رغم وصفها بأنها "درع إسرائيل" و"بوليصة التأمين على الحياة لإسرائيل"، فإن القبة الحديدية فشلت أمام المقاومة الفلسطينية في عملية "طوفان الأقصى"، حيث تعاملت فقط مع 1500 صاروخ ضمن 5000 صاروخ أُطلق في اليوم الأول من الهجوم.
ما القبة الحديدية؟
تعد القبة الحديدية نظام دفاع جوي إسرائيلياً مصمماً لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية. تعد القبة الحديدية الخط الأول للدفاع في إسرائيل ضد الصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة نحو المستوطنات المجاورة للمنطقة العازلة المعروفة باسم "غلاف غزة".
جرت الموافقة رسمياً على القبة الحديدية نظاماً دفاعياً قصير المدى في عام 2011، وكانت الأفكار لتطويرها قد بدأت في التسعينيات من القرن العشرين، عندما كانت المستوطنات الصهيونية تتعرض لصواريخ المقاومة اللبنانية. ومع ذلك، بدأ العمل الجاد على تطويرها وتأمين التمويل اللازم لتحقيق هذا الهدف فقط في عام 2004. أُنشئت القبة الحديدية بالتعاون بين شركتَي "رافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة" و"صناعات الطيران الإسرائيلية".
وبين عامَي 2011 و2021، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية 1.6 مليار دولار لتمويل إنتاج القبة الحديدية، وجرت الموافقة على الدفعة الأولى من هذا التمويل خلال فترة رئاسة باراك أوباما السابقة. وفي عام 2022، وافق الكونغرس الأمريكي على تخصيص مليار دولار إضافي لإعادة تزويد صواريخ القبة الحديدية وزيادة إنتاج البطاريات الخاصة بها.
تسمية القبة الحديدية
وفقاً للكولونيل الذي قاد مشروع إنشاء القبة الحديدية الإسرائيلية، بدأت عملية تسمية القبة الحديدية باسم "مضاد القسام". ثم اقتُرح "Tamir تامير" اسماً للصواريخ، وهو اختصار للصواريخ الاعتراضية. وبعد ذلك، اقتُرح اسم "القبة الذهبية"، ولكن سرى شعور بأن الاسم مبالَغ فيه. وأخيراً، اختير اسم "القبة الحديدية" ليكون الاسم النهائي الذي يشير إلى نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي.
كيف تعمل القبة الحديدية؟
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "The Hill" نقلاً عن وزارة الدفاع الإسرائيلية، تعتمد "القبة الحديدية" على نظام متكامل يتكون من وحدة رادار ومركز تحكم. يتمكن هذان العنصران من التعرف على المقذوفات الجوية مثل الصواريخ وحساب مسارها ونقطة سقوطها المتوقعة. تُنفَّذ هذه العملية في ثوانٍ قليلة لأنه بناءً على المسافة بين قطاع غزة والمناطق الإسرائيلية، يكون للمدنيين الإسرائيليين من 15 إلى 90 ثانية فقط للعثور على مكان آمن من الصواريخ.
الجزء الثالث والحاسم في هذا النظام هي قاذفات الصواريخ الاعتراضية. وتتألف قاذفات الصواريخ الاعتراضية من ثلاثة أنظمة، ويحتوي كل نظام على 20 صاروخاً. يجري إطلاق الصواريخ الاعتراضية فقط عندما يتوقع النظام أن الصاروخ سيسقط في مناطق مأهولة. تستطيع صواريخ الاعتراض المناورة في الجو، وليس من الضروري أن تصيب الهدف بدقة، بل يكفي أن تنفجر بالقرب منه لتدميره. ومع ذلك، يمكن للركام المتساقط من الصاروخ أن يتسبب في أضرار أيضاً.
تكاليف تشغيل "القبة الحديدية"
وفقاً للتقارير، بلغت تكلفة تطوير "القبة الحديدية" نحو 210 ملايين دولار. وتقدَّر تكلفة كل صاروخ اعتراض بنحو 100 ألف دولار.
نسبة نجاح "القبة الحديدية"
تشير شركة "رافائيل"، المصنِّعة للنظام، إلى أن نسبة النجاح في اعتراض المقذوفات بلغت 90 في المائة. ووفقاً لمدير نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، موشيه باتيل، نجحت "القبة الحديدية" خلال السنوات العشر الماضية حتى يناير/كانون الثاني في اعتراض 2400 مقذوف. ومن جانبها، تدّعي شركة "رافائيل" أن المنظومة نجحت في اعتراض أكثر من 2500 مقذوف.
تتميز "القبة الحديدية" عن منظومات الدفاع الجوي الأخرى بالنقاط التالية:
1- تتكون القبة الحديدية من ثلاثة مكونات مختلفة لا توجد في مكان واحد جغرافياً.
2- تحتوي على مركز السيطرة والتحكم البشري، حيث يجري التحكم في النظام واتخاذ القرارات اللازمة.
3- تتمتع القبة الحديدية بقابلية للنقل الجغرافي، حيث يمكن نقلها من موقع إلى آخر بسهولة ومرونة عبر العربات، بشكل أسهل من غيرها من منظومات الدفاع الجوي.
نقاط الضعف في منظومة "القبة الحديدية"
تعد إحدى أبرز نقاط ضعف "القبة الحديدية" مداها المحدود الذي يتراوح بين 4 و70 كيلومتراً. وبالتالي، فإن الصواريخ التي تُطلق من مدى أقل من 4 كيلومترات لا تُعترَض بنفس الكفاءة. وقد شهدت مستعمرة "سديروت" تأثير هذا النقص في الحماية، حيث تعرضت لأضرار أكبر؛ نظراً لقربها من حدود قطاع غزة. وبالتالي يكون الاقتراب من الهدف بشكل أكبر له فوائده في هذه الحالة.
كما تواجه منظومة "القبة الحديدية" مشكلة في التعامل مع الأعداد الكبيرة من الصواريخ المعادية. ولا يمكن للنظام التمييز بين الصاروخ الذي يحمل رأساً متفجراً والصاروخ الذي لا يحمله، حيث يمكن تعديل وزن الصاروخ الذي لا يحمل رأساً متفجراً بطرق شعبية لكي لا يتغير تسارعه بعد الإطلاق ويتعرف عليه الرادار. وبالتالي، يمكن أن يكون إطلاق عدة صواريخ تشتيتية لا تحمل رؤوساً متفجرة بهدف استنزاف مخزون "القبة الحديدية" من صواريخ "تامير" فرصة جيدة لإطلاق جولة أخرى تحمل رؤوساً متفجرة مباشرةً بعدها، مما يقلل فرصة اعتراضها.
ويعد الاختراق الإلكتروني من أبرز نقاط الضعف المحتملة في منظومة القبة الحديدية، حيث يمكن التدخل في إشارات الرادار أو اختراق مركز السيطرة والتحكم وتوجيه صواريخ "تامير" نحو أهداف داخل الكيان الصهيوني.