تعريف وبحث في القضية.. كيف أعادت حرب غزة فلسطين إلى واجهة النقاش في الغرب؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت عدد من العواصم الغربية تظاهرات واسعة متضامنة مع الشعب الفلسطيني، مطالبة بوقف إطلاق النار ومنتقدة انحياز حكوماتها للاحتلال الإسرائيلي.

ودفع هذا الزخْم قطاعاً واسعاً من المجتمعات الغربية إلى البحث أكثر عن جذور القضية وفهم ما يجري في الأراضي المحتلة. وهو ما واكبه عمل النشطاء في وسائل التوصل الاجتماعي وفي الواقع، من أجل التعريف بالقضية الفلسطينية وتاريخها وواقعها.

أسئلة تبحث عن إجابات

شانتال، مواطنة فرنسية، 65 سنة، وجدت نفسها بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في موجة من الأخبار المتضاربة، لكن بعد أن شاهدت المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة قرّرت البحث عن أجوبة تعالج الصدمة التي عاشتها من هول الصور القادمة من فلسطين.

وفي حديثها لـTRT عربي، تقول شانتال: "في الأول تفهمت النزعة الانتقامية للإسرائيليين، وفي الأيام الأولى للحرب كنت أتمنى أن ينتهي حمام الدم من الجانبين، لكن بعد مجزرة المستشفى تغير الأمر، كان قتلاً من جانب واحد وانتقاماً غير متناسب، هذا جعلني أسائل كل ما كنت أعتقد فيه في السابق".

تساؤلات شانتال قادتها بشكل تلقائي إلى محرك البحث غوغل وأصدقائها الذين لهم دراية بالقضية، فاكتشفت أن الأحداث "ليست وليدة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأننا أمام دولة أبارتهايد/فصل عُنصري، وهذا أعادني إلى شبابي، إذ شاركت في نشاطات مناصرة للسُّود في جنوب إفريقيا، وقاطعنا عدداً من الشركات التي كانت تتعامل مع نظام الفصل العُنصري هناك"، حسب قولها.

هو نفس الأمر الذي عاشته أسماء، المغربية القاطنة بالولايات المتحدة، مع زملائها في العمل. وصرحت أسماء لـTRT عربي، بأن: "عديداً من زملائي أصبحوا يتابعون منشوراتي على إنستغرام، وقبلها أتى أربعة منهم ليسألوني عن أسباب ما يقع في غزة الآن، ومَن معه الحق، لماذا الفلسطينيون يقاومون إسرائيل؟... الأحداث الأخيرة دفعتهم إلى البحث أكثر في القضية الفلسطينية وأظن أن هذا أمر إيجابي".

نشطاء في واجهة التعريف بفلسطين!

وكما أشارت أسماء، فإن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في التوعية والتعريف بالقضية الفلسطينية، خصوصاً مع إقبال عدد من النشطاء والمؤثرين ومشاهير العالم على نشر المحتوى المناصر للشعب الفلسطيني وفضح جرائم الاحتلال.

وعقب اندلاع الحرب، حوّل مغني الراب والناشط البريطاني لوكي حسابه على "إكس" إلى منصة لنشر المحتوى التعريفي بالقضية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي.. ومكّنت منشوراته عدداً من متابعيه، الذين يبلغ عددهم نحو 600 ألف في كل من إكس وإنستغرام، من فهم عميق لما يعانيه الفلسطينيون.

ومثلت المقابلة التي أجراها الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف مع الصحفي البريطاني بيرس مورغان، فرصة كبيرة للتعريف بالقضية الفلسطينية لدى الجماهير الغربية. وشاهد هذه المقابلة على يوتيوب ما يفوق 20 مليون شخص، كما جرى تداولها في مقاطع كثيرة على إنستغرام وتيك توك.

وفي ألمانيا، لعبت حسابات معتصم الرفاعي، عضو مجلس الهجرة والاندماج في مدينة نورنبرغ والناشط الحقوقي، هذا الدور التعريفي بالقضية الفلسطينية. وفي حديثه لـTRT عربي، قال معتصم الرفاعي: "بعد مشاركتي معلومات وآراء حول الأحداث في فلسطين، تلقيت عديداً من الرسائل من أشخاص تأثروا ببروباغندا/دعاية الاحتلال الإسرائيلي والصورة التي رسمها السياسيون الألمان والأوروبيون ووسائل الإعلام حول الأوضاع في فلسطين".

ويضيف الناشط الحقوقي أن أصحاب تلك الرسائل "عبَّروا عن إحباطهم وخيبة أملهم بعد إدراكهم التضليل الذي تعرضوا له على مدى سنوات من ساستهم وإعلامهم. كثير منهم بدؤوا المشاركة في مظاهرات تدعم حقوق الشعب الفلسطيني وتطالب بوقف الحرب على غزة وإنهاء الانتهاكات في الضفة الغربية".

وأكّد المتحدث أن "هذا التغيير تحقق بفضل المحاولات الحثيثة من المناصرين للقضية الفلسطينية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لإيصال صوت أهل غزة والضفة الغربية. وتحقق ذلك رغم المحاولات المتكررة لقمع أي سردية تتعارض مع بروباغندا الاحتلال التي ترفع وصم معاداة السامية ضد أي مناصر للفلسطينيين، مما يسهل إقصاء من يتبنون هذه السردية من الفضاء العام في ألمانيا".

هل أعادت غزة فلسطين إلى واجهة النقاش في الغرب؟

وفي ألمانيا أيضاً، حسب معتصم الرفاعي، "بات الااهتمام كبيراً بالقضية الفلسطينية من جهة شريحة لا بأس بها من المجتمع الألماني"، فالحرب وجرائم الاحتلال "شجَّعت بعض الألمان على البحث أكثر في جذور القضية: لماذا الناس يُقصفون هناك؟ ولماذا الحكومة الألمانية تُعارض وقف إطلاق النار رغم الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والتجاوزات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي؟".

وهو نفس ما أكده سامي، الناشط في منظمة "فلسطين 69" الفرنسية، في تصريحاته لـTRT عربي، قائلاً: "بالطبع، يدرك الفرنسيون والفرنسيات السردية المنحازة لإسرائيل وسردية وسائل الإعلام الغربية"، كما أصبحوا "يعون الأبعاد الجيو-سياسية والاستعمارية (للقضية الفلسطينية) التي استمرت أكثر من 75 عاماً".

وأكد الناشط بالمنظمة، التي تعرضت مؤخراً لاعتداء يميني متطرف، أن هذا الوعي الذي أصبح في تصاعد الآن هو السبب وراء "تظاهر كثير من الفرنسيين في الشوارع للتضامن مع الشعب الفلسطيني".

TRT عربي
الأكثر تداولاً