تمييز عنصري خفي.. الأجانب غير قادرين على الالتحاق بسوق العمل السويدية (Others)
تابعنا

لم يكن من الصعب على من يحملون أفكاراً معادية للأجانب والمهاجرين أن يجدوا طرقاً ووسائل مختلفة يعيقون بها اندماج هؤلاء في بيئاتهم الجديدة. وهو ما يقع حالياً في السويد، حيث أصبح الكثير ممن يحملون جنسية أجنبية يواجهون صعوبة في إيجاد عمل ووظائف ولو كانوا يتمتعون بالكفاءة اللازمة والشروط المطلوبة كافة.

حتى إن من حالفه الحظ منهم في الحصول على وظيفة، لم يكن يتمتع بحقوق زملائه نفسها في الأجور والترقية والترشيحات لمناصب مهمة.

وقد اعتبرت منظمات حقوقية ووسائل إعلامية أن هذه السياسة التي ينتهجها أصحاب المؤسسات وأرباب العمل اليوم، تعد شكلاً من أشكال التمييز العنصري "الخفي" الذي لا يمكن إثباته، أو محاسبة مرتكبه عليه بشكل قانوني.

وتبوء بذلك المساعي الأممية والحكومية بإدماج المهاجرين في سوق العمل السويدية، بالفشل. وتذهب أغلب الشكاوى التي تتوارد على الأجهزة الرسمية بشكل يومي أدراج الرياح، إذ لا يمكن اعتبارها دليلاً كافياً لدى السلطات والأجهزة القضائية، لإدانة أرباب العمل بتهمة الميز العنصري.

رفض توظيف من يحملون أسماء غير سويدية

وفق ما جاء في دراسة أجراها معهد تقييم سياسة سوق العمل والتعليم IFAU عام 2018، بعنوان "الاسم السويدي أهم من الخبرة عند البحث عن عمل"، فإن من يحملون أسماء غير سويدية توحي بأنهم أجانب، هم الأقل حظوظاً في الحصول على وظائف، مقارنة بغيرهم من السويديين، وذلك دون الأخذ بعين الاعتبار، الكفاءة الأكاديمية أوالخبرة العملية السابقة.

ولم يكن حصول الأجانب على الجنسية السويدية كافياً لحصولهم على وظيفة مناسبة مع مؤهلاتهم العلمية، حيث إن نسبة الاستجابة لطلبات التوظيف ممن ولدوا خارج السويد وإن كانوا حالياً يعدون سويديين، هي الأقل مقارنة مع غيرهم.

وفي هذا الإطار، كشف تقرير صدر عن المركز الوطني للإحصاء، بأن البطالة في صفوف المولودين خارج السويد والذين يمثلون حوالي 19.7% من إجمالي عدد سكان السويد، قد بلغت في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021 حوالي 20% وذلك مقارنة بالمولودين داخل السويد الذين لم تتجاوز نسب البطالة لديهم 4.6% .

ومع توارد الكثير من التشكيلات حول الموضوع، كثفت المراكز الإحصائية الحكومية والخاصة دراساتها في الموضوع، وتوصلت جميعها في النهاية إلى أن الأجانب والمهاجرين ممن يحملون أسماء غير سويدية ولو كانوا يحصلون على الجنسية السويدية، هم الأقل في فرص الاستدعاء لمقابلة العمل من البداية.

وبالرغم من أن بعض الجهات قد حاولت تعميم فكرة إخفاء الاسم، أو أي معلومة توحي بالانتماء أو الدين أو الطائفة وغيرها من التفاصيل، في طلب العمل، لضمان تكافؤ الفرص في الاختيار الأولي لإجراء مقابلة العمل، إلا أن بعض المنتقدين لهذا الإجراء أكدوا أن هذه المعضلة يجب معالجتها بطرق أخرى، فصاحب العمل الذي يفكر في التمييز العنصري، سوف يجد المبرر الكافي بعد ذلك لرفض الموظف إذا عرف عنه المعلومات كافة.

النساء الأكثر عرضة للرفض

أكدت بيانات مراكز الإحصاء أن النساء من الأجانب والمهاجرين هن الأكثر عرضة للتمييز العنصري في سوق العمل السويدية.

فبالإضافة إلى الأسماء غير السويدية، فإن المظهر واللباس يعدان كافيين لرفض إحداهن انطلاقاً من صورة سيرتها الذاتية أو صورتها المرفقة في طلب العمل، قبل أن تتمكن من إجراء المقابلة من الأصل.

وحتى أن من فزن بعمل، فقد تعرضن للكثير من المضايقات في بيئتهن، كما فرض على الكثير منهن العديد من الشروط التي تتعلق بهيئتهن، وهو ما لم يشمل غيرهن من السويديات. واضطرت بذلك الكثيرات من المهاجرات واللاجئات للعمل في وظائف لا تتواءم مع مؤهلاتهن العلمية، وبعضهن بقي عاطلاً عن العمل، لم تفده الشكاية ضد أصحاب الشركات في تغيير الوضع.

فبالرغم من أن المحكمة الإدارية السويدية قد ألغت سابقاً قرارات حظر ارتداء الحجاب على سبيل المثال، فإن أرباب العمل كان بإمكانهم التحايل على هذه القوانين ومنع التحاق هذه الفئة بالوظائف التي تقدمن إليها.

وكانت السلطات الحكومية قد فرضت مساعدات مالية للشركات التي توظف أجانب، وبناء عليه قام بعض هذه المؤسسات بتوظيف بعض العاملين من غير السويديين، وسرعان ما سرّحوهم لاحقاً بمجرد وقف الدولة صرف المساعدات المالية، التي كان من المقرر أن تمتد لثلاث سنوات فقط.

وتبقى هذه المعاملات وهذا التمييز العنصري عصياً على محاسبته قانونياً، حيث إنه يتعين على الشخص إثبات الفعل التمييزي أثناء الشكاية، وهو ما يتعذر على كثير منهم.

TRT عربي