تابعنا
تواجه أونروا خطر التوقف عن تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين حتى نهاية مارس/آذار المقبل، نتيجة العجز المالي في ظل تقديم خدماتها لقرابة 2.4 مليون فلسطيني في القطاع.

تواجه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مخططات إسرائيلية تستهدف جسم المؤسسة الأممية الشاهدة على قضية أكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني تقدم لهم الخدمات في مناطق عملياتها الخمس (قطاع غزة، والضفة الغربية، والأردن، وسوريا، ولبنان).

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تصاعدت التصريحات الإسرائيلية الموجهة ضد أونروا؛ بين الحديث عن إنهاء عمل المؤسسة واستبدال مؤسسة أخرى بها، مثل برنامج الغذاء العالمي.

ويبدو أن الاحتلال الإسرائيلي، متمثلاً في الحكومة الحالية التي يقودها بنيامين نتنياهو، متحمس لاستغلال الحرب الحالية للقضاء على المؤسسة التي تأسست عقب النكبة عام 1948، لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين والقضاء على حق العودة.

يتضح ذلك في تصريحات وزارة الخارجية الإسرائيلية التي أشارت بشكلٍ واضح وعلني إلى وجود خطة للقضاء على أونروا واستبدال جسم آخر بديل بها في ظل الحرب الأخيرة على غزة التي دخلت شهرها الخامس.

وبرز الأمر عقب قرار محكمة العدل الدولية، حينما أعلن عدد من الدول، على رأسها الولايات المتحدة وكندا ودول أوروبية، تعليق تمويلها للوكالة الأممية بذريعة مشاركة مجموعة من الفلسطينيين العاملين بها في عملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، رداً على الانتهاكات الإسرائيلية.

وتواجه المؤسسة خطر التوقف عن تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين حتى نهاية مارس/آذار المقبل، نتيجة العجز المالي في ظل تقديم خدماتها لقرابة 2.4 مليون فلسطيني في القطاع.

وتتجاوز أهمية أونروا بالنسبة إلى الفلسطينيين مجرد الحصول على الخدمات الحيوية، فهم ينظرون إلى وجودها على أنه يرتبط بالحفاظ على حقوقهم كلاجئين، خصوصاً أملهم في العودة إلى ديارهم التي طُردوا منها هم أو أسلافهم خلال النكبة.

وفي 31 يناير/كانون الثاني الماضي تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، محرضاً على أونروا بقوله إنه "يجب أن نستبدل بأونروا وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة ووكالات مساعدات أخرى إذا أردنا حل مشكلة غزة حسبما نخطط".

ولا تعد هذه المرة الأولى التي تواجه فيها أونروا أزمة وجودية من هذا القبيل، إذ سبق أن تعرضت لأزمات مماثلة في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب الذي جمّد المساعدات المالية التي تدفعها واشنطن لصالحها، إذ تعد أكثر الجهات المانحة.

وتعد الولايات المتحدة من أكثر الجهات المانحة دعماً لأونروا، إذ تدفع لصالح الوكالة الدولية قرابة 300 مليون دولار أمريكي من أجل تغطية خدماتها المقدمة للاجئين في كل من سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة.

مخططات قديمة حديثة

في هذا السياق، يقول مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" ومنسق الحملة الشعبية الدولية، علي هويدي، إن ما يجري حالياً ليس المرة الأولى التي تتعرض أونروا لحملة تستهدف وجودها، إذ سبق أن جرى الأمر في ثمانينيات القرن الماضي.

ويضيف هويدي لـTRT عربي أن "وجود أونروا يُذكِّر دائماً بقضية اللاجئين، إذ إن تقرير محكمة الجنايات الدولية استند إلى تقارير أونروا التي ترفعها عن المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع خلال الحرب على غزة".

ويشير إلى أنه ما دامت الوكالة الأممية تؤدي هذا الدور المتمثل في تذكير العالم بقضية اللاجئين الفلسطينيين، فإنها تشكل كابوساً بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، علاوةً على حالة الإحراج التي تسببها على المستويين السياسي والأمني الإسرائيلي.

ووفق مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين"، فإن إيقاف الدول تمويلها سينعكس بالسلب على خدمات أونروا المقدَّمة للاجئين وتحديداً في القطاع نتيجة استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.

ويلفت إلى أن ذلك سينعكس على 715 مدرسة، ابتدائية ومتوسطة وثانوية، تستضيف نحو 550 ألف طالب وطالبة، سيتوقف العمل بها كلياً، إذ إن الشق التعليمي يمثل ثلثي موازنة أونروا البالغة 1.6 مليار دولار أمريكي.

ويوضح هويدي أن التوقف سيؤدي إلى إقفال 140 مركزاً صحياً في 58 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات أونروا الخمس، وهو ما سينعكس بالسلب على الخدمات الصحية والتسبب في إعدام كثير من المرضى الذين يحتاجون للرعاية الصحية.

ويوضح أن وقف التمويل من المانحين سيؤدي إلى بطالة تمس بقرابة 29 ألف موظف يعملون في مختلف مناطق العمليات، منهم 13 ألف موظف فقط في قطاع غزة، إذ يتقاضى هؤلاء رواتب بقيمة 600 مليون دولار سنوياً.

ويؤكد هويدي أن توقف التمويل من شأنه المس بالمساعدات الإغاثية الطارئة المقدمة في مناطق العمليات الخمس في كل من الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما سيفاقم الأوضاع الإنسانية.

وتحدث وزير الخارجية يسرائيل كاتس، عن أن إسرائيل تبحث عن بدائل لأونروا في قطاع غزة، وإحلال منظمات بديلة محلّها، وعلى رأسها "برنامج الأغذية العالمي".

انعكاسات خطيرة

من جانبه، يقول رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا، إن الاحتلال الإسرائيلي من خلال استهداف أونروا يسعى إلى إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين وتعميق الأزمة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة.

ويضيف الشوا لـTRT عربي أن "أونروا هي العمود الفقري لإدخال المساعدات للقطاع وإيصالها لأعداد كبيرة من النازحين الذين يعانون الأمرّين جراء استمرار الحرب وحالة النزوح المتواصلة من مكان لآخر منذ خمسة أشهر على الأقل".

ويلفت إلى أنه في حال جرى تطبيق وقف تمويل أونروا، فإن ذلك يعني إعدام كثير من القطاعات التي باتت تعتمد بشكل أساسي على أونروا وإنهاء خدمات كثيرة تقدمها المؤسسة الأممية على المستوى الصحي والتعليمي والغذائي والإغاثي.

ويشدّد على ضرورة أن لا يُمس تمويل أونروا في ظل الواقع الحالي الذي يعيشه الفلسطينيون، لا سيما في القطاع والعمل على ضمان استمرارها في تقديم خدماتها في مناطق عملياتها الخمس بما في ذلك قطاع غزة.

أونروا وموقفها

وتلقت الأمم المتحدة معلومات من السلطات الإسرائيلية حول ادعاءات بمشاركة 12 موظفاً لدى أونروا في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل، وفور ذلك اتخذ المفوض العام لأونروا، فيليب لازاريني، قراراً بإنهاء تعيين عدد من الموظفين على الفور، واستعان بمكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية في نيويورك، الذي بدأ تحقيقاً لكشف الحقائق، وعقب ذلك علّق عدد من الدول المانحة تمويل الوكالة بمبلغ تصل قيمته إلى 440 مليون دولار.

وأشارت الوكالة في بيان صحفي، إلى اضطرار عشرات آلاف الأشخاص إلى الفرار إلى الجنوب بسبب القصف والقتال في خان يونس خلال الأسبوع الماضي، إضافةً إلى أكثر من 1.4 مليون شخص مكتظين بالفعل في محافظة رفح الجنوبية.

وقالت أونروا إن معظمهم يعيشون في مبانٍ مؤقتة أو في خيام أو في العراء، وهم يخشون أيضاً أنهم قد لا يتلقون بعد الآن أي طعام أو مساعدات إنسانية أخرى من الوكالة. وقال توماس وايت، مدير شؤون أونروا في غزة ونائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، إن رفح أصبحت "بحراً من الناس الفارين من القصف".

وقال المفوض العام لأونروا فيليب لازاريني: "في الوقت الذي تستمر فيه الحرب في غزة بلا هوادة، وفي الوقت الذي تدعو فيه محكمة العدل الدولية إلى تقديم مزيد من المساعدات الإنسانية، فإن هذا هو الوقت لتعزيز أونروا وليس إضعافها. ولا تزال الوكالة أكبر منظمة إغاثة في واحدة من أشد الأزمات الإنسانية تعقيداً في العالم".

وكرر دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لاستئناف التمويل لأونروا، وقال: "إذا ظل التمويل معلقاً، فمن المرجح أن نضطر إلى إنهاء عملياتنا بحلول نهاية فبراير/شباط، ليس فقط في غزة، بل أيضاً في جميع أنحاء المنطقة".

TRT عربي
الأكثر تداولاً