آخرها جمع المليارات في ساعات.. كيف جسد الشعب التركي شعار "تركيا قلب واحد"؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

بمشاركة 213 قناة تلفزيونية وطنية ودولية و562 إذاعة من تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية وأذربيجان، نجحت حملة البث التلفزيوني المشترك في جمع تبرعات وصلت قيمتها إلى 115 ملياراً و146 مليوناً و528 ألف ليرة تركية (نحو 6.1 مليار دولار)، في غضون 7 ساعات لصالح المتضررين من الزلزال.

ولاقت الحملة التي حملت اسم "تركيا قلب واحد" وشارك في تقديمها مشاهير أتراك على الهواء مباشرة مساء الأربعاء، استجابة رسمية وشعبية نتج عنها دعم واسع من رجال أعمال وشركات وساسة ورياضيين وممثلين، فيما وُصفت بأنها أكبر حملة لجمع التبرعات في تاريخ الجمهورية.

وإلى جانب المئات من الاتصالات الهاتفية التي تلقاها المشاهير على الهواء مباشرة، بلغ عدد الرسائل النصية المرسلة 9 ملايين و 10 آلاف. ويمكن التبرع للحملة من خلال الحوالات البنكية، أو التبرع بـ50 ليرة تركية لإدارة الكوارث والطوارئ التركية (AFAD) عن طريق كتابة "TEKYÜREK" وإرسالها إلى الرقم 1866، و 50 ليرة تركية إلى الهلال الأحمر التركي (Kızılay) عن طريق إرسال رسالة إلى الرقم 2668.

"تركيا قلب واحد"

أظهرت عاصفة الزلازل، التي تسببت في سقوط عشرات الآلاف من القتلى وأكثر من مائة ألف جريح ودمار هائل أثر بشكل مباشر على حياة الملايين من البشر في 10 مدن جنوبي تركيا، مرة أخرى قوة روح التكاتف والتضامن التي جسدها الشعب التركي لمساعدة المتضررين، سواء من خلال التبرعات المالية والعينية أو المشاركة في أعمال الإغاثة والإنقاذ بالمناطق المنكوبة.

ولتضميد جراح المتضررين من كارثة القرن التي ضربت 10 ولايات جنوبي تركيا، والتي تعتبر الأعنف والأكثر حصداً للأرواح في تاريخ الجمهورية التركية، أطلق الأتراك على المستويين الحكومي والشعبي حملات تضامن كبيرة وواسعة وُصفت بأنها "تضامن القرن".

وفي مداخلة هاتفية، أثناء انطلاق الحملة الأخيرة (الأكبر في تاريخ الجمهورية التركية)، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده تهدف إلى تشييد مبان جديدة وآمنة خلال عام واحد، اعتباراً من بداية مارس/آذار المقبل، مكان كل مبنى تهدم في الزلزال المزدوج. معلناً بذلك قرب انطلاق أكبر حملة إعادة إعمار في تاريخ البلاد.

وتابع أردوغان قائلاً: "نحن نعلم بشكل وثيق كرم أمتنا فيما يتعلق بمثل هذه المواقف من الكوارث الماضية. نأمل أن تظهر أمتنا مرة أخرى شهامتها من خلال تحطيم الرقم القياسي (في جمع التبرعات) اليوم. ولا شك في أننا سنتجاوز هذا العبء بإذن الله من خلال تعزيز قدرات دولتنا بالمساعدات الداخلية والخارجية".

الحكومة والشعب يد واحدة

عقب كل كارثة طبيعية، ومِن مبدأ أنّ تركيا "دولة جمهورية واجتماعية"، تقف الحكومة والشعب يداً واحدة في مدّ يد العون لمساعدة المتضررين عبر التعاون في أعمال البحث والإنقاذ وإطلاق حملات جمع التبرعات المالية والعينية، بجانب المساعدات الفورية التي تقدّمها الدولة ومؤسسات المجتمع المدني للأفراد والعائلات المتضررة.

وبعد ساعات قليلة من عاصفة الزلازل التي ضربت ضربتها الأولى فجر يوم السادس من فبراير/شباط الجاري، هب الشعب التركي بطرق مختلفة للمساهمة في جهود الإغاثة، من الأفراد إلى المنظمات المدنية، ومن الشركات الخاصة إلى المصانع، وكان التضامن والتكافل والدعم واضحاً إذ سعى الجميع لمساعدة المتضررين من الزلازل، كلّ حسب قدراته وإمكانياته.

وإلى جانب المشاركة الواسعة في حملات التبرع بالدم التي أطلقها الهلال الأحمر التركي في جميع أنحاء البلاد، تضامن الشعب بشكل منظم للمساعدة في إنقاذ الناس في المدن التي دمرها الزلزال والعناية بهم، وتضميد جراحهم وتقاسم الخبز والمسكن معهم.

تضامن استثنائي

وبينما هرع البعض بأدوات بدائية لإزالة الكتل الخرسانية الكبيرة وأكوام الحديد، انتشر آخرون في المصانع والمدارس والملاعب والمباني الحكومية والبلدية للمشاركة في جمع المساعدات الأساسية ونقلها وتوزيعها، تحت إشراف "أفاد"، على المتضررين من الزلازل.

وعلى الدوام، اعتاد الشعب التركي إظهار التكاتف والتضامن بشكل سريع ومباشر. فيما سطر البعض أسمى صور الكرم والتضامن، فهناك من شارك في أعمال الإغاثة وعائلته تحت الأنقاض، وهناك من تبرع بالأموال التي جمعها على مدار سنين لأداء مناسك الحج والعمرة، وهناك من تبرع بثمن بقرته الوحيدة من أجل مساعدة المتضررين، وهناك أيضاً النساء اللاتي باشرن في تحضير الطعام وغزل الملابس الصوفية للأطفال في المناطق المنكوبة، فضلاً عن كبار السن الذين لم يبخلوا بالتبرع بمدافئهم وبطانياتهم.

ولا تساعد روح الوحدة والكرم لدى الشعب التركي بتقديم الدعم للمحتاجين وقت الكارثة فحسب، بل تستمر إلى ما بعدها باستمرار تقديم المساعدات في أثناء التعافي أيضاً، إذ تنطلق حملات دعم مالية وعينية مشابهة لمساعدة الدولة في أعمال البناء وإعادة الإعمار.


TRT عربي