تابعنا
قال الرئيس أردوغان في كلمة ألقاها من ولاية ديار بكر السبت الماضي: "نَعِدُ شعبنا بأن ننجز عملية إعادة الإعمار في غضون عام واحد فقط".

أكدت تركيا على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنها تخطّط لإعادة بناء مئات آلاف المساكن مع بنيتها التحتية والفوقية، وإعادة إنشاء المدن التي تَعرَّضَت لدمار كبير جرّاء الزلازل التي ضربت البلاد في 6 فبراير/شباط 2023.

وقال الرئيس أردوغان في كلمة ألقاها من ولاية ديار بكر السبت الماضي: "نَعِدُ شعبنا بأن ننجز عملية إعادة الإعمار في غضون عام واحد فقط".

وأعقب الزلزال الأول ذا قوة الـ7.7 درجة، زلزال آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجة ومئات الهزات الارتدادية العنيفة، ما زاد حجم الكارثة التي طالت 10 مدن جنوبي تركيا وخلَّفت خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات.

وحسب وزير البيئة والتطوير العمراني التركي مراد قوروم، فإن عدد المباني المنهارة أو المتضررة بشدة في عموم المناطق المنكوبة بلغ 12 ألفاً و141 مبنى.

وبيّن في مؤتمر صحفي عقده الجمعة بمركز التنسيق التابع لإدارة الكوارث والطوارئ (أفاد) بولاية غازي عنتاب، أن بلاده تستعدّ لإطلاق أكبر حملة إسكان بتاريخها في 10 ولايات تضررت من الزلازل.

فهل يمكن تنفيذ ذلك بالفعل خلال عام واحد؟ وإلامَ يُستند في ذلك؟

جهوزية وتطوُّر

على مدار العقدين الماضيين أصبح قطاع العقارات والإنشاءات التركي ضمن أكثر المجالات النشطة والتي تشارك في زيادة نموّ وإنعاش الاقتصاد المحلي.

ومنذ سبعينيات القرن الماضي تواصل شركات المقاولات التركية وضع بصمتها على عديد من المشاريع الإنشائية الهامة حول العالم.

وتنشط الشركات التركية في عديد من القطاعات الإنشائية، أبرزها مشاريع العقارات السكنية والفنادق والمستشفيات ومشاريع البنى التحتية والطرق والجسور والمطارات، فضلاً عن مشاريع محطات الطاقة والسدود، وهو ما يؤكد جهوزيتها لبناء ما دمّره الزلزال.

نجاح شركات المقاولات التركية في سرعة الأداء والجودة العالية، جعل عملها لا يقتصر على السوق المحلية، بل بدأ خلال السنوات الماضية يمتد إلى دول إقليمية وعالمية.

ودخل نحو 42 شركة تركية قائمة مجلة الأخبار الهندسية ENR لعام 2022 لأفضل 250 شركة مقاولات دولية، بزيادة من 40 شركة وصلت إلى القائمة السابقة.

وبلغت الإيرادات المجمعة للمقاولين الأتراك البالغ عددهم 42 في القائمة 20.4 مليار دولار، مما زاد حصتهم في السوق العالمية من 4.4% أو 18.3 مليار دولار إلى 5.1 في المئة.

وقالت جمعية البنَّائين الأتراك (TMM) في بيان، إنه بناءً على الإيرادات الدولية، كانت 8 شركات تركية بين أكبر 100 شركة عالمية.

وفي عام 2019 دخلت 44 شركة محلية القائمة بإيرادات دولية مجمعة بلغت 21.6 مليار دولار، واستحوذت على نسبة 4.6 في المئة.

وبين عامَي 1972 ويوليو/تموز 2022، نفّذ المقاولون الأتراك أكثر من 11,000 مشروع في 131 دولة بقيمة إجمالية 459.6 مليار دولار، حسب صحيفة حريت التركية.

قوة ونجاح

الكاتب التركي عبد الرحمن يلدريم قال في مقال بصحيفة خبر ترك: "المهمّ اليوم هو تشييد المباني المقاومة للزلازل، لدينا القوة الاقتصادية والتقنية للقيام بذلك".

وأردف: "يعمل المقاولون الأتراك بشكل جيد للغاية ونجاح في الخارج، وهم في المرتبة الثانية وأحياناً الثالثة في التصنيف العالمي".

وبيّن أنه "لم تُلاحَظ عيوب أو فساد في الإنشاءات أو المساكن (التي بناها المقاولون الأتراك) في مختلف البلدان حتى الآن".

واحتلّت تركيا المرتبة الثالثة في قائمة مجلة الأخبار الهندسية ENR، إذ جاءت في الصين المرتبة الأولى والولايات المتحدة في الثانية، وهو ما يشير إلى رواج هذا القطاع وتَقدُّمه، ما يمكّنه من تجاوز هذه المرحلة.

ويقول موقع "chambers": "شهد قطاع البناء التركي نموّاً كبيراً في السنوات الأخيرة، وحقّق مكانة بارزة على الساحة الدولية. لقد تطور ليصبح أحد أكثر القوى احتراماً في هذا المجال، وأصبح أيضاً عنصراً حاسماً في الاقتصاد التركي".

وأردف الموقع الذي يعود إلى شركة عالمية مهنية مستقلة: "أثبت مقاولو البناء الأتراك أنهم ماهرون في الاستخدام الخلّاق لطرق بديلة لحلّ الصعوبات في قطاع البناء"، على الرغم من تَهدُّم آلاف المباني.

ويقول الخبراء إنه بالإضافة إلى العوامل الطبيعية، أسهمت المباني القديمة المشيَّدة قبل عام 1999 في زيادة كبيرة بأعداد الضحايا في جنوبي تركيا، إذ لم تستطِع الصمود بوجه الزلزال.

وكثير من تلك المباني بُنيَ دون مراعاة المعايير الهندسية المقاوِمة زلزاليّاً التي فرضتها تركيا بصرامة في قانون البناء الجديد الذي أصدرته في الفترة التي أعقبت زلزال مرمرة عام 1999.

وعلى الرغم من كل الجهود والإجراءات الصارمة التي تبنّتها تركيا بعد وقوع زلزال جولجوك عام 1999 من أجل تقوية المباني وتحسين استعدادات الاستجابة لمثل هذه الكوارث، فإن قوة الزلازل والمنطقة الشاسعة التي ضربتها، فضلاً عن وقوعها فجراً والناس نيام وسط ظروف جوية قاسية، كلها عوامل كانت سبباً في ارتفاع عدد القتلى والمصابين ووقوع أضرار واسعة النطاق على رقعة كبيرة جدّاً، يقطنها ما يقرب من 13 مليون شخص.

نماذج سابقة

وفي أعقاب الزلزال الذي بلغت قوته 6.6 درجة ووقع في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2020 قبالة ساحل منطقة سفيريهيسار في إزمير، بدأت بالفعل أعمال البناء في المساكن المدمَّرة بعد نحو شهرين.

وفقاً لمعلومات من مديرية البيئة والتحضر بالمقاطعة نشرتها وكالة الأناضول في يناير/كانون الثاني 2021، اكتملت أعمال تقييم الأضرار في 215 ألف مبنىً بواسطة 930 موظفاً في جميع أنحاء المدينة.

في إزمير، تضرر 3828 قسماً مستقلا في 679 مبنى بأضرار بالغة، وتَعرَّض 9117 قسماً آخر في 789 مبنىً لأضرار متوسطة.

وطرحت مؤسسة الإسكان التركية (TOKİ) مناقصة بناء لـ71 مبنىً، بما في ذلك المباني التي دُمّرَت في الزلزال في 7 مناطق، ووُضعَت أساسات المباني.

كما تحركت الحكومة التركية لبناء ما دمره الزلزال الذي ضرب ولاية ألازيغ شرقي تركيا في يناير 2020، إذ تَسبَّب في انهيار مبنى من عدة طوابق واندلاع حريق بمبنى آخر، مع مقتل عشرات.

والتحركات السابقة السريعة للحكومة التركية تشير إلى طبيعة الجهود التي تبذلها الجهات المختصة لإعادة بناء ما دمّرَه الزلزال الأخير في جنوبي البلاد.

TRT عربي