تابعنا
في حوار أجرته معه TRT عربي، أكد رائد الصالح، مدير منظمة الدفاع المدني السوري، أن تركيا "بذلت كل الجهود في سبيل تقديم التسهيلات اللوجستية كافة لفتح الطرقات والمعابر أمام أي قوافل مساعدات" متجهة إلى المناطق المتضررة من الزلزال في شمال سوريا.

في حوار أجرته معه TRT عربي، أكد رائد الصالح، مدير منظمة الدفاع المدني السوري، أن الأمم المتحدة "أدارت ظهرها للسوريين وخذلت العالقين تحت الأنقاض"، مضيفاً أن هذا الشيء "غير مقبول في عُرف العمل الإنساني، وهو انحياز وتسييس واضح على حساب أرواح السوريين".

وكانت مناطق شمال غرب سوريا تأثّرَت بشدة بالزلزال المدمّر الذي كان مصدره مدينة قهرمان مرعش في جنوبي تركيا ووقع في السادس من الشهر الجاري، الأمر الذي تَسبَّب في مقتل أكثر من 50 ألف مواطن بكلا البلدين، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 100 ألف، فضلاً عن الخسائر المادية التي ناهزت مئة مليار دولار.

ونوّه الصالح بأن تركيا "بذلت كل الجهود في سبيل تقديم التسهيلات اللوجستية كافة لفتح الطرقات والمعابر أمام أي قوافل مساعدات" متجهة إلى شمال سوريا.

في السياق ذاته، شدّد الصالح على أن منطقة شمال سوريا "منطقة هشة اقتصادياً وبنيتها التحتية ضعيفة، وآثار الزلزال ستكون طويلة الأمد ولن يكون التعافي منها سهلاً أبداً، ويحتاج إلى دعم ومساعدة دولية"، معبراً عن أمله أن يكونوا قادرين على "البدء بخطوات التعافي المبكر" رغم الدمار الكبير الذي لحق بالمنطقة.

وهنا نص المقابلة.

- ما أبرز التحديات التي واجهتموها؟

بدايةً نحن نترحّم على ضحايا الزلزال المدمر الذي وقع في السادس من الشهر الجاري، ونرجو الشفاء العاجل للجرحى.

عندما يكون التحدي هو الزمن، تكون المعادلة صعبة جدّاً والمسؤولية كبيرة، لأن السرعة والاستمرار والصبر تعني إنقاذ الأرواح.

لكننا وزّعنا القطاعات مباشرةً على الأرض وأجرينا تقييماً أوليّاً سريعاً لتحديد توجيه فرق الدعم، لا سيما أن مناطق سجلت أضراراً أكثر من مناطق أخرى، وجرى التعاون مع متطوعين مدنيين كان لهم دور مهمّ في مساعدتنا. لم يكن للتقصير أي مجال، فكل ثانية كانت تعني إنقاذ شخص.

- ما أولوياتكم التي حدّدتموها؟

إنّ الأولوية بعد وقوع الزلزال كانت إنقاذ الأرواح على الأرض، ومنذ اللحظات الأولى أعلنا حالة الطوارئ وبدأت الفرق عمليات الإنقاذ والإسعاف ورفع الأنقاض وإجراء الإسعافات الأولية والمساعدة بالإجلاء والمشاركة بتأهيل مخيمات الإيواء بجانب تقديم الرعاية الطبية للمهجَّرين.

- تحدثتم سابقاً عن مصاعب واجهتكم، ما أهمّها؟

يمكن تحديد نوعين من المعوقات التي أثّرَت نسبياً بعمليات الإنقاذ:

الأول، هو معوقات طبيعية، فقد عرقل التوزيع الجغرافي الواسع للزلزال وما نتج عنه من أضرار في جميع أنحاء شمال غربيّ سوريا، القدرة على العمل مقارنة مع إمكانات المؤسسة، كما أن انخفاض درجات الحرارة والأمطار الغزيرة في أول يومين صعّبت عمليات الإنقاذ، إذ تسببت الأمطار في انهيارات بالركام، فضلاً عن الهزات الارتدادية المتلاحقة التي هدّدت عمل الفرق.

أما الثاني فهو معوّقات تقنية، إذ أثّر نقص المعدات الثقيلة القادرة على التعامل مع كوارث مثل الزلزال قدرة الفرق على الاستجابة في الوقت المناسب، إضافة إلى غياب الأجهزة الحرارية المتطورة القادرة على كشف العالقين تحت الأنقاض، وأيضاً الكلاب البوليسية المدربة. بجانب أن الأضرار لحقت بمباني ومخازن الخوذ البيضاء، ما أدى إلى تلف بعض المعدات المهمة.

- كيف تجاوزتم تلك العقبات؟

كان نقص الآلات هو العقبة الأهمّ، لذلك وُزّعَت وفق تقييم كتل الأبنية والأوزان، واستُعين بآلات تَبرَّع بها مدنيون، كما استأجرنا أخرى، بالإضافة إلى أن الفرق التي تكمل أعمال الإنقاذ في منطقة كانت تتوجه إلى مساندة الفرق في المناطق الأخرى لسدّ العجز في الآلات.

- هل أجريتم اتصالات لطلب الدعم الدولي؟

لقد تواصلنا مع عدة دول حول العالم، وكان الحديث ضمن مسارين: الأول يتعلق بالدعم في الاستجابة العاجلة ودعم فرق الإنقاذ والسكان المنكوبين، والثاني مع بعض الدول والمنظمات الحقوقية يتعلق بالضغط لفتح تحقيق ع المقصرين في الأمم المتحدة وعدم استجابتهم لإغاثة العالقين تحت الأنقاض.

- كيف تقيّمون استجابة الأمم المتحدة للكارثة التي تعرضتم لها؟

نحن نرى أنّ الأمم المتحدة أدارت ظهرها للسوريين وخذلت العالقين تحت الأنقاض وتخلّت عنهم، وهذا شيء غير مقبول في عرف العمل الإنساني، وهو انحياز وتسييس واضح على حساب أرواح السوريين.

كان يمكن للأمين العامّ للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووكيل الاغاثة الطارئة مارتن غريفيث توجيه الأليات والوكالات الأممية كافة للعمل بتفويض مباشر من الأمانة العامة للأمم المتحدة، وتجاوز الصعوبات اللوجستية كافة واستخدام المعابر الممكنة كافة عبر الحدود للوصول إلى شمال غربي سوريا. كما يمكنه توجيه المجموعة الدولية الاستشارية لفرق البحث والإنقاذ INSARAG للتدخل فوراً عبر الحدود في شمال غربي سوريا، وتوجيه فرق دولية للدخول مع معداتها لمساندة فرق الدفاع المدني السوري في جهود البحث. لكن كل ذلك لم يحدث في الأسبوع الأول، وهو الأسبوع الفعلي للاستجابة.

يجب الآن أن يسمع المجتمع الدولي صوت الضحايا الذين لم يسمع صوتهم أحد عندما كانوا على قيد الحياة.

- وماذا عن دور دول الجوار؟

إذا كنت تقصد تركيا فإنّها تعرضت لنكبة كالشمال السوري، فقد طال الزلزال 10 ولايات، ومع ذلك فإنّها لم توفّر أي جهد في سبيل تقديم التسهيلات اللوجستية كافة لفتح الطرقات والمعابر أمام أي قوافل مساعدات يمكن أن تأتي إلى الشمال السوري.

- هل أصدرتم إحصاءات رسمية عن الضحايا والمباني؟

بالتأكيد، فقد وصل عدد حالات الوفاة نتيجة الزلزال المدمر إلى 2274، وسجّلنا نحو 12400 إصابة، كما استجابت فرق الدفاع المدني لـ2171 حالة وفاة، في حين أسعفت نحو 2950 مصاباً، وذلك حتى مساء الأربعاء 15 فبراير، مع استمرار عمليات البحث عن جثث الضحايا في عدة أماكن بريفَي إدلب وحلب.

كما وثّقَت الفرق انهيار أكثر من 550 مبنى، فيما تَضرَّر جزئياً أكثر من 1570 مبنىً، وآلاف المباني والمنازل تصدعت في عموم المناطق التي ضربها الزلزال.

- ما خطة عملكم لما بعد الكارثة؟

أولويات ما بعد الكارثة بالدرجة الأولى هي الاستمرار في تضميد جراح الناس. قد نستطيع تخفيف مصاب الناس لو حصلوا على جثامين ضحاياهم، ونرى في ذلك واجباً كبيراً علينا.

أما بعد عمليات رفع الأنقاض بالكامل فسيبدأ العمل على إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة. فشمال غربي سوريا منطقة هشة اقتصادياً وبنيتها التحتية ضعيفة، وآثار الزلزال ستكون طويلة الأمد ولن يكون التعافي منها سهلاً أبداً، ويحتاج إلى دعم ومساعدة دولية. لن ندّعي أبداً أننا سنتمكن من محو آثار هذا الزلزال المدمر، لكننا على الأقلّ نؤمن أننا قادرون على بدء خطوات التعافي المبكّر.

لقد وضعنا في أولوياتنا أربع نقاط سنعمل عليها، هي:

أولاً: رفع الأنقاض، فهي تشكل خطراً بيئياً ولوجستياً لكونها قد تعوق العمليات الإنسانية من جهة، وتشكل خطورة على حياة المدنيين من جهة أخرى. فقد تتحول إلى بؤر انتشار للأمراض المعدية والأوبئة. وهذا يقتضي مزيداً من الجهود والعمل للتعامل مع هذه المشكلة بمراعاة للقواعد البيئية، وإدارة هذه العملية المعقدة بفاعلية.

ثانياً شبكات المياه والصرف الصحي، إذ تضررت بشدة، بما يفرض ضرورة سرعة إعادة تأهيلها للحدّ من الأمراض مثل الكوليرا.

ثالثاً المساعدة على تأهيل البنية التحتية لمخيمات الإيواء، وهي ضرورية جداً، بخاصة أن المخيمات بُنيَت على عجل وتفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات.

رابعاً تقييم حالة الأبنية، ويشمل هذا الأبنية العامة والخاصة والمرافق الخدمية كاملة من حيث السلامة والأمان، عبر فرق اختصاصية تحدّد الأبنية وتصنّفها وفق معايير مقاومة الزلازل.

TRT عربي