اهلا رمضان (Others)
تابعنا

في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي اتخذ البنك المركزي المصري عدة إجراءات، تتمثل في تحديد سعر الإقراض وسعر الإيداع وزيادة سعر الفائدة، والأهمّ هو قرار تحرير سعر صرف الجنيه، أو ما يُعرف بـ"تعويم" الجنيه، ومنذ هذه القرارات تتزايد الأسعار في الأسواق المصرية يوميّاً.

اعتاد المصريون افتتاح معرض واحد فقط للسلع الرمضانية كل عام في أرض المعارض بحيّ مدينة نصر، قبل وفي أثناء شهر رمضان، ولكن في العام الجاري، وبسبب ارتفاع الأسعار، أقامت وزارة التموين بالتعاون مع عدة قطاعات رسمية، 455 معرضاً بمشاركة 400 عارض، باسم "أهلاً رمضان"، في أنحاء مصر كلها، بخاصة في المحافظات والقرى البعيدة عن العاصمة، بجانب المنافذ المتنقلة والسلاسل التجارية، ومنافذ وزارات التموين والتجارة الداخلية والزراعة والدفاع والداخلية والتنمية المحلية.

بالإضافة إلى توزيع صكوك مؤمَّنة بدلاً من الموادّ الغذائية، تُوزَّع من خلال إدارة المحافظات، بناء على قواعد بيانات وزارة التضامن على الأسر الأولى بالرعاية.

فما هو رأي المستهلك؟ وهل تختلف جودة السلع وأسعارها عن المعروض في المحلات التجارية الأخرى؟ TRT عربي تجولت في معارض بعض المحافظات المصرية ورصدت الإجابة.

"خطة حكومية للسيطرة على الأسعار"

من السلع التي شهدت أسعارها ارتفاعات متتالية في أيام قليلة الدواجن والبيض، وصار الحديث عن هذه الزيادات المُبالَغ فيها مجالاً للتندر والسخرية، وأيضاً للسخط، ففي أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول، ارتفعت الأسعار أكثر من الضعف.

رجعت شعبة الدواجن بالغرف التجارية هذه الزيادة إلى حجز الأعلاف في الجمارك، ولكن حتى بعد الإفراج عن أطنان الأعلاف التي تقوم عليها مزارع الدجاج بالكامل، ومحاولات وزارة الزراعة والتموين السيطرة على الأسعار، لم تتراجع الزيادة.

تفسّر ذلك تصريحات عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن، بأن الإفراجات الجمركية لم تكن كاملة، فالمزارع في مصر تحتاج إلى 900 ألف طنّ من الأعلاف شهريّاً، والكمية المُفرَج عنها غير كافية.

ولاء سعد، ربة منزل، تقول لـTRT عربي إنها اشترت من معرض "أهلاً رمضان" في مدينة السادس من أكتوبر كيلوجراماً من أوراك الدجاج، وعند عودتها إلى المنزل فوجئت بأن الوزن أقل مما يُفترَض. كذلك وجدت أن سعر السمك البلطي 65 جنيهاً كما هو خارج المعرض.

أسماء يحيى، أم لثلاثة أبناء تعمل مدرّسة وتعيش مع أسرتها بمدينة الشيخ زايد غربيّ محافظة الجيزة، ترى أن المعرض له ميزة مهمة، فتقول لـTRT عربي: "الأسعار في معرض (أهلاً رمضان) بالمدينة لا تختلف كثيراً عنها في المحلات التجارية، ولكن الارتفاع اليومي للأسعار في هذه المنافذ التجارية تَوقَّف مع بدء افتتاح المعرض، ويبدو أن هذا هو الهدف من المعرض، أي تحجيم تسارع زيادة الأسعار، فتبدو لي كأنها محاولة من الحكومة ووزارة التموين للسيطرة على جشع بعض التجار"، وأضافت: "لاحظت أيضاً تخفيض أسعار الحقائب المُجمَّعة لعدة سلع أساسية أو كراتين، لكن العبوات المنفردة لا تختلف أسعارها".

فروق قليلة في الأسعار

كثير من المعارض التابعة لوزارة التموين بدأ العمل قبل الافتتاح الرسمي الذي كان منذ أيام، ففي مدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية وسط الدلتا، بدأ المعرض منذ فبراير/شباط الماضي للحدّ من تزايد الأسعار وتوفير السلع الأساسية، مثل الأرز الذي ارتفع سعره من 12 جنيهاً للكيلوجرام قبل تعويم الجنيه إلى 27 جنيهاً، وحسب تصريحات وزير التموين والمحافظين في أثناء افتتاح فروع المعارض في محافظاتهم، فمن المفترض أن يكون سعر كيلوجرام الأرز 15 جنيهاً، ولكن كثيراً من المستهلكين يرون أن الأسعار تختلف تماماً عما أُعلنَ عنه.

يقول سيد حسن لـTRT عربي، وهو فني أشعة متزوج حديثاً وينتظر مولوداً: "الأسعار في المعارض أقلّ منها في المحلات، وإن لم يكن الفارق كبيراً. مثلاً كيلوجرام الأرز بـ27 جنيهاً خارج المعرض، وبـ24 جنيهاً في المعرض، ولكل مشترٍ كمية محددة هي كيلوجرامان فقط" لمراعاة استفادة أكبر عدد من المشترين.

ويبدو أن سياسة تحديد الكميات بغرض التحكُّم في حصة الفرد من السلعة، بخاصة الأرز المصري، اتبعتها الأسواق التجارية الكبيرة مثل"سبينس" و"مترو"، ففي "سبينس" يتوافر الكيلوجرام بـ18 جنيهاً، ولكل مشترٍ ثلاثة أكياس بحد أقصى.

على جانب آخَر، علّق عديد من المستهلكين بأن مواعيد المعرض التي تنتهي في الخامسة مساءً تزيد الضغط والزحام، خصوصاً مع نفاد عدد من السلع.

"كلنا واحد"

زارت TRT عربي معرض "كلنا واحد" بحيّ الدقي في محافظة الجيزة، وهو معرض تابع لوزارة الداخلية محدود السلع. قالت سيدة علي، موظفة خمسينية ترتاد المعرض لـTRT عربي، إن الفروق في الأسعار بسيطة، ولكن السكر أقل من المحلات والخضار أسعاره أفضل من السوق".

أما تيسير عوض الله، ربة منزل وأم لشابَّين، فتقول إن "أسعار البلح في المعرض أفضل منها في السوق، وتضيف أنها دائماً ما تشتري اللحوم لأسرتها من سيارات "أمان" التابعة للقوات المسلحة، وتوضح أنها "الأفضل والأقلّ سعراً مقارنة بالجزارين الآخرين".

يُذكَر أن معرض "أهلًا رمضان" الرئيسي بمدينة نصر، افتتحه رسميّاً رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى ‏مدبولى يوم ‏‏15 مارس/آذار بعد استكمال تجهيزاته، ثم فُتح أمام الجمهور في اليوم التالي.

وتعتمد أشهر الأكلات والمشروبات في مصر في شهر رمضان، على التمر واللحوم والدجاج والأرز والسكّر والفواكه المجففة، بالإضافة إلى انتشار صنع الحلوى مثل الكنافة والبسبوسة وغيرهما، التي تعتمد بالأساس على السميد ودقيق القمح، مما يزيد معدَّل استهلاك هذه المواد في الشهر الكريم، فتزيد بالتبعية أسعارها.

وتنتشر في مختلف محافظات مصر موائد الرحمن، وهي موائد تُمَدّ قُبيل أذان المغرب في عدد من المساجد، كما يُنشئها المصريون في أحيائهم السكنية، ويُدعَى إليها المواطنون من أهل الحي ومن المارّين به، من الفقراء والميسورين على السواء.

وفي السحور يعتمد المصريون على الفول والجُبن والزبادي بالإضافة إلى الخبز، لما فيها من خصائص تعين على الجوع والعطش في نهار رمضان، فيزداد الطلب عليها طوال الشهر الكريم.

وفي رمضان 2022 كان حجم إنفاق المصريين على الطعام في شهر رمضان 100 مليار جنيه (6.4 مليار دولار)، كما كان حجم الإنفاق على السلع الغذائية يتراوح بين 10 و12 مليار جنيه شهريّاً، حسبما صرّح الدكتور إبراهيم عشماوي، مساعد أول وزير التموين ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية.

ويُتوقّع أن يتضاعف حجم الإنفاق هذا العام بعد تحرير سعر صرف الجنيه.

TRT عربي
الأكثر تداولاً