عصر جديد لاستعراض إقليمي للنفوذ التركي (AA)
تابعنا

أصبحت القوة العسكرية والدفاعية التركية محل حديث الخبراء العسكريين حول العالم. وشهد عام 2020 وحده تعاظماً للنفوذ التركي إقليميّاً، وذلك بعد إثبات مسيّراتها كفاءة عالية في عدة معارك على الأرض بسوريا، وليبيا، والعراق، وإقليم قره باغ الأذربيجاني.

وأعقب ذلك حرص بالغ من دول عربية وأوروبية نحو إدخال المسيّرات التركية إلى قواتها العسكري، وشهدت الشركات التركية المصنعة لتكنولوجيا المسيّرات العسكرية إقبالاً كبيراً، أُبرِم على إثره العديد من الصفقات مع دول أبرزها بولندا، وأذربيجان، والمغرب، وقطر، وأوكرانيا وألبانيا.

قوة إقليمية عظمى؟

استعرضت دراسة صادرة عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أربع حملات عسكرية إقليمية كبرى شاركت فيها القوات المسلحة التركية العام الماضي. وقام بالدراسة العقيد ريتش أوتزن، وهو مستشار جيوسياسي متقاعد في الجيش الأمريكي وعضو سابق في "فريق تخطيط السياسات" في وزارة الخارجية الأمريكية.

ووصفت الدراسة، التي عُنوَنت بـ"الصفقات والمسيّرات والإرادة الوطنية: عصر جديد في استعراض القوة التركية"، أن عام 2020 كان "عاماً فاصلاً" استطاعت فيه تركيا أن تثبت قدراتها العسكرية في حسم المعارك الإقليمية.

ويرد في دراسة معهد واشنطن: "إن الجمع بين النفوذ والأدوات والتكامل والخبرة والإرادة مكّن تركيا من ممارسة ما يرقى إلى مرتبة «فيتو جيوسياسي» في محيطها الإقليمي".

ويعتقد أن اتجاه أنقرة لتعزيز قطاع التصدير الدفاعي وسعيها للحصول على الاستقلال الاستراتيجي خلال السنوات الأخيرة هو تغيير له انعكاسات اقتصادية ودبلوماسية واستراتيجية وتداعيات إقليمية.

ففي السنوات الخمس الماضية، حققت تركيا العديد من النجاحات المتتالية، مثل دفع تنظيم PKK الإرهابي إلى القتال بعيداً عن أراضيها، وتقليص التحديات في شمال سوريا وأذربيجان وليبيا والخليج وفقاً لمصالحها. كما أمّنت أنقرة نفوذاً كبيراً في نزاعات أخرى من القرن الإفريقي إلى البلقان، وذلك وفقاً لما جاءت به الدراسة ذاتها.

وأكد مستشار الجيش الأمريكي السابق للشؤون الجيوسياسية حتمية اعتبار تركيا قوة عظمى: "في المنطقة الجغرافية المحيطة بتركيا؛ بجنوب وشرق أوروبا، وشمال إفريقيا والشرق الأوسط، والبلقان، والقوقاز وحتى في آسيا الوسطى، يجب اعتبار تركيا قوة عظمى لأنها أثبتت القدرة على استخدام القوة الصلبة".

المسيّرات التركية: حسم للمعارك وصفقات بالجملة

وصف العقيد ريتش أوتزن صناعة المسيّرات التركية بأنها "قفزة تقنية في إطار ثورة في الشؤون العسكرية"، وهي جزء لا يتجزأ من إعادة التموضُع الإقليمي لأنقرة.

ولعبت الطائرات المسيّرة التركية "بيرقدار TB2" دوراً حاسماً في عملية "درع الربيع" العسكرية وضربِ أهداف النظام السوري بمحافظة إدلب العام الماضي، ويرى خبراء أنها اتسمت بسرعة رهيبة استطاعت من خلالها أنظمة المراقبة التركية تحديد أهدافها، وتدمير العديد من المواقع الثابتة والمركبات العسكرية السورية "روسية الصنع".

ويؤكد الخبير الجيوسياسي الأمريكي أن تركيا تحدت العقيدة الجوية الغربية أثناء عملية "درع الربيع"، وذلك من خلال شن ضربات جماعية ومنسقة عبر مسيّراتها بدون تحقيق تفوق جوي على إدلب. فبدلاً من تدمير الدفاعات الجوية للعدو بالكامل من خلال حملة جوية ممتدة، دمرت أسلحة المسيّرات التركية نقاط منفصلة لأنظمة الدفاع الجوي السوري.

وتضيف الدراسة الأمريكية أنه على مدار شهرين من عملية "عاصفة السلام" في ليبيا، استخدمت القوات التركية القوة البحرية، والدفاع الجوي، والدعم اللوجستي والاستخباراتي، ومزيجاً من الرادارات والمسيّرات، تسبب في خسائر جسيمة لما يُعرف بـ"الجيش الوطني الليبي"، والتي تقدّر باستهداف ما لا يقل عن 100 مركبة عسكرية، ومصرع قرابة ألف جندي.

وفي عمليتي "المخلب-النسر" في شمال العراق، و"القبضة الحديدية" بمرتفعات قره باغ، واصلت أسلحة المسيّرات التركية إثبات كفاءة عسكرية لفتت أنظار العالم إليها، ودفعت العديد من الدول العربية والأوروبية إلى السعي نحو اقتنائها رغبةً في تطوير قدراتها العسكرية.

وحسب ما تناقلته وسائل إعلامية تركية وعالمية، فإن دولاً أوروبية عديدة بما فيها المجر وصربيا وبيلاروسيا والمملكة المتحدة وبلغاريا وجمهورية التشيك من بين العملاء المحتملين لشراء الطائرات المسيّرة التركية.

TRT عربي