تابعنا
يعيش الأطفال السوريون، تحت وقع الحرب التي شنّها نظام الأسد على إدلب، أوضاعاً صحية صعبة، بسبب تدهور الرعاية الصحية اللازمة لهم يوماً بعد يوم.

وُلدت سلمى سلقين بضعفٍ في جهازها المناعي ومشكلاتٍ في الجهاز التنفسي تتطلب رعاية دائمة لتظل على قيد الحياة.

لكن بين تهديد قصف النظام في محافظة إدلب السورية ونقص الموارد في المستشفيات، يصبح الحصول على العناية اللازمة أمراً شبه مستحيل.

وتحتاج الطفلة حديثة الولادة إلى حضَّانة، ولكن لا يمكن وضعها في واحدة إلا لبضع ساعات يومياً بسبب نقص المعدات الطبية.

ويقول الأطباء إنَّ هناك حالات أكثر حرجاً من حالتها وإنَّهم يعطون الأولوية لمن هم بحاجة إلى العلاج.

وعلى الرغم من استقرار حالة سلمى الآن، فهي في تدهور، إذ إنَّ إصابتها بأي مرض أو عدوى بصورة مفاجئة يمكنها أن تعرّض حياة الطفلة التي تبلغ سنها شهراً واحداً للخطر.

وقال والدها مصطفى لـTRT: "قال الأطباء إنَّه من الأفضل لها أن تظل في الحضانة حتى تتماثل للشفاء التام".

وأضاف: "أتمنى اصطحاب طفلتي إلى مستشفى آخر. قد تصبح حالتها طارئة قريباً، إلى أين سأذهب حينها؟".

كان مصطفى (29 عاماً) فرّ مع زوجته الحبلى من مسقط رأسيهما في كفر نبّودة عندما بدأ الهجوم الشامل للنظام على المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في أبريل/نيسان الماضي.

وزاد التوتر فرص الإنجاب المبكر لطفلته، وُولدت سلمى قبل الموعد المحدد بأكثر من شهر.

وعندما أتى والدتها المخاض، واجه مصطفى صعوبة في تقرير مكان الولادة بين المنزل والمستشفى. وكان خوفه من الذهاب إلى الأخير ينبع من استهداف نظام الأسد للمراكز الطبية في المنطقة.

وفي نهاية المطاف، قرر مصطفى أن تنجب زوجته في المنزل، لكن نزيف زوجته الحاد اضطره إلى الذهاب إلى المستشفى.

ويستذكر قائلاً: "لن أنسى أبداً"، مضيفاً: "ظننت أنني على وشك فقدان كلتيهما، الحمد لله أنهما على قيد الحياة".

لكن المستقبل بالنسبة إلى الثلاثة، مثلهم مثل غيرهم من السوريين، يظل غامضاً. إذ تستمر المخاوف من الغارات الجوية، وكذلك القلق من الخطر الدائم المحدق بحياة طفلته.

ومنذ أن شن الأسد هجومه على إدلب والمناطق المحيطة بها الخاضعة للمعارضة، فر مئات الآلاف من الأشخاص إلى الشمال بحثاً عن الأمان، وتوُفي مئات، من بينهم مدنيون.

وكان تتبُّع حالات الإصابات والوفيات صعباً بما يكفي، ناهيك بالتأثير النفسي والتأثير غير المباشر على الذين يعانون مشكلات صحية، مثل الحوامل.

ومثل والدة سلمى، واجهت ليلى موسى مشكلة الإنجاب المبكر بسبب قصف النظام.

وليلى هي أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 27 عاماً، فرّت من منزلها في ريف إدلب بينما كانت حاملاً في شهرها الثامن بعد قصف مكثف لنظام الأسد.

وأتاها المخاض بفعل الصدمة، وكانت الولادة الطبيعية محفوفة بالمخاطر على الأم والطفل، لذا لجأ الأطباء إلى الولادة القيصرية.

ومثل سلمى، وُلِد طفل ليلى في حالة صحية سيئة وأوصى الأطباء ببقائه في الحضانة لمدة 15 أسبوعاً.

لكن اتضح أن العمل بوصية الأطباء أمر صعب. فبعد الولادة مباشرة تقريباً، انتشرت شائعات تقول إنَّ المستشفى على وشك التعرض للقصف.

ولكن العائلة لم تكن مستعدة للمخاطرة وقررت الفرار.

وقالت ليلى لـTRT: "اضطُررنا إلى تغيير المستشفيات بسبب القصف، وواصلنا التنقل من مشفى إلى آخر لتزويده بالرعاية التي يحتاج إليها"، مضيفة: "لا أعرف كيف ستكون حالته في المستقبل، وما إذا كان يعاني من إعاقات أو أمراض بسبب وضعه الحالي أم لا".

ووفقاً للدكتور خالد الحر، وهو طبيب متمرس يعمل في منطقة إدلب، فقد ناضل الأطباء والممرضون لتوفير أدنى مستويات الرعاية للأطفال المرضى بسبب الحملات العسكرية لنظام الأسد.

وقال خالد إنَّ المرضى يحتاجون عادة إلى قضاء نحو 13 أسبوعاً في العناية المركزة، لحمايتهم من الحساسية والالتهابات، ولتمكين أعضاء الأطفال الخدج من النمو.

وحسب خالد، يؤدي أيضاً بعض العوامل إلى تفاقم الظروف السيئة قبل الولادة في شمال سوريا، منها سوء التغذية، ومحدودية فرص الحصول على الرعاية في أثناء الحمل، وتأثير التوتر الذي يصيب الأمهات في أثناء الحمل -الناجم عن الحرب- على الأجنة.

وقال "غالبية الأطفال يتلقون الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها، لكنها ليست بالمستوى المطلوب عادة".

وأوضح أنَّه في بعض الحالات يحلّ أطفال محل آخرين في الحضانات وفقاً لشدة مرضهم، مشيراً إلى حالات يتشارك فيها طفلان الحضانة نفسها.

وأضاف "نحن بحاجة إلى مزيد من المرافق والمعدات الطبية لمساعدة أعداد هائلة من الأطفال في شمال سوريا".

منذ أن شنّ الأسد هجومه على إدلب، فرّ مئات الآلاف من الأشخاص، وتوفّي مئات المدنيين، وتعرّصت حياة الأطفال للخطر (TRT Arabi)
يعاني الأطفال السوريون بسبب الحرب التي شنها نظام الأسد من تدهور الرعاية الصحية اللازمة (TRT Arabi)
واجهت الكثير من الأمهات السورية مشكلة الإنجاب المبكر بسبب قصف النظام، مما أثر على صحة أطفالهن (TRT Arabi)
مستقبل الكثير من الأطفال السوريين في إدلب يظلّ غامضاً، إذ تستمرّ المخاوف من الغارات الجوية ومن الخطر الدائم المحدق بهم. (TRT Arabi)
TRT عربي