وفقاً لتقرير الوكالة الفرنسية قد يؤثر عرض "غوغل" النتائج التي صاغها الذكاء الصناعي في عمليات البحث على مؤسسات كثيرة وتحديداً منصات وسائل الإعلام. / صورة: Reuters (Dado Ruvic/Reuters)
تابعنا

وفي أثناء اختبار تقنية "إيه آي أوفرفيوز" التي تعمل الآن بشكل جزئي في الولايات المتحدة، ظهر أن المستخدمين رجحوا النقر على النتائج التي يوفرها الذكاء الصناعي بدلاً المواقع الإلكترونية التقليدية، لأن المحتوى الذي وفَّره الذكاء الصناعي يوفر لهم إجابات ملخصة عن أسئلتهم.

وتوقعت شركة "غارتنر" للأبحاث والاستشارات التكنولوجية، أنه مع توسع تطبيقات الذكاء الصناعي، ستقل نسبة تصفح محركات البحث التقليدية بنسبة 25% بعد عامين من الآن.

منصات وسائل الإعلام أول المتضررين

وفقاً لتقرير الوكالة الفرنسية قد يؤثر عرض "غوغل" النتائج التي صاغها الذكاء الصناعي في عمليات البحث على مؤسسات كثيرة وتحديداً منصات وسائل الإعلام.

وحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن نحو 40% من حركة المرور على موقعها تأتي من عمليات نقر المستخدمين على روابطها من خلال محرك بحث غوغل، وإذا لم تعد تظهر عليه فستخسر أكثر من ثلث زوارها.

وأجرى موقع أتلانتيك دراسة حول ما يمكن أن يحدث إذا دمجت غوغل الذكاء الصناعي في البحث، ووجدت أنه في 75% من الحالات، يقدم البحث المدعوم بالذكاء الصناعي إجابة كاملة عن استفسار المستخدم، مما يقلل من فرص النقر على موقعها وكذلك المواقع الأخرى الناشرة للمحتوى.

وفي هذا الصدد، يؤكد الأكاديمي وخبير الذكاء الصناعي، د.حسين العمري، أن تقنية "أوفرفيوز" الجديدة ستؤثر في منصات الإعلام والصحافة الرقمية بشكل أساسي، إذ ستقلل عدد النقرات التي يتلقاها الناشرون على مواقعهم، نظراً لأن المستخدمين سيحصلون على ملخصات شاملة مباشرة من نتائج البحث المعتمدة على الذكاء الصناعي، مما لا يُشعرهم بالحاجة إلى زيارة الموقع المصدر للحصول على التفاصيل الكاملة.

ويقول العمري لـTRT عربي، إن ذلك سيترتب عليه انكماش العائدات من الإعلانات، لأن تلك المنصات الرقمية تعتمد بشكل كبير على عائدات الإعلانات، ومع انخفاض عدد الزيارات تقل العائدات الإعلانية أيضاً.

ويضيف أن تلك التقنية ستجلب تحديات كبيرة في جذب الزوار الجدد للمواقع الإخبارية، إذ يعتمد كثير من تلك المواقع على حركة المرور من محركات البحث، كما قد تؤدي الاعتمادية المطردة على ملخصات غوغل إلى تقليل موثوقية العلامات التجارية للمواقع، "لأنه إذا حصل المستخدمون على المعلومات التي يحتاجون إليها مباشرةً من غوغل فإنهم قد يتوقفون عن التعرف على المواقع الإخبارية بوصفها مصادر أساسية للمعلومات".

ويتابع أستاذ علم الحاسوب في سيليكون فالي، أن من شأن ذلك أن يخلق تنافساً أكبر بين المواقع الإخبارية نفسها، فبوجود محتوى ملخص من خلال الذكاء الصناعي، ستواجه المواقع تحديًا أكبر في جذب انتباه القراء، وهذا قد يؤدي إلى مزيد من التنافس على القراء بين المواقع وإيجاد طرق جديدة لجذبهم إليها.

وينظر ناشرو الأخبار إلى أداة بحث الذكاء الصناعي من غوغل على أنها كابوس مدمِّر لحركة المرور الشبكية. وفي تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال قال روس ليفينسون، الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة أرينا الإعلامية: "إن النشر الرقمي مقبل على فترة تحول ويتعرض للهجوم".

كيف تضمن المواقع الإخبارية ظهور محتواها في محرك البحث؟

ولضمان ظهور موقع معين ومحتواه ضمن نتائج البحث على غوغل، يرى العمري أنه يمكن اتِّباع بعض الاستراتيجيات، من ضمنها تحسين محركات البحث (SEO) والتركيز على الكلمات المفتاحية شائعة الاستخدام بين الجمهور المستهدف، بالإضافة إلى المحتوى ذي الجودة العالية.

كذلك قد تسهم الروابط الخلفية (Backlinks) من مواقع ذات سمعة جيدة في تحسين ترتيب الموقع على غوغل، حسب خبير الذكاء الصناعي.

"وسيلة أخرى لها دور أيضاً في احتمالية إظهار الموقع في نتائج البحث، هي تحسين سرعة تحميله، ويمكن الوصول إلى ذلك من خلال تقليل حجم الصور، واستخدام شبكات توصيل المحتوى (CDNs)، وتقليل عدد طلبات المتصفح لتحميل الصفحة".

ويضيف العمري أن استخدام البيانات المنظمة (Schema Markup) لتحسين فهم غوغل لمحتوى الصفحة، يمكن أن يساعد كذلك على ظهور المحتوى في ميزات البحث الخاصة.

ويشير الخبير إلى نقطة مهمة أيضاً، وهي تعزيز الوجود على وسائل التواصل الاجتماعي لجذب مزيد من الزوار، وزيادة حركة المرور على الموقع وتحسين ترتيبه في محرك البحث غوغل.

هل سيقدم الذكاء الصناعي محتوى أصيلاً؟

يقول د.العمري إن أدوات الذكاء الصناعي، تقدم مثل "نظرة عامة"، من خلال إجابات متعددة الجوانب تشمل مصادر مختلفة ومعلومات سياقية، "وتعتمد موثوقية وأصالة النتائج التي يُنتجها الذكاء الصناعي على عدة عوامل، منها جودة البيانات التي دُرب نموذج الذكاء الصناعي عليها، إذ تعتمد نماذج الذكاء الصناعي الحديثة على التدريب المستمر بناءً على البيانات.

ويشير خبير الذكاء الصناعي إلى أن نماذج الذكاء الصناعي قد تواجه تحديات تتعلق بـ"التضليل" نتيجة للتحيزات المتأصلة في البيانات المستخدمة للتدريب، وكذلك في بعض الحالات، قد تكون المعلومات المتاحة قديمة أو غير محدثة، ما يؤثر في دقة النتائج.

مقاضاة أدوات الذكاء الصناعي لانتهاكه حقوق الملكية الفكرية

حذر الملياردير الأمريكي ورئيس مؤسسة (IAC) الإعلامية، باري ديلر، من أن استخدام الذكاء الصناعي "مدمِّر للصحافة، وعلى الناشرين استخدام قانون حقوق النشر لممارسة الرقابة".

وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن ديلر يقود مجموعة من الناشرين تقول إنها "ستسعى لتغيير قانون حقوق الطبع والنشر وقانون الاستخدام العادل إذا لزم الأمر".

وفي هذا السياق يقول د.العمري إن قوانين الملكية الفكرية تتطور بسرعة لمواكبة التقدم التكنولوجي، وقد تكون هناك حاجة لتحديث القوانين الحالية لتشمل مزيداً من التفاصيل المتعلقة بالاستخدام العادل للذكاء الصناعي والمحتوى المولَّد آلياً.

ويؤكد العمري أن المنصات الصحفية يمكنها مقاضاة مواقع وأدوات الذكاء الصناعي في "سرقة حقوق الملكية الفكرية"، وذلك استناداً إلى عدد من القوانين والمعايير المعمول بها في مجال حقوق النشر. وأشار إلى وجود حالات سابقة قاضت فيها شركاتٌ إعلامية منصات تقنية لاستخدامها المحتوى المحميّ من دون إذن.

ومع ذلك، يقول خبير الذكاء الصناعي إن هذه القضايا معقَّدة وغالباً ما تتطلب دراسة تفصيلية لعديد من العوامل منها الأساس القانوني للمقاضاة، إذ يمكن أن تدّعي أدوات الذكاء الصناعي التي تستخدم المحتوى أن ذلك ضمن حدود "الاستخدام العادل"، وهو مبدأ يسمح باستخدام مواد محمية بحقوق النشر لأغراض مثل النقد، والتعليق، والتعليم، أو البحث من دون إذن من صاحب الحقوق.

ويختم د.العمري بأنه قد يكون من الصعب أيضاً تحديد متى وأين استُخدم المحتوى بشكل غير قانوني خصوصاً إذا استخدمه الذكاء الصناعي بطرق مجزأة أو ضمن قاعدة بيانات كبيرة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً