لاجئون أفغان بعد عبورهم الحدود الإيرانية باتجاه تركيا (Others)
تابعنا

مع بدء انسحاب الولايات المتحدة وبقية الدول الأوروبية من أفغانستان بعد 20 عاماً من وجودهم هناك، زاد نفوذ طالبان بقوة، وأصبحت تسيطر على أكثر من 85% من الأراضي الأفغانية بعد الفراغ الأمني الذي تركته قوات حلف شمال الأطلسي عند خروجها. وأدى فراغ السلطة وعدم الاستقرار فضلاً عن استمرار التقدم السريع لحركة طالبان في أفغانستان، إلى دفع الأفغان إلى مغادرة بلادهم بسرعة.

وعقب تصاعد أعمال العنف بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية، بدأت موجة الهجرة من أفغانستان إلى إيران وباكستان والدول المحيطة أولاً، فيما حلت تركيا كمحطة ثانية للأفغان الموجودين في إيران. وشهد الشهران الماضيان هجرة أفغانية مكثفة إلى تركيا، حيث أفادت بعض التقارير الإخبارية بعبور ما معدله 1000 أفغاني بشكل غير قانوني كل يوم الحدود الإيرانية باتجاه تركيا.

ووسط موجة اللاجئين الذين يعبرون الحدود الإيرانية إلى تركيا بطرق غير قانونية، ندد صحفيون ووسائل إعلام تركية بطريقة تعاطي السلطات الإيرانية مع الأزمة، وسط تشكيك في وجود أي مساعٍ إيرانية حقيقية للحد من وصولهم إلى الحدود التركية. ووصل الأمر إلى حد توجيه اتهامات مباشرة للسلطات الإيرانية بقيامها بتشجيع وتسهيل حركة اللاجئين عبر أراضيها، ومساعدتهم على عبور الحدود التركية ليلاً.

جهود تركية

في خضم المساعي التركية لوقف الهجرة غير القانونية عبر حدودها مع إيران، زادت وزارة الداخلية من حدة الإجراءات الأمنية المتبعة لمنع العبور غير القانوني للاجئين الأفغان، حيث تم نشر 35 فريقاً مكوناً من 750 عنصراً من شرطة العمليات الخاصة في ولاية وان شرقي البلاد، وأُرسل 500 حارس أمن جديد لزيادة الإجراءات المادية على الحدود الإيرانية، فضلاً عن نشر خفر السواحل في بحيرة وان واستخدام المسيّرات في مهام الاستطلاع والمراقبة.

وفي هذا الصدد، أعلن مكتب والي محافظة وان أن قوات الأمن التركية اعتقلت نحو 1500 مهاجر غير شرعي خلال الأسبوع الماضي، معظمهم من الأفغان قرب الحدود الجنوبية الشرقية مع إيران، بالإضافة إلى 11 مهرباً من العاملين في عمليات تهريب البشر عبر الحدود إلى تركيا.

وفي السنوات الأخيرة، اتخذت تركيا العديد من الإجراءات الجديدة من أجل زيادة أمن حدودها ولمنع الإرهاب والتهريب والعبور غير القانوني، كان أبرزها البدء بأعمال بناء جدار أمني وطريق للدوريات وأبراج مراقبة واتصالات، فضلاً عن نشر المئات من المستشعرات اللاسلكية على الخط الحدودي في مناطق معينة. ولغاية اليوم، اكتملت أعمال بناء 149كم من الجدار الأمني وطريق الدوريات، فيما تم الانتهاء من بناء 90% من أبراج المراقبة البصرية والإلكترونية.

رحلة معاناة تستغرق شهراً كاملاً

تفيد تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن نحو 270 ألف أفغاني نزحوا داخل البلاد منذ يناير/كانون الثاني الماضي، ليصل إجمالي عدد النازحين إلى أكثر من 3.5 ملايين. مئات الآلاف منهم ومن اللاجئين الموجودين في إيران سابقاً يحاولون الوصول إلى تركيا من خلال الاستفادة من مساعدة السلطات الإيرانية التي تسهل انتقالهم إلى الحدود التركية.

وخلال مسار رحلتهم الطويل والشاق إلى تركيا البالغ أكثر من 1200 ميل والذي يستغرق قطعه شهراً كاملاً، يتعرض اللاجئون الأفغان لشتى أنواع المخاطر والصعاب، بدءاً من الظروف الجوية ودرجات الحرارة والبرودة الشديدة خلال المواسم المختلفة، مروراً بالعوامل الطبيعية والجغرافية الصعبة من جبال شاهقة وصحارٍ قاحلة، وصولاً إلى المخاطر التي تنتظرهم على الطريق من أمراض وحيوانات برية وقطاع طرق فضلاً عن حرس الحدود.

ولكثرة المخاطر، لا ينجح سوى عدد قليل في الوصول إلى تركيا. فبحسب حوار أجرته صحيفة "ديلي تلغراف" مع مجموعة من اللاجئين الأفغان الذين نجحوا في الوصول إلى تركيا، قالت امرأة أفغانية: "إنه من بين مجموعتها المكونة من 200 شخص والذين بدؤوا الرحلة، نجح 50 منهم فقط في العبور، حيث أصيب العديد منهم بالمرض وتركوا وراءهم أو اعتقلتهم شرطة الحدود".

وسُجل أن غالبية الذين فروا من طالبان وعبروا الحدود كانوا رجالاً تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاماً، وأنهم وصلوا إلى تركيا بعد رحلة استغرقت شهراً سيراً على الأقدام.

تركيا الأكثر استقبالاً للاجئين

احتلت تركيا المركز الأول عالمياً كأكثر دولة استضافة للاجئين من حول العالم، فبحسب الإحصائيات الرسمية، بلغ عدد اللاجئين على الأراضي التركية قرابة 4 ملايين لاجئ، معظمهم من السوريين الذين بلغ عددهم نحو 3.6 ملايين لاجئ، فيما يتوزع بقيتهم على اللاجئين القادمين من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان والعراق وبعض الدول العربية والإفريقية.

وبعد اللاجئين السوريين، يوجد في تركيا أكبر تجمع للمهاجرين واللاجئين الأفغان، حيث بلغ عددهم أكثر من 500 ألف بحسب بعض الإحصائيات. وسنوياً يتم القبض على عدد كبير من المهاجرين واللاجئين على الحدود الفاصلة بين تركيا وإيران، حيث يتم معالجتهم وإيداعهم مراكز للترحيل من أجل إعادتهم إلى بلدانهم، فبحسب الأرقام الرسمية، تم ضبط 454 ألفاً و662 مهاجراً وطالب لجوء في عام 2019، و122 ألفاً و302 في عام 2020، و62 ألفاً و687 حتى يوليو/تموز 2021.

وتقع تركيا على الطريق بين الدول المرسلة والمستقبلة للمهاجرين واللاجئين، فضلاً عن كونها من أكثر الدول تضرراً من موجات المهاجرين القادمين بطريقة غير قانونية من أفغانستان تحديداً، حيث يستخدمها البعض محطة عبور إلى دول الاتحاد الأوروبي التي ضيقت أبوابها أمام طالبي اللجوء منذ توقيعها اتفاقية الهجرة مع تركيا في 18 مارس/آذار 2016، فيما يستخدمها البعض الآخر محطة أخيرة يستقر بها للعمل والإقامة بطريقة غير قانونية.

TRT عربي