تابعنا
أجرت TRT عربي لقاءً مع اثنين من قيادات هيئة الإغاثة التركية (IHH)، هما رئيس الهيئة بولنت يلدريم، والمسؤول الإعلامي وعضو مجلس إدارتها مصطفى أوزبك، للاطّلاع على آخر إسهامات الهيئة في مواجهة الزلازل في جنوبيّ تركيا وشماليّ سوريا.

أكّد يلدريم "الاستعداد الدائم" للهيئة في مواجهة الكوارث الطبيعية، وأضاف في معرض تصريحاته لـTRT عربي: "بدأنا أعمالنا بلا أي تأخُّر، ولم نواجه صعوبة في إيصال المساعدات وتقديمها للمتضررين".

كانت تركيا وسوريا تَعرَّضتا في 6 فبراير/شباط لزلزالين مدمّرَين أسفرا عن مقتل ما يقرب من 50 ألفاً شخص وإصابة ما يزيد على 100 ألف آخرين، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بالأبنية والبنى التحتية، إذ قُدّرَت الخسائر الناجمة عنها بنحو 100 مليار دولار.

وعبّر يلدريم عن تأثُّره الكبيرة بـ"آمال وإرادة العالقين تحت الأنقاض من أجل الحياة"، فضلاً عن "رؤية الدعم الكبير الذي كان يتوافد من جميع الولايات التركية ومن مختلف أنحاء العالم إلى المناطق المنكوبة للمساعدة".

كما أكد أوزبك، أن للهيئة "فاعليات في 123 دولة حول العالم، وفي كل عام ننتج مشاريع مختلفة في نحو 70 دولة".

وفي حديثه مع TRT عربي أوضح أن الهيئة التي أولت عمليات الإغاثة إثر الزلزال جل اهتمامها، وأنشأت "نقاطاً لوجيستية ضمن 21 نقطة حتى الآن"، وتحاول "توفير الطعام عبر 4 مطابخ متنقلة، ونحو 13 مطبخاً مخصصاً للحَساء لتقديم وجبات ساخنة للمواطنين وعمال فرق الإنقاذ". وثمّن أوزبك الدعم الذي تلقّته تركيا من عديد من الدول والهيئات والمنظمات الدولية في عمليات الإغاثة، خصوصاً القادمة من دول الخليج التي كانت "محلّ تقدير" وفق تعبيره.

نصّ المقابلة مع رئيس هيئة الإغاثة بولنت يلدريم:

- هل كان للزلزال تأثير في نشاطكم الإنساني الكبير في سوريا؟

هيئة الإغاثة الإنسانية التركية تمتلك تجربة تمتدّ لـ30 عاماً، ونفّذت أعمالاً إنسانية ضخمة في مختلف أنحاء العالم. بالطبع نحن منظمة مركزها تركيا، ولدينا استعداد دائم لمواجهة الكوارث الطبيعية، لذلك سارعنا على الفور لمواجهة الزلزال بفرقنا الاحترافية.

أما سوريا، فإن İHH هناك منذ عام 2011 وتنفّذ أنشطة إنسانية كبيرة، ولديها عدد كبير من الفرق المدرَّبة على التعامل مع الأزمات، ولقد تعاملت هذه الفرق مباشرةً مع عديد من الأزمات التي سبّبتها الحرب منذ 12 عاماً.

في سوريا كما في تركيا، اعتباراً من الساعة 5 فجراً، بدأنا أعمالنا بلا أي تأخير، ولم نواجه صعوبة في إيصال المساعدات وتقديمها للمتضررين. ونحن كمنظمة تضع الإنسان في مركزها، سنواصل عملنا ليل نهار كلما دعت الحاجة، بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللغة، وهذا مبدؤنا منذ أول يوم تأسست فيه İHH.

- كيف تقيّمون الوضع الحالي في سوريا؟ وما أولويات جهودكم الإغاثية؟

عقب الزلزال ذهبت بنفسي إلى المناطق المنكوبة في تركيا وسوريا، هناك دمار كبير في كل منطقة. لم تكُن في سوريا صدمة كبيرة لأنها للأسف في حالة دمار بسبب الحرب منذ سنوات، لكن بالطبع جاء الزلزال فزاد الوضع سوءاً مضاعفاً. ونحن كمنظمة İHH لم نترك سكان هذه المنطقة وحدهم، ولن نتركهم.

إن أولوية İHH هناك هي توفير المساعدات الطارئة الناتجة عن الزلزال. نواصل جهودنا حتى يتمكن ضحايا الزلزال من إيجاد خيمة يأوون إليها على الأقلّ، بجانب توفير الوجبات الساخنة، والتدفئة، والملابس في ظلّ الطقس البارد.

ونفذت İHH عديداً من مشاريع الإسكان في السنوات الأخيرة التي من شأنها أن تحلّ جذريّاً مشكلة السكن في سوريا، إلا أن المساحة الضيقة مع اكتظاظ السكان تجعل المشكلة تحتاج إلى وقت من أجل حلّها. وريثما تلملم سوريا جراحها بعد الزلزال، سنواصل مشاريعنا المختلفة لحل المشكلات المتفاقمة مثل السكن والتعليم والصحة.

- ما أكثر المواقف التي أثرت بكم بسبب الزلزال، سواء في تركيا أو سوريا؟

لقد شاركت بنفسي في أعمال البحث والإنقاذ في تركيا، وتأثرت كثيراً بآمال وإرادة العالقين تحت الأنقاض من أجل الحياة. كان آلاف من أصدقائنا يعملون على الأرض ويحاولون تلبية أي نداء للإنقاذ، لكنهم كانوا أمام دمار هائل.

ما تأثرت به أيضاً هو رؤية الدعم الكبير الذي كان يتوافد من جميع الولايات التركية ومن مختلف أنحاء العالم إلى المناطق المنكوبة للمساعدة.

في سوريا، تأثرت بوفاء الأشقاء هناك، فحينما وصلت إلى حارم عقب وقوع الزلزال، كان الناس يسألونني عن الوضع في تركيا، بتأثُّر شديد كأنها بلدهم، قبل حتى أن يتحدثوا عن وضعهم هم.

المصائب لا تعرف بلداً بذاته أو شعباً بعينه، وقد تقاسمت تركيا المصير نفسه مع سوريا لسنوات، وحين فتحت تركيا أبوابها لإنقاذ الناس من الدمار الذي سببته الحرب، حاولت دائماً دعم من بقي داخل سوريا. واليوم نعيش المصير المشترك ذاته بسبب الزلزال، والألم يقرّبنا أكثر. ولن نتخلى عن مسؤوليتنا، سواء في تركيا أو سوريا حتى النهاية.

***********

وفي ما يلي نص المقابلة مع المسؤول الإعلامي وعضو مجلس إدارة هيئة الإغاثة الإنسانية (İHH) مصطفى أوزبك:

- كيف تقيّمون الآن الوضع في تركيا بعد مضيّ ما يقرب من أسبوعين على الزلزال؟

كان الزلزال الذي حدث قوياً للغاية ومدمراً، لكن منذ اليوم الأول هُرعت جميع فرق الإنقاذ، بما في ذلك فرقنا في İHH بالتنسيق مع "أفاد"، وتوجهت إلى مناطق الزلزال. عانينا ألماً شديداً، ولا شك أن تركيا دولةً وشعباً تعمل على تخفيف وتجاوز هذا الألم.

- كمنظمة إغاثية عمرها 28 عاماً، بالتأكيد لديكم خطط لمواجهة كوارث طبيعية، كيف كانت استعداداتكم قبل الزلزال؟

اكتسبت İHH خبرة كبيرة لسنوات في هذا المجال، لعملها في مناطق الحروب والأزمات. لدينا فاعليات في 123 دولة حول العالم، وفي كل عام ننتج مشاريع مختلفة في نحو 70 دولة.

لكن الهيئة أولت أنشطة البحث والإنقاذ والتدريب اهتماماً كبيراً خلال الأعوام القليلة الماضية، وكان ذلك من ضرورياً لأن تركيا تتعرض بشكل مكثَّف لمختلف الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والحرائق والزلازل. وإقبال قبل الشباب بشكل خاص ملحوظ في هذا المجال.

نعمل منذ وقت طويل لمواجهة الكوارث المحتملة في تركيا، ونجهّز فرقنا لتكون مهيأة دائماً، كما نعقد تدريبات حية كل عام، لا سيما من أجل الزلازل، سواء في تركيا أو خارجها.

ويجري العمل بالتنسيق مع إدارة الكوارث والطوارئ التركية، فقد طوّرنا قدرات فرقنا بالكامل عبر التدريبات التي تقدّمها أفاد، كما أسسنا "أكاديمية أفاد" للتدريب على عمليات البحث، وبعد حصول المتدربين على شهادة معتمدة يُدرَجون ضمن فرق البحث والإنقاذ التابعة للهيئة ذاتها في عموم الولايات التركية.

- بعد وقوع الزلزال الأخير الكارثي، كيف تعاملتم مع الأمر؟ وما الأولويات التي وضعتموها لمواجهة آثاره؟

يعمل 6 آلاف فرد مع الهيئة في المناطق المنكوبة، منهم من يعمل تطوعياً بمن فيهم الأطباء. وقد اتبعت هيئة الإغاثة الإنسانية خطة من 4 عناصر: أولاً كثفت جهودها لإرسال جميع فرق البحث والإنقاذ نحو المناطق المنكوبة لإنقاذ ما أمكن من الأحياء العالقين تحت الأنقاض ونقلهم إلى المستشفيات. وفي المرحلة الثانية تأتي مهمة انتشال الجثث من تحت الأنقاض لتسليمهم لذويهم. أما في المرحلة الثالثة فتأتي المساعدات الإنسانية، من حيث توفير الوجبات الساخنة والأغذية الأخرى للمتضررين من الزلزال. ورابعاً عملية "الإيواء" حيث يُعمَل على توفير الخيام والمنازل المتنقلة على وجه السرعة.

- ما أكثر المواقف المؤثرة التي رواها عناصر الإنقاذ؟

إن النجاح في إنقاذ الأرواح من بين الركام عقب الزلزال، هو أكثر ما يثير عاطفة الإنسان، والسعادة التي تراها في أعينهم حينما ينبعثون من تحت الأنقاض لا يساويها شيء آخر في الدنيا. إن معانقة شخص خرج لتوّه من تحت الأنقاض والاستماع إلى قصته يؤثّر فينا جميعاً.

- ما حجم المساعدات التي خصّصتموها للإغاثة؟ وإلى متى تخطّطون لاستمرار المساعدات؟

تسهم İHH كثيراً في توفير المساعدات الإنسانية عقب الزلزال، وهي تنشط في هذا المجال كمنظمة منذ سنوات، وعملت في سوريا لمساعدة ضحايا الحرب. للمنظمة مخازن جاهزة بالفعل في الريحانية وكيليس (جنوبي تركيا) على سبيل المثال، وتوزّع فرقنا المساعدات على متضرري الزلزال في المدن المنكوبة، بفضل دعم المتبرعين والمتطوعين.

لقد أنشأنا نقاطاً لوجيستية في هذا الصدد ضمن 21 نقطة حتى الآن، ونحاول توفير الطعام عبر 4 مطابخ متنقلة، ونحو 13 مطبخاً مخصصاً للحساء لتقديم وجبات ساخنة للمواطنين وعمال فرق الإنقاذ.

وإلى جانب الأطعمة والخبز والمياه فإن المساعدات الإغاثية تشمل الاحتياجات المتنوعة الأخرى مثل الملابس والبطانيات. وهذه الأعمال متواصلة إلى أن يعود الناس إلى منازلهم.

- ما العوائق والمشكلات التي تواجهونها خلال عملكم في المناطق المنكوبة؟

في تلك المناطق عدد هائل من المباني المدمرة، وبالتالي فإن وصول فرق الإنقاذ إلى جميع الأبنية هو أمر في غاية الصعوبة، لكن مع ذلك فإن مؤسسات الدولة المعنية إلى جانب أفاد والهلال الأحمر والشرطة والجيش والمنظمات غير الحكومية، جميعهم حرصوا على الوصول إلى جميع المتضررين.

لا شك أن الساعات الأولى كانت صعبة، إذ كان للظروف الجوية شديدة البرودة في المنطقة تأثير كبير، لكن مع ذلك بذلت جميع الفرق جهودها، ومنهم مَن ظلّ لساعات بلا طعام أو راحة. لقد كان زلزالاً كارثياً لم نشهده من قبل.

- ما التجارب والدروس التي يمكن أخذها من الزلزال الأخير؟

ما حدث علّمنا كدولة وشعب أن نكون أكثر حساسية تجاه الكوارث، وأن خططنا يجب أن تكون على المدى الطويل وبأفضل شكل ممكن، وبالتالي يتعيّن سرعة معاينة وضع جميع المباني على خط الزلزال.

سواء الدولة والشعب، الجميع يبذل كل الجهود الممكنة لمواجهة الكوارث، والمؤسسات المعنية تبذل جهدها لتطوير القدرات على هذا الصعيد، وسنستمرّ في رفع مستوى ذلك.

كيف تقيّمون المساعدات من الخارج، لا سيما من العالم العربي؟ وما حجم هذه المساعدات؟

نحن كمنظمة إغاثة لدينا حضور كبير خارج تركيا، ونحظى بمؤسسات شريكة ومانحة، وكانت تلك المؤسسات على تواصل دائم معنا من مختلف أنحاء العالم، وبدورنا نُطلِعهم على أولوياتنا في هذا الخصوص.

وقف عديد من المؤسسات بجانب بلدنا وشعبنا في هذا الوقت العصيب، لا سيما دول الخليج إذ قدّمَت دعماً كبيراً، إلى جانب الجمهوريات التركية مثل أذربيجان، بالإضافة إلى دول أوروبية أيضاً، لكن في الواقع ما قدّمه إخوتنا في الخليج كان محلّ تقدير.

TRT عربي