وبعد إخراج جميع مستشفيات الشمال من الخدمة أصبح مستشفى الأهلي العربي "المعمداني" المركز الصحي الوحيد لأكثر من نصف مليون إنسان. / صورة: AA (AA)
تابعنا

بعد تدمير مستشفى الشفاء وخروجه من الخدمة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأول من أبريل/نيسان الماضي، لم يترك سوى مستشفيي العودة وكمال عدوان في محافظة شمال غزة ومستشفى المعمداني في مدينة غزة.

ووفقاً لمراسل TRT عربي محمد أحمد فقد خرج "مستشفى العودة من الخدمة منذ أكثر من 9 أيام، وكذلك الأمر مع مستشفى كمال عدوان قبل 5 أيام، وذلك بعد تقدم آليات جيش الاحتلال وحصارها لهذه المستشفيات".

ويشير مراسل TRT عربي إلى وجود عدد من النقاط الطبية في بعض مراكز الإيواء في منطقة الفالوجا والشيخ رضوان والصفطاوي ومن هناك يجري نقل المصابين بسيارات الإسعاف إلى مستشفى المعمداني الذي تحول إلى المستشفى الوحيد لجميع مناطق شمال الوادي.

وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرضت باحة المستشفى لقصف إسرائيلي أدى لاستشهاد عشرات المواطنين، وعادت قوات جيش الاحتلال في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لحصار المستشفى الذي جرى تأهيله لاحقاً.

وبعد إخراج جميع مستشفيات الشمال من الخدمة أصبح مستشفى الأهلي العربي "المعمداني" التخصصي المركز الصحي الوحيد لأكثر من نصف مليون إنسان.

20 سريراً لنصف مليون إنسان

أضعفت هجمات جيش الاحتلال الإسرائيلي المستمرة على مستشفيات قطاع غزة، والحصار الذي فرضه على إدخال الأجهزة والمواد الطبية من فعالية وقدرة هذه المستشفيات على التعامل مع وضع استثنائي كالحرب في غزة.

ويشير الدكتور فضل نعيم جراح العظام الذي لم يفارق المعمداني منذ يومه الأول إلى أن "المستشفى يستقبل حالات من جميع مناطق شمال قطاع غزة بجميع أنواعها سواء الإصابات والجرحى أم من المرضى العاديين، مثل مرضى السكر والضغط، والأطفال والنساء والولادة. أعداد المراجعين كبيرة جداً، في المقابل المستشفى استيعابه محدود".

ويضيف نعيم في حديثه مع TRT عربي أن "المستشفى في الأصل هو صغير وتخصصي، سعته الأساسية 20 سريراً، لكن اليوم لدينا أكثر من 150 مبيتاً في المستشفى، جرى ملء جميع الفراغات في المستشفى بالجرحى والمصابين، إذ بدأنا نضع الجرحى والمصابين في أماكن غير مخصصة ومهيأة لاستقبال الجرحى مثل بيت الدرج".

وأشار الدكتور فضل إلى أن جميع "العمليات الجراحية المجدولة أُوقفت منذ أكثر من عشرة أيام، والآن نعمل فقط الجراحات الطارئة لإنقاذ الحياة وإنقاذ الأطراف."

عجز في الاحتياجات الطبية

يعد النقص في الإمدادات الطبية والأدوية أخطر ما يواجه العمل الطبي في غزة، كما يحدث في المستشفى المعمداني الذي يقع في مدينة غزة التي يفرض عليها جيش الاحتلال حصاراً خانقاً.

وفي حديث سابق مع TRT عربي أشار الدكتور غسان أبو ستة إلى أن عدم توافر أدوية التخدير كان نقطة الفصل في انهيار القطاع الطبي في غزة وعجزه عن مواصلة أداء مهامه.

وحول وضع المخزون الطبي في المستشفى يشير الدكتور فضل نعيم إلى أن "أغلب المخزون الطبي قارب أو شارف على الانتهاء، وخاصة الشاش الطبي المستخدم في العمليات والغيارات، كذلك الكثير من المسكنات غير موجودة، والمضادات الحيوية، بعض أدوية التخدير غير موجودة، إلى جانب الخيوط المختلفة المستخدمة في العمليات الجراحية، وكذلك الصفائح والبلاتين المستخدمة في الكسور غير موجودة، نضطر لاستخدام أدوات غير مناسبة وغير مخصصة لبعض الإصابات."

مضيفاً أن الإمدادات الطبية لم تصل إلى المستشفى بصورة منتظمة منذ أكثر من أسبوعين، وكمية الأدوية والمستلزمات الطبية التي وصلت "من خلال منظمة الصحة العالمية الكثير منها ليس ما نحتاجه أو بالأهمية المتوخاة منها. وأغلبها من أدوية الرعاية الأولية على خلاف ما تحتاجه المستشفيات".

حالات محكوم عليها بالموت

في الوضع الطبيعي لن يكون بمقدار مستشفى المعمداني تقديم خدماته لهذا العدد الكبير من السكان، وفي ظل وجود حرب وكمية كبيرة من الإصابات الخطيرة يصبح من المستحيل للمستشفى أن يكون قادراً على الاستمرار.

ويسعى الدكتور فضل نعيم رفقة 5 متخصصين وعدد من الأطباء العامين وطلبة كلية الطب والتمريض لتأدية هذه المهمة المستحيلة، إذ يشير نعيم إلى أن "ما نقوم به هو محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فلا يتوافر في المستشفى عناية مركزة، فأي مريض يحتاج إلى عناية مركزة هو محكوم عليه بالوفاة".

ووفقاً لبيانات وزارة الصحة الفلسطينية فقد استشهد منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ما يقرب من 496 من العاملين في القطاع الطبي وأُصيب 1500 آخرون، بينما اعتقل 309 عمال في القطاع الصحي.

ويوضح الدكتور نعيم، الذي فقد والدته بعد أن استشهدت بقصف إسرائيلي، أن "الكثير من الإصابات هي إصابات في الرأس أو الجمجمة، هذه الحالات كذلك لا نستطيع التعامل معها، ما يجعله هو وقدره ونصيبه، بعض الحالات تتوفى وبعضها يستمر في الحياة".

كما يمتد تأثير هذه الأزمة إلى "بعض الحالات التي تحتاج إلى دخول عناية مركزة بعد إجراء العمليات لها، وفي ظل عدم وجود غرف العناية، هذه الحالات تتوفى بعد إجراء العمليات لها".

أما الجانب الآخر من الكارثة فهو التعامل مع "الحالات الأخرى من الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والسكر وأمراض الأطفال وفي ظل عدم توافر الأدوية والاحتياجات يصبح الوضع صعباً".

وفي ظل تراجع معدلات التغذية وانتشار الأمراض المعدية، ومحدودية إمدادات الغذاء، يصبح فتك هذه الأمراض بالسكان موازياً لفعل القذائف والصواريخ.

يذكر أنه في أفضل حالات القطاع الطبي الفلسطيني في غزة، لم يتجاوز عدد الأسرّة في المستشفيات حاجز الـ2500 سرير، مخصصة لما يقرب من 2.3 مليون إنسان.

TRT عربي
الأكثر تداولاً