رغم الظروف القاسية.. أطفال يلعبون بالثلج في مخيمات النازحين شمالي سوريا (AFP)
تابعنا

شهد العالم أجمع، وبالأخص الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في السنوات الأخيرة الكثير من التغيرات المناخية المتناقضة، كما برزت المنطقة العربية كأكثر الأماكن تعرضاً للتهديد من قِبل الكوارث الطبيعية وارتفاع درجات الحرارة التي سيتسبب بها التغير المناخي الآخذ بالتسارع عاماً بعد عام.

وبينما حل عام 2021 كأكثر الأعوام سخونة على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تشهد مؤخراً بعض البلدان العربية أجواء قطبية بامتياز لم تشهدها منذ أكثر من 3 عقود، حيث سجلت المنطقة العربية الأيام الماضية درجات حرارة قياسية في ظل موجة الثلوج والعواصف غير المسبوقة التي تعصف ببلدان مثل سوريا وفلسطين، إلى جانب مصر والعراق وشمال السعودية.

وعلى الرغم من هيمنة ظاهرة التغير المناخي وخطط ومعايير مكافحتها على أجندة الدول العالمية الكبرى، التي ترى فيها تهديداً حقيقياً قد يُنهي الحياة على سطح الأرض ويتسبب في انقراض البشرية، إلا أن المواطن العربي بقي بعيداً عن هذه المظاهرات العالمية التي تدعو إلى سن القوانين الصارمة لمكافحة التغير المناخي وتأثيراته المدمرة، واكتفى بمطالعة بعض الأخبار التي تُحذر وتُنذر وسط انشغاله بتحديات قد تبدو أكثر إلحاحاً في ظل الصراعات والاضطرابات السياسية التي تشهدها معظم دول المنطقة.

موجة صقيع غير مسبوقة

في أعقاب إغلاقها للطرق والمطارات في كل من تركيا واليونان، اتجهت العاصفة الثلجية في الأيام الأخيرة باتجاه بلاد الشام ومصر حاملة معها موجة صقيع غير مسبوقة لم تشهدها المنطقة من قبل، وذلك بالتزامن مع دخول موجة قطبية ضربت المناطق شمال السعودية، بالإضافة إلى الأردن ومصر وفلسطين.

ونتج عن المنخفض القطبي الذي بدأ يشتد من بداية الأسبوع الجاري تراكم الثلوج في دول بلاد الشام وشمال السعودية، فضلاً عن المناطق التي يقطنها اللاجئون داخل المخيمات في سوريا والعراق والذين يعيشون بالأساس ظروفاً معيشية صعبة تفتقد مقومات الحياة الأساسية، حيث فاقم الثلج والصقيع من مأساة النازحين لا سيما الأطفال منهم المحاصرون داخل الخيام المهترئة.

وفيما يرى بعض خبراء الأرصاد الجوية أن الأحوال الجوية في المنطقة في الأيام الأخيرة هي حالات جوية مألوفة تحدث بين الفترة والأخرى، يعتقد البعض الآخر أنها تعكس مستقبلاً يحمل سيناريوهات أكثر تطرفاً وخارجة عن المألوف بسبب التغير المناخي الناتج عن الاحتباس الحراري الذي يشهده كوكبنا.

العالم العربي والتغير المناخي

أشار معهد ماكس بلانك للكيمياء أواخر عام 2019 إلى أن بعض المناطق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة في الصيف بحوالي 4 درجات مئوية بحلول عام 2050، وذلك حتى لو نجحت الجهود الدولية في الحد من متوسط درجة الحرارة العالمية بناء على اتفاقية باريس الموقعة عام 2016.

وعلى الدوام تؤكد التقارير المناخية المختلفة على الحقيقة ذاتها، وهي أن مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشعوبها سيكونان الأكثر عرضة للتهديدات الحقيقية التي ستسببها ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك بفضل تمتعها بمناخ صحراوي جاف بالأساس، فضلاً عن أنها ستكون أكثر عرضة للغرق لوقوعها على سواحل الخليج والبحر الأبيض المتوسط وبحر العرب.

فإلى جانب التحذيرات التي تُنذر بارتفاع درجات الحرارة في مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمستويات ستصبح معها الحياة مستحيلة، خصوصاً في دول الخليج العربي، ستكون المنطقة أيضاً عرضة لموجات جفاف حادة من شأنها أن تزيد الضغط على المياه الجوفية وبالتالي التأثير سلبياً على الزراعة، ناهيك عن الفيضانات التي ستغمر المدن الكبرى وتجعلها غير صالحة للعيش بسبب ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات.

محاولات عالمية للحد من تداعيات الاحتباس الحراري

اختتم مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP26) أعماله منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد توصل جميع الدول المشاركة إلى اتفاقية مناخية جديدة حملت اسم "ميثاق غلاسكو للمناخ " ستحاول إبقاء الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية. وقال العلماء إن تجاوز مستوى 1.5 درجة يمثل مجازفة بإطلاق تداعيات أشد قسوة في التغير المناخي على البشر والحياة البرية والنظم البيئية.

وبالتزامن مع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض إلى نحو 1.1 درجة مئوية عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، كان العام الماضي شاهداً على الأمطار الغزيرة التي أغرقت الصين وغرب أوروبا وتسببت في مصرع المئات، فيما سقط مئات آخرون قتلى جراء ارتفاع درجات الحرارة في منطقة شمال غرب المحيط الهادي إلى مستويات قياسية، بالإضافة إلى الجفاف وحرائق الغابات و ذوبان كتل ضخمة من الجليد في القطبين.

فيما حذّر تقرير صدر بعد يومين من انتهاء محادثات "كوب 26" من أن الدول الـ65 الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخي في العالم، وعلى رأسها السودان، ستشهد انخفاضاً بإجمالي ناتجها الداخلي بمعدل 20% بحلول عام 2050 و64% بحلول 2100 إذا ارتفعت درجة حرارة العالم 2.9 درجة مئوية.

TRT عربي