تتمثل أهمية أوديسا في أن السيطرة عليها تعني عزل أوكرانيا عن البحر الأسود. (Serhii Nuzhnenko/AP)
تابعنا

أعلنت موسكو الثلاثاء سيطرة قواتها بشكل كامل على مدينة خيرسون الأوكرانية الواقعة على مصب الدنيبر. في خطوة تمهد لإطلاق هجوم على أوديسا المحاذية، بغرض إسقاطها وإحكام القبضة على الساحل الجنوبي الأوكراني.

هذا في وقت يستمر فيه الهجوم على ماريوبول، لطرد المقاومة الأوكرانية من بحر آزوف، وإتمام عزل البلاد عن شريطها الساحلي. فيما ليست المهمة بتلك السهولة على القوات الروسية، كما يمكن لأن يكون إسقاطها أوديسا الحبل الذي سيجر الصراع الدائر للتدويل وشرارة حرب كبرى.

الطريق إلى أوديسا

أعلن مستشار وزير الداخلية الأوكرانية أنطون غيراشينكو الأربعاء قصف السفن الحربية الروسية سواحل مدينة أوديسا الأوكرانية، كخطوة أولى في هجوم يتهدد المدينة من الجيش الروسي، الذي يعد العدة لذلك بعد إسقاطه خيرسون الثلاثاء.

غير أن الهجوم الشامل لا يزال بعيداً بعض الشيء ومتأخراً بسبب مقاومة مدينة نيكولاي ذات الـ 500 ألف نسمة، والتي تقع ما بين خيرسون وأوديسا. ما يفرض على القوات الروسية السيطرة عليها لتأمين خطوطها الخلفية خلال الزحف.

ورغم مرور أكثر من أسبوع من القصف العنيف، أحبطت القوات الأوكرانية في ميكولايف بشكل ملحوظ التقدم الروسي. يقول مسؤولون محليون إن الروس ربما يؤخرون أي هجوم برمائي حتى يتمكنوا من الحصول على مزيد من الدعم البري من قواتهم في الشرق.

وحسب تصريح أدلى به عمدة ميكولايف لواشنطن بوست الإثنين، فإن "بعض القوات الروسية تعرضت للهزيمة هنا (ميكولايف)، وهي حالياً في خيرسون، على بعد حوالي 64 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي". وأردف أن "القوات الروسية اعتقدت أن المضي عبر هذه المنطقة سهل لعدم وجود قوات عسكرية كافية بها. لكننا أظهرنا لهم عكس ذلك، بجنودنا ودفاعنا المدني، لا مجال للتجول على أرضنا".

ويرى محللون عسكريون، أن أي هجوم عسكري روسي على أوديسا سيكون من محاور ثلاثة: الشرق عبر ميكولايف والغرب من القوات الروسية المتمركزة في ترانسنيستريا، وبالإنزال البرمائي عبر الساحل. هذا إضافة إلى القصف الجوي والبحري.

منطقة مهمة، ولكن!

وتكمن أهمية أوديسا في أن السيطرة عليها تعني عزل أوكرانيا عن شريطها الساحلي المطل على البحر الأسود، مع تقدم القوات الروسية في بسط سيطرتها على بحر آزوف. وبالتالي حرمان البلاد المواني التي كانت تستغلها في عمليات الاستيراد والتصدير.

فيما تمثل أوديسا ثالث أكبر مدن البلاد، بعد كييف وخاركيف، كما أن 70% من تجارة أوكرانيا عبر البحر تجرى عبر ميناء أوديسا. وبالتالي السيطرة الروسية عليها، إضافة إلى أنها ستخنق حكومة كييف اقتصادياً، ستمكنها من ضمان امتداد لها في المياه الدافئة للبحر الأسود، وتمنحها ميزة اقتصادية كبيرة عوض موانيها الأخرى التي تتعطل لأوقات طويلة من السنة بفعل تجمد المياه.

ومنذ بدء الحرب، يؤكد الخبير العسكري الجزائري، أكرم خريف، في حديثه إلى TRT عربي، "تمثلت العمليات العسكرية الروسية في تحقيق ثلاثة أهداف: طرد القوات الأوكرانية إلى غرب الدنيبر والسيطرة على الشرق، احتلال الشريط الساحلي الأوكراني بأكمله وعزل البلاد عن البحر الأسود، ومحاصرة كييف والضغط عليها لإسقاط الحكومة وتنصيب حكومة جديدة موالية لها".

غير أن خطوة السيطرة على الشريط الساحلي الأوكراني تحمل خطر اندلاع حرب عالمية كبيرة، ذلك إذا ما أعلنت روسيا ضم ترانسنيستريا إلى هذا الشريط، ما سيعد اعتداءاً على سيادة مولدوفا على أراضيها، وبالتالي ستدخل الحرب هي الأخرى. فيما يمكن لمولدوفا أن تدخل معاهدات الدفاع المشترك للناتو والاتحاد الأوروبي بسرعة، إذا أعلنت توحيد أراضيها مع رومانيا. القضية التي انطلق النقاش حولها منذ أسابيع بالعاصمة كيشيناو.

TRT عربي