تغطي وسائل الإعلام في دول الغرب الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني بطريقة منحازة، وتسلط الضوء على هذا الصراع من خلال تقارير تقلل من شأن الشهداء الفلسطينيين، وتعمل على إظهار إسرائيل ضحية.
ويتحدث حول ذلك عضو الكادر التدريسي في كلية الاتصالات بجامعة مرمرة التركية أيوب آل، مؤكداً أن "وسائل الإعلام الرئيسية في العالم الغربي تتبع سياسة منحازة إلى إسرائيل لدى نقلها لوقائع الأحداث".
أسباب عديدة
ويضيف آل أن هذا التحيّز واضح في محتوى الأخبار واللغة المستخدمة، والأمثلة على ذلك كثيرة، فحينما يُنشر خبر عن وفاة فلسطينيين يتعمّدون إظهار ذلك على أنه طبيعي، وعندما يتعلق الأمر بالإسرائيليين فإن هذه الوسائل تستخدم عبارة "قُتلوا".
ويوضح أن "وسائل الإعلام الغربية المؤيدة لتل أبيب تسعى جاهدة إلى إظهار موتى إسرائيل على أنهم ماتوا نتيجة عملية قتل نُفّذت من قِبل الآخرين، وبالتالي يُلقى اللوم على حماس وجميع الفلسطينيين".
وتسلط وسائل الإعلام في الغرب الضوء بشكل لافت على الوَفَيَات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وذلك باستخدام لغة عاطفية في وصف عمليات قتل الإسرائيليين، وفي المقابل تتجاهل مقتل المدنيين الفلسطينيين، لا سيما في قطاع غزة خلال العدوان المستمر، حيث معظم الضحايا من النساء والأطفال.
ويؤكد الأكاديمي التركي أنه "رغم أن عدد الوَفَيَات الإسرائيلية قليل جداً مقارنة بوفيات الفلسطينيين، فإنّ وسائل الإعلام الغربية تنقل الأنباء المتعلقة بالقتلى الإسرائيليين إلى جمهورها بعناوين عريضة وعبر الصفحات الأولى لصحفها ومجلاتها".
ويلفت آل إلى أن للتقارير المتحيزة التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية حول القضية الإسرائيلية-الفلسطينية أسباباً اقتصادية وسياسية.
ويبيّن أن "المؤسسات الإعلامية الغربية الكبرى تقوم أيضاً بأنشطة تجارية، أي إنها تجني المال، ولديها أيضاً آراء سياسية معينة، لذلك عندما نبني الصحافة على معايير موضوعية يمكن بالطبع أن نجد استجابة على المستوى النظري، ولكن على المستوى العملي الأمر ليس كذلك".
انتهاكات ممنهجة
ورغم أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس انتهاكات مستمرة وممنهجة منذ عشرات السنين ضد الفلسطينيين، فإن وسائل الإعلام الغربية تحاول خلق تصور بأن الحرب الحالية بدأت من قِبل حركة حماس عند إطلاقها عملية طوفان الأقصى.
ويؤكد آل أهمية الثقافة الإعلامية والحصول على معلومات حول خلفية القضية الفلسطينية لدى متابعة التطورات المتعلقة بالصراع الأخير بين الجانبين، معتبراً أن "إحدى استراتيجيات إسرائيل لإضفاء الشرعية على ممارساتها منذ عقود هي تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم".
ويضيف الأكاديمي التركي أن يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول "يشكل ركيزة هامة في استراتيجية تجريد الفلسطينيين من الإنسانية، وفي الواقع تُجرِّد الشعب الفلسطيني بأكمله من إنسانيته من خلال حماس. فإسرائيل تقصف المدارس والمساجد والمستشفيات وتدّعي أن هذه الأماكن ملاجئ تُستخدم لأغراض عسكرية".
ويتابع القول: "لذلك يريدون أن يُظهروا أن جميع الأطفال والمرضى وطريحي الفراش والمسنّين (في فلسطين) ليسوا في الواقع أبرياء، بل هم جميعاً جزء من خطة شريرة وشيطانية".
ويلفت آل إلى أن التمثيل الإعلامي وتصريحات السياسيين يلعبان دوراً مهمّاً في استراتيجية تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، مشيراً إلى تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي قال: "نحن نقاتل مع الحيوانات الشبيهة بالبشر".
غزة.. استهداف الصحافة
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي منذ نحو خمسة أشهُر، شهد قطاع غزة استهدافاً متعمداً للصحافة والعاملين في الإعلام وتغطية الحرب الجارية، فضلاً عن القيود والتحيز الذي يمارسه الإعلام الغربي تجاه ما يحدث.
ورغم ذلك فإن الفلسطينيين لجؤوا إلى وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي التي توفر لهم إمكانية إطلاع العالم ونقل معاناتهم والتعبير عن أنفسهم.
ويوضح آل أنه رغم أن "وسائل الإعلام التقليدية قد خلقت تصوراً بأن الفلسطينيين ليس لديهم خصائص بشرية وبالتالي يمكن قتلهم، فإن المنشورات الفورية التي نشرها الفلسطينيون على وسائل التواصل الاجتماعي أثرت في الرأي العام العالمي بأسره".
ويلفت الأكاديمي التركي إلى أن قتل الجيش الإسرائيلي للصحفيين مرتبط أيضاً برغبة إسرائيل في قطع تدفق المعلومات عن المنطقة وفرض تعتيم إعلامي على ما ترتكبه في قطاع غزة من جرائم.
ويؤكد آل أن "حماية الصحفيين مرتبطة بحق الناس في الحصول على المعلومات، وقد قتلت إسرائيل عديداً من الصحفيين وأرادت قطع تدفق المعلومات".
ووصل أعداد الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل في قطاع غزة منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 133 إعلامياً.
يُشار إلى أنه منذ 152 يوماً يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، أسفرت عن 30 ألفاً و717 شهيداً، و72 ألفاً و156 مصاباً، وكارثة إنسانية غير مسبوقة، كما تسببت بنزوح أكثر من 85%، أي نحو 1.9 مليون شخص، من سكان القطاع.