تابعنا
في الذكرى 28 لمجزرة خوجالي، تؤكد السلطات الأذربيجانية أن هذه المجزرة كانت عبارة عن إبادة جماعية لمدنيين أذربيجانيين اقترفتها القوات الأرمنية في حقّهم. مراسل TRT زار أذربيجان وجال على خطّ التماس مع القوات الأرمنية لينقل لنا القصة الكاملة.

أذربيجان ــــ حُفرت أسماء مئات الضحايا الذين سقطوا في خوجالي على لوحات تحيط بالنُّصب التذكاري للمجزرة.

إنها الذكرى الثامنة والعشرون للمجزرة التي تؤكد السلطات الأذربيجانية أنها عبارة عن عملية إبادة جماعية لسكان القرية التي تقع في منطقة كارباخ وتحتلها اليوم قوات أرمنية أعلنت الإقليم الأذربيجاني إقليماً مستقلاً لا يحظى باعتراف دولي.

في حديقة خوجالي بالعاصمة الأذربيجانية باكو التقت TRT عربي بسميرة حسينوفا (40 عاماً)، وكانت تبحث عن اسم والدها الذي لم تستعِد أبداً جثمانه بعد أن قتلته قوات أرمنية غزت القرية في الثاني والعشرين من شباط/فبراير عام 1992.

كان عمرها اثني عشر عاماً عندما حدث ذلك. إذ قتل المهاجمون سبعة من أفراد عائلتها من بينهم جدها وجدتها وشقيقان وخالتان. تقول سميرة إن المسلحين الأرمن كانوا قبل المجزرة يقتحمون مدرستها ويطلقون النار لإرهاب الناس ودفعهم إلى الرحيل، لكن ما حدث في تلك الليلة كان رهيباً.

"استيقظنا مذعورين وطلبت منا أمي أن نرحل فوراً عن القرية. أمسكت بأيدينا وبدأنا بالركض نحو الغابة القريبة. لبسنا كيفما اتفق.."، تروي سميرة رحلة الهروب الصعبة.

وتتابع سميرة لـTRT عربي واصفةً كيف كان المسلحون الأرمن يطلقون النار من الخلف على الهاربين. أصيب شقيقها الذي يصغرها بعامين ففقد عينه، وقُتلت فتاة كانت بقربها برصاصة، ومات الكثير من الأطفال من الصقيع. كان الجو عاصفاً والثلوج تتساقط في تلك الليلة المظلمة من شتاء عام 1992. عبرت سميرة وعائلتها نهراً، واجتازوا جبلاً، مخلّفين وراءهم أحبّة قُتلوا بدم بارد، وحياةً هانئةً لن تعود. ومن بين القتلة كان هنالك من تعرفهم سميرة من قبل، وكانوا جيراناً لهم.

613 ضحية في ليلةٍ واحدة

حسب السلطات الأذربيجانية، فقد بلَغ عدد الضحايا 613 ضحية، من بينهم 63 طفلاً، و106 نساء و70 مُسناً وأُحرِق ثلاثة أشخاص أحياء وعُذّب 56 شخصاً حتى الموت، وأُبيدت ثماني عائلات بأكملها.

في هذا السياق، وصفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذه الأعمال في قرار أصدرته في نيسان/أبريل 1992 بأنها أعمال قد ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ويسعى المسؤولون عن كارباخ الذين هُجِّر نحو 700 ألف من سكانها في الصراع المستمر منذ نحو ثلاثة عقود، إلى إطلاع العالم عليه وتوثيقه وتحقيق العدالة.

يشرح تورال غانجالييف، رئيس الجالية الأذربيجانية في كارباخ الذي التقته TRT عربي في باكو مع ناجين من مجزرة خوجالي، أنّ موقف قادة عسكريين في دولة أرمينيا يعوق، ليس فقط، المفاوضات لحل الصراع بل كل مساعي تحقيق العدالة.

مع ذلك، يبذل غانجالييف جهوداً حثيثة مع مسؤولي المنظمات الدولية المعنية من أجل الضغط على أرمينيا واستعادة الإقليم إلى السيادة الأذربيجانية.

ولا يثني تعثر المفاوضات مع الجانب الأرمني السلطات في باكو عن استمرار تأكيد التزام أذربيجان باستعادة منطقة كارباخ، وهو ما أكدته ليلى عبداللاييفا، المتحدثة باسم الخارجية الأذربيجانية، لـTRT عربي، معبّرةً عن أسفِها لاعتقاد البعض بأن هذا الصراع بات مجمّداً.

مفاوضات سلام صعبة بين باكو ويريفان

تشير عبداللاييفا في تصريحها لـTRT عربي إلى الخروقات المتواصلة بشكل يومي لوقف إطلاق النار على خط التماس بين أذربيجان والقوات الأرمنية، لكنها توقفت عند المباحثات التي عُقدت بين وزيري خارجية أذربيجان وأرمينيا في شهر يناير الماضي، واصفةً إياها بأنها كانت أكثر المفاوضات التي عُقدت خلال السنوات الماضية عمقاً.

وتؤكّد المتحدّثة باسم الخارجية الأذربيجانية أن المفاوضات بين باكو ويريفان لم تتوقف سواء على مستوى رئيسي البلدين أو وزيري الخارجية، مضيفةً أن موقف باكو هو ضرورة استعادة منطقة ناغورنو كارباخ وعودة الناجين والتعايش السلمي بين الأذريين والأرمن في تلك المناطق.

لكن استمرار خرق وقف إطلاق النار على خط التماس، يشير إلى هشاشة الوضع.

جوجوك مرجانلي.. قرية على خط الهدنة

بعد يوم واحد فقط من زيارة TRT لقرية جوجوك مرجانلي في محافظة جبراييل، قالت وزارة الدفاع الأذربيجانية إن القوات الأرمنية خرقت خط الهدنة 27 مرةً من مواقعها المختلفة، وشمل الخرق محافظة جبرائيل، حيث تعرض الجيش الأذربيجاني لإطلاق النار.

وكان المسؤولون والسكان في قرية جوجوك مرجانلي، عبروا خلال زيارة TRT للقرية التي تبعد نحو 300 كيلومتر غربي العاصمة باكو، عن استيائهم من هذه الانتهاكات التي لم تتوقف يوماً.

يُشار إلى أنّ جوجوك مرجانلي هي القرية الوحيدة التي تسيطر عليها القوات الأذربيجانية في محافظة حبراييل، التي لا يزال نحو 80 ألفاً من سكانها نازحين من بين نحو 700 ألف أذري هُجّروا قسراً من كاراباخ.

وقد أعادت السلطات الأذربيجانية بناء مئة وخمسين وحدةً سكنية بعدما كانت القوات الأرمنية دمّرت جميع المنازل فيها مطلع التسعينيات.

وبقيت المنطقة خالية من السكان حتى حررت القوات الأذربيجانية تلّة لالا تابا المشرفة مما جعل القرية أكثر أمناً، واستثمرت فيها السلطات ملايين الدولارات لإقامة بنية تحتية.

في هذا السياق يقول كمال حسينوف، محافظ "جبراييل" لـTRT عربي إنّ السّلطات تخطط لإقامة مصنع بعد أن قامت بتأهيل البنية التحتية وبنَت أيضاً مدرسةً ومسجداً ومستشفى ونادياً.

كما يمارس معظم سكان القرية مهناً زراعية، فضلاً عن تربية الدواجن وحِرفٍ أخرى، وقد روى الذين التقتهم TRT قصصاً مؤثرة عن نزوحهم وتهجيرهم قسراً على يد القوات الأرمنية.

من بين هذه القصص أن أطفال محمدوف وفوسالا كهرمانوفا الثلاثة وُلدوا جميعاً خارج القرية، ولم يعودوا لها إلّا قبلَ سنتين.

ولا يستطيع أيّ من سكّان القرية نسيان ما حصل لهم. عندما استقبلت فوسالا TRT في منزلها مع زوجها وأطفالها ألشان وروفشان ووصال، عبّرت بألم عن الخوف الذي كان ينتابها عندما كانت صغيرة، ورحلة النزوح من مكان إلى آخر التي ظلّت تلاحقها دائماً.

"لا نريد الحرب، نريد استعادة أراضينا بالسّلم والسلام"، تقول فوسالا.

يدعمها في هذا الموقف أيضاً كمال حسينوف، محافظ قرية جبراييل، إذ يقول: "الأذربيجانيون انتظروا 27 عاماً من أجل السلام، لكن الجانب الأرمني لا يعتمد حواراً بنّاء"، مشيراً إلى أن كل تصرفات الجانب الأرمني تؤكّد أنهم لا يرغبون بإعادة كارباخ.

وصفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذه الأعمال في قرار أصدرته بأنها أعمال قد ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية (TRT Arabi)
خلال مجزرة خوجالي أبيدت عائلات أذربيجانية بكاملها (TRT Arabi)
جوجوك مرجانلي هي القرية الوحيدة التي تسيطر عليها القوات الأذربيجانية في محافظة حبراييل (TRT Arabi)
حسب السلطات الأذربيجانية، فقد بلَغ عدد الضحايا 613 ضحية، من بينهم 63طفلاً، و106 نساء و70 مُسناً... (Getty Images)
تؤكد السلطات الأذربيجانية أن مجزرة خوجالي هي عبارة عن عملية إبادة جماعيةلسكان القرية التي تقع في منطقة كارباخ (Getty Images)
TRT عربي