مبادرات شبابية في السودان لمكافحة كورونا (TRT Arabi)
تابعنا

"يوجد انعدام وعي متفشٍّ في المجتمع" هكذا بدأت عرفات محمود إدريساي إفادتها لـTRT عربي، مضيفة: "وجدنا الشارع منقسماً حول الكورونا: فيوجد من يعتمد على التوكل ولا يلتزم إجراءات الحذر الواجبة من جهة، ومن لا يعرف شيئاً عن المرض من جهة أخرى، وكذلك وجدنا من يتعامل مع كورونا بمعلومات مغلوطة تركز على أن درجات الحرارة المرتفعة في السودان ستقتل الفيروس".

مبادرة لتوفير المعقمات في بورتسودان

وتستطرد المتحدثة نفسها قائلة إن هذا الواقع الهش في مواجهة المرض دفع الشباب إلى تبني الكثير من المبادرات الطوعية المبدعة حماية لمجتمعاتهم.

وتضيف الصيدلانية المسؤولة عن حساب التكاليف في مبادرة تقوم عليها جمعية شارع الحوادث بالاشتراك مع صيادلة بورتسودان، أنها تقوم وزميلاتها الصيدلانيات المتطوعات بإعداد المعقمات الطبية، في حين تعبئه الجمعية التي توفر المال لشراء المواد الأساسية.

ووفقاً للصيدلانية المقيمة في بورتسودان، فإن "المبادرة تركز على الأحياء الطرفية التي تفتقر إلى الوعي بالمرض، التي قد تواجه مخاطر كبيرة في حال تمدُّد الوباء"، موضحة أن المبادرة التي انطلقت في 23 مارس/آذار الماضي استطاعت حتى الآن توفير 2700 عبوة معقم بجهود ذاتية صرفة، واعتمدت في التوزيع على استخدام اللغات المحلية لسكان المنطقة كالتجرايت والبداويت.

الشباب يُوَعُّون المجتمع

شهد يوم 14 مارس/آذار، ميلاد مبادرة "سودان بدون كورونا" من مجموعة محدودة من الشباب، وفقاً لمدثر محمد الجعلي الذي وضح أنها اعتمدت في البداية على التبرع من أفراد المجموعة لشراء المواد الأولية وتصنيع الكمامات والمعقمات محلياً.

ويضيف منسق المبادرة والمسؤول عن التبرعات والإعلام في إفادته لـTRT عربي أن أحد أهم الجوانب التي يركزون عليها ترتبط بالتوعية بخطر كورونا وما يتعلق به من أساليب وقاية، والاعتماد على التوعية الذاتية من خلال الحديث المباشر مع المواطنين أثناء توزيع الأدوات الطبية عليهم، مضيفاً أن الشباب "يتحركون بسيارة مزودة بميكروفون ونظام صوت ليلاً بعد بدء الحظر، كما أننا توسعنا إلى الأرياف".

واستطرد الجعلي: "نستخدم الأغاني والشعر في التوعية باللغات المحلية كالتجرايت والبداويت. ولم نكتفِ بذلك فنحن نستخدم الملصقات الدعائية التي توزَّع في الأماكن الحيوية ونقاط التجمع كمداخل المساجد والمقاهي والأسواق، كما صنعنا فيديو عن كيفية صنع الكمامة ويوجد فيديو آخر عن المعقمات تحت الإنجاز".

ومن الملاحظ بروز دور التوعية باللغات المحلية وعدم الاكتفاء باللغة العربية وحدها، رغبة في إيصال الرسالة إلى أوسع الشرائح الاجتماعية في بلد متعدد اللغات والقوميات كالسودان، كما رافق ذلك مشاركة نجوم من المجتمعات المحلية كالفنانين وغيرهم في الفيديوهات التوعوية.

وبجانب التوعية قامت المبادرة بتوزيع آلاف الكمامات والمعقمات المصنعة محلياً، كما أنها توسعت في نشاطها إلى الأرياف والمحليات خارج المدينة، ومعظم المستهدفين مواطنون بسطاء "وجدنا منهم تجاوباً كبيراً" كما يقول الجعلي.

وعن الصعوبات التي تواجههم وضح الجعلي أنها مرتبطة بالحاجة إلى الدعم وارتفاع أسعار المواد الأولية، وهو ما تؤكده عرفات إدريساي قائلة: "بعض التجار استغلوا حاجة المواطنين وضاعفوا أسعار المواد الطبية"، مضيفة: "يواجهنا العديد من التحديات ولا سيما في جلب المواد من الخرطوم وأماكن تصنيعها نتيجة لتوقف وسائل النقل لعدم توافر الوقود، بالإضافة إلى عدم توفر بعض المواد مما اضطرنا إلى استبدالها، ولو كانت المواد متوفرة لكنا سنغطي عدداً أكبر من المناطق".

ووفقاً لوزارة الصحة السودانية فقد بلغ عدد الحالات المكتشفة حتى 3 أبريل/نيسان عشر حالات، توفيت منها اثنتان وتعافت اثنتان، وسط مخاوف كبيرة من عدم استطاعة البنية التحتية الصحية للبلاد مواجهة جائحة المرض في حال تمددها.

المبادرات الشبابية تحاول حماية اللاجئين

"شعرنا بأن الجميع تخلى عنا"، هكذا بدأ جعفر وسكة إفادته لـTRT عربي موضحاً "أن شباب معسكر أم قرقور للاجئين شرق السودان شعروا بالإهمال الواقع عليهم، فلا مفوضية اللاجئين الأممية تحركت لدعمهم في هذا الظرف الحرج، ولا الدولة ومؤسساتها ولا الجمعيات الخيرية اتخذت أي خطوة ملموسة من جانبها".

مضيفاً أن هذا دفع اتحاد شباب معسكر أم قرقور ورابطة طلاب معسكر أم قرقور بالجامعات والمعاهد العليا إلى المبادرة بإعلان حملة تستهدف جمع 14 ألف صابونة تغطي ساكني المعسكر، كما أنها تأمل في التوسع إلى مواد أخرى كالمعقمات الصحية.

وبسؤاله عن كيفية التوزيع، وضح الناشط الحقوقي وسكة أن أبناء المعسكر هم الأقدر على التوزيع بأسهل الطرق وأسرعها، وأن الاستراتيجية ستعتمد على تقسيم المعسكر إلى 4 قطاعات، وكل قطاع سيوزع فيه متطوعون يشرف عليهم أطباء من أبناء المعسكر بعد عقد دورات توعوية وتدريبية للمتطوعين الشباب.

مضيفاً أن المبادرة تطمح إلى إنشاء إذاعة متنقلة تعمل على توعية ساكني المعسكر بالمرض وكيفية الوقاية منه باللغات المحلية لقاطنيه كالتجرايت والأورومو والبداويت والنارا، وأن هذه اللغات ستُستخدم كذلك في التوزيع.

ويختم وسكة بأن المبادرة استطاعت حتى الآن جمع ثلث المبلغ المطلوب، وأنها أطلقت دعوة على وسائل التواصل الاجتماعي كما شكلت لجنة وأعلنت عن مناديب لها في مدن مختلفة لتلقي الدعم، بالإضافة إلى أنها تطمح في مرحلة لاحقة إلى أن تغطي مناطق أخرى، أو تكون نموذجاً لما يمكن أن ينجزه شباب معسكرات اللاجئين.

ويعد السودان من المستضيفين التاريخيين للاجئين، ووفق المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين فمن المتوقع أن يضم السودان 1.14 مليون لاجئ حتى نهاية العام، بالإضافة إلى ما يزيد على مليون من النازحين داخل البلاد، وفي العام الماضي ظلت عمليات المفوضية في السودان واحدة من أكثر العمليات التي تعاني من نقص في الموارد، إذ يتوافر 32% فقط من التمويل المطلوب من أصل 269 مليون دولار أمريكي.

سرعة استجابة.. وحماس زائد

وفي حديث عن المبادرات الشبابية في مدينة بورتسودان، أكدت المحامية والناشطة الحقوقية حليمة حسين أن هذه المبادرات كانت موجودة وفعالة، وأن مناخ ما بعد الثورة منحها مساحة أكبر.

وتضيف في إفادتها لـTRT عربي أن هذه المبادرات "ونتيجة ضعف إمكانياتها لا يمكن عدها رديفة لدور الدولة، ولكنها تعتبر جهة مساعِدة لها"، مؤكدة أن أهم ميزة لهذه المبادرات سرعة التحرك والتجاوب مع الطوارئ، وأنها أسرع في هذا الجانب من مؤسسات الدولة التي تؤخرها الإجراءات والتعقيدات البيروقراطية.

"الحماس الزائد لدى بعض المتطوعين قد يتسبب في أخطاء" تقول حليمة، وتستطرد: "لو تجمعت كل المبادرات تحت مظلة واحدة فستكون الفائدة أكبر، ولا سيما أن الأرياف والمحليات البعيدة لم تصل إليها الحملات نتيجة ضعف الموارد".

ضعف الموارد الملحوظ مع الابتعاد عن مركز البلاد وعلى الرغم من تأثيره في كثير من الأنشطة، فإنه لم يقف حائلاً أمام عزيمة الشباب في ضفر الجهود على جبهتين: توعية مجتمعهم بخطورة المرض من جهة، والتصدي لتجار الأزمات المتلاعبين بأسعار المواد الطبية وأرواح السودانيين من جهة أخرى.

أحد أهم الجوانب التي يركزون عليها ترتبط بالتوعية بخطر كورونا وما يتعلقبه من أساليب وقاية (TRT Arabi)
أهم ميزة لهذه المبادرات سرعة التحرك والتجاوب مع الطوارئ، وأنها أسرع في هذا الجانب من مؤسسات الدولة التي تؤخرها الإجراءات (TRT Arabi)
المبادرة تركز على الأحياء الطرفية التي تفتقر إلى الوعي بالمرض، التي قد تواجه مخاطر كبيرة في حال تمدُّد الوباء (TRT Arabi)
TRT عربي