الرئيس الأمريكي جو بايدن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض بواشنطن / صورة: رويترز / صورة: Reuters (Elizabeth Frantz/Reuters)
تابعنا

وأنهى بلينكن يوم الأربعاء زيارته التاسعة للشرق الأوسط منذ بدء الحرب في غزة دون أي تقدم كبير في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، محذراً من أن "الوقت هو جوهر الأمر"، وقال للصحفيين قبل مغادرته قطر: "رسالتنا بسيطة وواضحة وعاجلة: يجب التوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق بشأن الأسرى".

ومع تعليق احتمالات التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة تواجه إدارة بايدن ضغوطاً داخلية من حزبه وخارجيته لوقف الدعم العسكري الذي تقدمه لإسرائيل والسعي لحثها على قبول مقترحات.

وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن القرار الذي اتخذته إدارة بايدن الأسبوع الماضي بالمضي قدماً في صفقات أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لإسرائيل بعد أشهر من التأخير، قبيل زيارة وزير بلينكن هو "محاولة أخيرة لحث إسرائيل للتوصل إلى اتفاق ينهي القتال في غزة".

وأشارت الصحيفة إلى أن "مبيعات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل تشكل رمزاً قوياً لدعم واشنطن لأقرب حلفائها في الشرق الأوسط، وقد تكون أداة قوية للتأثير"، إلّا أن بلينكين عاد إلى واشنطن الأربعاء دون تحقيق أي تقدم، رغم استمرار المحادثات.

وعلى مدى عقود من الزمن، كانت الأسلحة تشكل عنصراً أساسياً في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل إذ تتلقى الأخيرة أكثر من ثلاثة مليارات دولار من المساعدات العسكرية السنوية، ومعظم مشترياتها من الأسلحة بتمويل من الحكومة الأمريكية.

وفي مايو/أيار الماضي، هدد بايدن للمرة الأولى أن بلاده ستوقف إمداد إسرائيل بالأسلحة، لا سيما أنواعاً محددة من القنابل والقذائف المدفعية، إذا شنت عملية عسكرية على مدينة رفح المكتظة باللاجئين في جنوب قطاع غزة، لكن هذا التهديد لم يثنِ جيش الاحتلال عن شن هجوم واسع على رفح.

الأسلحة.. ضغط فاشل على نتنياهو

سلط تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على أن محاولات بايدن استخدام مبيعات الأسلحة للضغط على إسرائيل لم تنجح، بل استخدمت لاحقاً هذه الصفقة في "تشجيع نتنياهو للموافقة على وقف إطلاق النار".

وقال المسؤول الحكومي الإسرائيلي السابق، دانييل ليفي، للصحيفة إن "إدارة بايدن ربما كانت تنوي تشجيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تبنّي اتفاق وقف إطلاق النار"، لكن هذا النهج قد يأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف، "لأنه عندما تقدم واشنطن الأسلحة، يشعر نتنياهو بأنه فاز، ويمكنه إدارة أمريكا كما يفعل دائماً"، حسب تعبيره.

والثلاثاء الماضي، وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على صفقة سلاح ضخمة لإسرائيل، شملت أسطولاً من طائرات إف-15 الحربية، والمركبات العسكرية، وقذائف الهاون، وذخيرة الدبابات، والصواريخ. وقالت وزارة الخارجية إن تسليم معظم الأسلحة سيكون خلال السنتين إلى السنوات الخمس القادمة. فيما أعربت الحكومة الإسرائيلية عن شكرها للإدارة الأمريكية على الموافقة على الصفقة التي "تسهم في تعزيز قوة دولة إسرائيل".

وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية إن إعلان مبيعات الأسلحة الأسبوع الماضي اتخذ بغض النظر عن الآمال في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لكن البعض داخل الإدارة قالوا إنهم "يأملون أن تشير المبيعات إلى أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل وسط مخاوف بشأن هجوم انتقامي إيراني محتمل رداً على مقتل أحد كبار قادة حماس في طهران وقائد حزب الله في بيروت مؤخراً"، وفق ما أوردته الصحيفة.

ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أنه "منذ أكثر من عشرة أشهر من بدء الحرب سارعت الحكومة الأمريكية إلى إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، حتى إنها استخدمت قانون الطوارئ لإرسال قذائف المدفعية والدبابات إليها. كما أرجأت الولايات المتحدة بعض المبيعات دون تفسير علني، وأوقفت شحنة واحدة من القنابل على أمل تشجيع إسرائيل على احتواء الصراع".

وأضافت أنه في بداية الحرب الحالية في غزة، نظمت إدارة بايدن جسراً جوياً لعشرات الآلاف من القنابل والأسلحة الأخرى إلى إسرائيل. ومع تزايد الخسائر بين المدنيين في غزة، توقفت إدارة بايدن عن تسريع هذه الشحنات، ثم قررت حجب شحنة واحدة من القنابل الكبيرة للضغط على نتنياهو لتقليص خططه لشن هجوم على مدينة رفح في جنوب غزة.

قال مسؤول جمهوري في الكونغرس مطلع على الصفقة: "محاولة فرض نفوذ في وقت الحرب هو أسوأ وقت لأن ذلك هو الوقت الذي يكون فيه الشريك أقل عرضة للتوجيه من قبل الإدارة. لن تقيّد الدول حربها لأن الولايات المتحدة تحاول خوض الحرب من واشنطن. هذا هو أسوأ نوع من التدخل".

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الخارجية الأمريكية، قوله: "أعلم أن سياستنا لم تتغير فيما يتعلق بالتعاون الأمني مع إسرائيل. إذا وُجد أي شيء، فإننا ندرك أن التهديدات أكثر حدة. نثير في ذات الوقت قضايا إلحاق الأذى بالمدنيين مع إسرائيل على أعلى المستويات".

ويقول مسؤولون أمريكيون إن قتل إسرائيل المدنيين في غزة "أثار إحباط" إدارة بايدن، لكنه لم يؤدِّ إلى تغيير جذري في سياسة مبيعات الأسلحة. ووجدت تقارير وزارة الخارجية أن إسرائيل ربما انتهكت القانون الإنساني في أثناء استخدام الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة، لكنها لم تصل إلى حد استنتاج أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي، مما سمح باستمرار المبيعات.

وخلص تقرير الصحيفة إلى أن الحد من مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل أمر صعب سياسياً، لأن نتنياهو أثبت براعته في التحدث مباشرة إلى المشرعين الأمريكيين. وقال نتنياهو في كلمة ألقاها أمام الكونجرس خلال زيارة له في يوليو/تموز الماضي: "تسريع المساعدات العسكرية الأمريكية يمكن أن يسهم بشكل كبير في إنهاء الحرب في غزة، ويساعد في منع اندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط".

وتشير راشيل ستول، نائبة الرئيس الأولى لبرامج الأبحاث في "مركز ستيمسون"، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إلى إن الصعوبات المتمثلة في استخدام مبيعات الأسلحة للتأثير على السياسة تتجاوز إسرائيل، وتقول: "لا يوجد دليل واضح على أن مبيعات الأسلحة غيرت سياسات الدول المتلقية لها. ما يحدث هو أننا نمنح الدول تصريحاً ضمنياً للتصرف بطريقة معينة".

وكان بايدن أجرى اتصالاً هاتفياً مع نتنياهو يوم الأربعاء شدد فيه على "وجوب إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة مقابل الإفراج عن الرهائن وأشار إلى محادثات القاهرة المقبلة باعتبارها حاسمة"، وفق بيان البيت الأبيض.

وجاء في البيان أن بايدن ونتنياهو ناقشا أيضاً الجهود الأمريكية لدعم إسرائيل "ضد كل التهديدات من إيران وحماس وحزب الله والحوثيين، بما في ذلك الانتشار العسكري الدفاعي الأمريكي المستمر".

هاريس تتبع نهج بايدن بشأن غزة

وفق ما تذكره صحف أمريكية، فيبدو أن المرشحة الرئاسية عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، تنتهج نهج بايدن حول غزة في قضية تعتبر " الأكثر إثارة للانقسام" بين الديمقراطيين، وقالت صحيفة نيويورك تايمز إنها غالباً ستنتهج سياسة بايدن المتوازنة.

وقال ناشطون مؤيدون للفلسطينيين إن خطاب هاريس في ختام المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو لم يُظهر أي تغير في السياسات الحالية، بعد أسبوع شهد تجاهل القضية الأكثر إثارة للخلاف في صفوف الحزب الديمقراطي.

وعلى الرغم من احتجاجات النشطاء المؤيدين للفلسطينيين، استخدمت هاريس في خطابها في المؤتمر لتكرار الموقف الذي اتخذه جو بايدن بشأن الحرب في غزة، وكررت الدعوات لوقف إطلاق النار واتفاقية الرهائن مع دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. ومع ذلك، لا يزال عديد من الإسرائيليين متوتراً بشأن رئاسة هاريس المحتملة.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز، "مثل بايدن، لم تعط هاريس أي إشارة إلى أنها، إذا انتُخبت، ستستخدم نفوذ الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل للضغط عليها لتغيير التكتيكات. ولم تقدم أي تلميح عن التوتر في العلاقة مع نتنياهو، الذي شهدته بنفسها، باعتبارها مستمعة وأحياناً مشاركة، في المكالمات الهاتفية المتوترة بينه وبين بايدن".

TRT عربي - وكالات