تابعنا
تمضي السعودية على قدم وساق نحو تحويل دوري كرة القدم لديها إلى وجهةٍ لنجوم اللعبة مع إبرام أبرز أنديتها صفقات مدويّة، في حين تعمل أخرى على جلب آخرين ما يبشّر بميركاتو صيفي حافل بالانتقالات حتى اللحظات الأخيرة.

تمضي السعودية على قدم وساق نحو تحويل دوري كرة القدم لديها إلى وجهةٍ لنجوم اللعبة مع إبرام أبرز أنديتها صفقات مدويّة، في حين تعمل أخرى على جلب آخرين ما يبشّر بميركاتو صيفي حافل بالانتقالات حتى اللحظات الأخيرة.

وشكلت صفقة انتداب نادي "النصر" السعودي للنجم البرتغالي المخضرم كريستيانو رونالدو أواخر العام الفائت تدشيناً لمحطة جديدة، تسعى من خلالها المملكة الخليجية إلى جلب نجوم اللعبة الشعبية الأولى عالمياً، في إطار محاولاتها لتنويع الاقتصاد من خلال الاهتمام بالقطّاعات غير النفطية كالرياضة والترفيه وغيرهما.

أحدث النجوم

وأعلن نادي اتحاد جدّة -المُتوّج بطلاً للدوري السعودي لكرة القدم- في 6 يونيو/حزيران 2023، تعاقده مع المهاجم الفرنسي الشهير كريم بنزيما في عقدٍ يمتدّ حتى عام 2026.

وفي تعليقه على خوض تجربة جديدة في السعودية، قال بنزيما الفائز بـ"الكرة الذهبية" لعام 2022، إنّ "لديه معرفة كبيرة بمدى قوة الدوري والتنافس المحتدم فيه ومستوى الفرق واللاعبين، وخصوصاً مع قدوم النجوم مثل صديقي كريستيانو رونالدو"، لافتاً إلى أنه يتطلع إلى "نقل هذا النادي المذهل وكرة القدم في السعودية إلى مستويات وآفاق جديدة".

ولم يكتفِ بطل الدوري السعودي بهذه الصفقة، بل أعلن "العميد" إتمامه التعاقد مع متوسط الميدان الفرنسي نغولو كانتي المتوّج بطلاً للعالم مع منتخب بلاده في 2018، لمدة موسمين قادماً من صفوف تشيلسي الإنجليزي، وفق قناة الإخبارية الرسمية.

وفي سياق آخر ورغم التقارير المختلفة التي ربطته بالانتقال إلى نادي الهلال السعودي بعد رحيله رسمياً عن سان جيرمان الفرنسي، أعلن النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي عزمه الانضمام إلى صفوف إنتر ميامي الأمريكي.

وتأتي هذه التطورات في وقت نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر في الرياض، لم تسمه، قوله إنّ "أندية سعودية تتفاوض مع أكثر من 10 لاعبين من نجوم الصفّ الأول فازوا بكأس العالم أو دوري أبطال أوروبا" بهدف تأسيس "دوري تنافسي يجذب أنظار العالم، ويرفع مستوى الأندية السعودية".

وحسب الوكالة الفرنسية تضم القائمة الكرواتي لوكا مودريتش، والإسباني سيرجيو راموس، والأرجنتيني أنخيل دي ماريا، والثنائي الفرنسي هوغو لوريس ونغولو كانتي، والإسبانيَّين سيرجيو بوسكيتس وجوردي ألبا، والبرازيلي روبرتو فيرمينو، إضافة إلى ميسي وبنزيما.

ووفق المصدر ذاته، من المتوقع أن يلعب هؤلاء النجوم -حال التعاقد معهم جميعاً- لمصلحة 5 أندية سعودية، وهي ثلاثي العاصمة: الهلال والنصر والشباب، إلى جانب قطبي جدة: الاتحاد والأهلي.

خصخصة الأندية

وبموازاة هذه الصفقات أطلق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في 5 يونيو 2023، مشروع "الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية" ضمن مشاريع رؤية 2030 الهادفة إلى بناء قطاع رياضي فعّال من خلال تحفيز القطاع الخاص وتمكينه للمساهمة في تنمية القطاع الرياضي.

وحسب وكالة الأنباء السعودية؛ يتضمن المشروع حالياً مسارين رئيسيَّين، أولهما الموافقة على استثمار شركات كبرى وجهات تطوير تنموية في أندية رياضية، مقابل نقل ملكية الأندية إليها، والثاني طرح عددٍ من الأندية الرياضية للتخصيص بدءاً من الربع الأخير من عام 2023.

ويهدف نقل الأندية وتخصيصها "لصناعة جيل متميز رياضياً على الصعيدين الإقليمي والعالمي"، إضافة إلى تطوير لعبة كرة القدم ومنافساتها بصورة خاصة، للوصول بالدوري السعودي إلى قائمة أفضل 10 دوريات في العالم، وزيادة إيرادات رابطة الدوري السعودي للمحترفين من 450 مليون ريال (120 مليون دولار) إلى أكثر من 1.8 مليار ريال (480 مليون دولار) سنوياً، إلى جانب رفع القيمة السوقية للدوري السعودي للمحترفين من 3 مليارات ريال (800 مليون دولار) إلى أكثر من 8 مليارات ريال (2.1 مليار دولار).

وفي سياق متصل، أعلن وزير الرياضة السعودي عبد العزيز بن تركي الفيصل نقل ملكية 4 أندية كبرى في الدوري المحلي إلى صندوق الثروة السيادي السعودي، وهي: الاتحاد والهلال والنصر والأهلي، كما أعلن نقل ملكية أندية القادسية إلى شركة "أرامكو"، والدرعية إلى هيئة تطوير الدرعية، والعلا إلى الهيئة الملكية للعلا، والصقور إلى شركة "نيوم".

خطة مدعومة

وقبل الخطوة السعودية، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن أنّ المملكة وضعت خطة مدعومة من أعلى المستويات في البلاد ومموّلة من صندوق الثروة السيادية -الذي تجاوزت أصوله 675 مليار دولار في 2021- من أجل تحويل الدوري المحلي إلى وجهة لأفضل المواهب الكروية في العالم.

ولفتت إلى أنّ قوائم اللاعبين المستهدفين وُضعت، وجرى أيضاً تأمين التمويل اللازم لذلك، مشيرةً إلى أنّ مثل صفقات كهذه تتطلب أكثر من مليار دولار لأجور نحو 20 لاعباً أجنبياً.

وبيّنت أنّ الهدف هو أن تضمّ الفرق الأربعة الكبيرة ثلاثة لاعبين أجانب كبار لكل فريق، فيما يتم توزيع اللاعبين الثمانية المتبقين على الفرق الـ12 الأخرى في الدوري.

وقال كريستيانو رونالدو، مطلع يونيو الجاري، إنّ دوري المملكة قوي وتنافسي، مضيفاً بأن المسابقة الكروية السعودية "ستصبح ضمن أقوى 5 مسابقات عالمياً في حال استمرّ المسؤولون في العمل على خطتهم خلال الأعوام الخمسة المقبلة".

عوائد رياضية واقتصادية

ويوضّح المحلل الاقتصادي لقطاع الرياضة عبد الرحمن الشويخ، أنّ السعودية ضمن خططها الترويج للدولة كبلد جاذب للسياحة بأنواعها، ولديها الرغبة في استضافة بطولات كبرى تبدأ بكأس أمم آسيا 2027، وربما كأس العالم لاحقاً.

ويضيف لـ"TRT عربي"، بأنّ وجود النجوم الكبار يدعم هذه الخطط، ويفتح الباب نحو مزيدٍ من الانتشار والترويج ويمنحها مزيداً من القوة الناعمة، علاوةً على أنّه يمنح اللاعبين السعوديين أنفسهم الخبرات من خلال الاحتكاك بالنجوم العالميين، الذين يمتلكون سمات شخصية وعقلية احترافية مختلفة.

وعن العوائد التي سيجنيها البلد الخليجي، يعتقد الشويخ أنّ السعودية على المستوى الرياضي ستصنع دورياً قوياً يمكنها الاستفادة من اللاعبين الكبار في خططها الخاصة بتطوير اللعبة وصناعة أجيال جديدة تكتسب سمات مميزة من اللاعبين العالميين.

ويرى المحلل الاقتصادي أنّ الانتشار الواسع للدوري السعودي حول العالم، "يمنحه مزيداً من العوائد سواء في البث التلفزيوني، أم الإيرادات التجارية، أو إيرادات تذاكر المباريات، أو مبيعات قمصان اللاعبين داخلياً أو خارجياً".

وفيما يتعلق بخصخصة الأندية ونقل ملكية بعضها للصندوق السيادي، يقول الشويخ إنّ الخطوة تعد استمراراً للدعم الذي تم سابقاً، برعاية عدد من الشركات التابعة له لهذه الأندية، مطالباً بضرورة التريث والانتظار حتى تُطرح الأندية الأخرى نهاية 2023، لافتاً بالقول: "وقتها ستتضح الآليات والرؤى ومعرفة الضخ المالي ونسب التوزيع بين الأندية وتأثير ذلك".

مفاجآت قادمة

من جانبه يقول مقدم البرامج الرياضية في تلفزيون الكويت محمد أبو الروس، إنّ الدوري السعودي يعدّ أحد أفضل الدوريات العربية والآسيوية، مرجعاً ذلك إلى "إمكانيات اللاعب السعودي، وجودة المحترفين الذين يُستقطبون على أعلى مستوى، وقوة هذا الدوري إعلامياً وجماهيرياً".

ويوضح في حديثه مع "TRT عربي"، أنّ السعودية لم تكتفِ بهذا الشيء، بل تخطط لجعل الدوري السعودي ضمن أفضل دوريات العالم من خلال استقطاب أكبر نجوم الكرة العالمية.

ويصف أبو الروس ما يحدث بأنه "مرحلة غير مسبوقة عربياً وهي من ضمن رؤية 2030 بجعل السعودية رائدة في جميع المستويات"، مشيراً إلى أنّ المملكة تحدث نقلة نوعية في القطاع الرياضي على مستوى المنطقة.

وتوقّع الإعلامي الرياضي الكويتي أن تكون الأيام المقبلة "حُبلى بالمفاجآت الرياضية"، لافتاً إلى أنّ هذه الخطوة ستلقي بظلالها على دول المنطقة رياضياً واقتصادياً وسياحياً.

مقومات وفوائد

إلى ذلك، يقول الخبير الاقتصادي السعودي معاذ الحسيني، في مقال عن خصخصة الأندية، إنّ "معدل الطاقة الاستيعابية لملاعب كرة القدم يقدّر بأكثر من 30 ألف مقعد، وهو رقم قريب من الدوري الإنجليزي الممتاز، كما أنّ الزخم الجماهيري والرياضي يعتبر من الأعلى على مستوى قارة آسيا، وخاصةً أن 70% من المواطنين أعمارهم أقل من 36 عاماً".

وأوضح أنّ فوائد الخصخصة جمّة أبرزها "زيادة التنافسية بين الأندية، والتركيز على استقطاب وإنتاج المواهب وبناء الأكاديميات الاحترافية، وتحوُّل الأندية إلى الربحية، وجعل النوادي السعودية محطة مرغوبة للمحترفين، وتحقيق مركز متقدم في مصاف الدوريات العالمية".

يشار إلى أنّ الموسم الجديد في السعودية ينطلق في 11 أغسطس/آب المقبل بمشاركة 18 نادياً للمرة الأولى، إذ سيحق لكل نادٍ إشراك كل لاعبيه الأجانب الثمانية في المباراة الواحدة.

أما إنجازات الكرة السعودية على المستوى القاري، فيمتلك نادي الهلال 4 ألقاب في دوري أبطال آسيا، وهو رقم قياسي وضع "الزعيم" على عرش أرفع مسابقة قارية للأندية، في حين تُوّج المنتخب السعودي بكأس الأمم الآسيوية ثلاث مرات، وتأهل إلى نهائيات كأس العالم 6 مناسبات آخرها عام 2022 عندما هزم الأرجنتين التي تُوّجت باللقب لاحقاً.

TRT عربي