزائري بقناة "بي إن سبور" القطرية، في حديثه إلى TRT عربي، بأن اختيار الاتحادات الإفريقية للمدربين المحليين "يرتبط أكثر بمسألة توقيت المونديال".

ويوضح بوسيوف قائلاً: "رأينا ذلك بجلاء في حالة المنتخب التونسي، الذي أقال المدرب المنذر الكبير مباشرة بعد كأس إفريقيا، ووقتها كان التوقيت بين الكأس والمباراة ضد مالي ضيقاً، وبالتالي لم يسمح بمتسع كافٍ للرابطة التونسية للبحث عن بدائل ذات خبرة أكبر، ورجح اختيار بديل مقرب من اللاعبين والذي كان جلال القادري (...) وهذا ينطبق أيضاً على المنتخب المغربي".

أما بالنسبة إلى المحلل الرياضي التونسي أيمن سعدي، فإن "سياسة تعويل الاتحادات الإفريقية على المدربين المحليين هو مسألة طُرحت منذ سنوات"، والسبب الأساسي في ذلك حسب تقديره "هو التكلفة المادية الكبيرة للمدرب الأجنبي وصعوبة الدفع إليه بالعملة الصعبة"، بالمقابل "أصبحت السوق الآسيوية، وبخاصة دول الخليج، أكثر جاذبية للمدربين الأوروبيين من السوق الإفريقية".

ويوجد سبب "غير مباشر"، يضيف سعدي في تصريحاته لـTRT عربي، هو أن "المدرب المحلي يكون أكثر مطاوعة للاتحادات الإفريقية، التي تتدخل في قراراته (...) وهذا ما رأيناه في حالة مدرب المنتخب التونسي واللخبطة التي حصلت بخصوص قائمة اللاعبين، وكذلك بالنسبة إلى مدرب منتخب الكاميرون الذي نسي حتى أسماء اللاعبين الذين تضمنتهم قائمة كأس العالم، ما يرجح أنه لم يكن هو من اختارها وأنها فُرضت من رئيس الاتحاد صامويل إيتو".

وفي ذات السياق، وبخصوص هذا الجيل الجديد من المدربين الأفارقة المحليين، يقول محلل قناة "بي إن سبورت" وحيد بوسيوف: بأنه "من الصعب الحديث عن مميزات هؤلاء المدربين، إذ إن أغلبهم حديث العهد بتدريب المنتخبات الوطنية. بالمقابل توجد تحديات كبيرة تواجه هؤلاء المدربين، أبرزها في كيفية التعامل مع الأسماء الكبيرة التي تلعب تحت إدارتهم، وهذا ينطبق على وليد الركراكي كما ينطبق على مدرب المنتخب التونسي جلال القادري".

TRT عربي